تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس 15-06-2017 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها محطات قانون الانتخاب ليصبح ناجزاً وتكون الولادة النهائية في المجلس النيابي غداً الجمعة..
الأخبار
النسبية تواجه مأزق البطاقة الممغنطة
تناولت الأخبار الشأن المحلي وكتبت تقول “رسمياً، صار للبنانيين قانون انتخابي جديد، بصورة لم يعهدوها من قبل. النسبية باتت أمراً واقعاً. وصدور القانون يوم الجمعة المقبل عن مجلس النواب لن يكون سوى تحصيل حاصل. والجلسة التشريعية ستمر بهدوء، باستثناء بعض الاعتراضات، أبرزها سيكون من نصيب رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، الذي سيستغلّ الفرصة للتصويب على خصومه، وعلى رأسهم التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. سيسعى الجميّل إلى القول إنه أكثر السياسيين شبهاً بـ«المجتمع المدني»، وإلى تصوير نفسه «خارج الطبقة السياسية».
قبل الوصول إلى مجلس النواب، سقطت غالبية «الإصلاحات» التي نودي بها إلى جانب النسبية. لا خفض سنّ الاقتراع أُقرّ، ولا «الكوتا النسائية». وفي الحالتين، لم تشهد البلاد تظاهرة واحدة «تخيف» القوى التي طبخت قانون الانتخاب. لا تحركات نسائية أو شبابية كبرى هدرت في الشوارع مطالِبة بالكوتا، وبإصلاحات جدية. التحركات كانت محدودة، كمّاً. وكأن بعض الجهات كانت تنتظر من «النظام الحاكم» منحها «إصلاحات» تؤثّر جدياً على صلب النظام، مجاناً، وبلا أي جهد. ثمة حقيقة أُثبِتت مرة جديدة، هي أن القوى التي تزعم تمثيل «الأكثرية الصامتة» عاجزة عن «تحريك الجماهير» للضغط باتجاه إقرار إصلاحات جديىة. كانت معركة القانون نقاشاً بين نخبة، على تحسين النظام الانتخابي لا أكثر. القوى الأخرى غابت تماماً. بعضها شارك في النقاش، فبدا جزءاً من هامش النخبة. أما «المتن الشعبي» الضاغط، فلم يظهر أبداً.
في النهاية، أنتجت الطبقة السياسية قانوناً أفضل من صورتها. هو أفضل ما يمكنها إنتاجه. ولولا التشوهات التي أدخِلت على القانون، لأمكن القول إنه أفضل من الممكن. أبرز تلك التشوهات في دائرة «صيدا ـ جزين». فهذه الدائرة تضم قضاءين غير متصلين جغرافياً، إذ تفصل بينهما قرى قضاء الزهراني، الذي يُسمى أيضاً «قضاء قرى صيدا». ورغم ذلك، وُضِع الزهراني مع صور، وصيدا مع جزين. حتى غازي كنعان، في عزّه، لم يجرؤ على فعل ذلك. ففي قانون الانتخابات عام 2000، وضع بشري مع الضنية وعكار. ورغم التباعد بين الأقضية الثلاثة، فإنها على الأقل متصلة جغرافياً، على الخريطة. تشوّهٌ آخر يتصل بدائرة «صيدا ــ جزين»، يكمن في أنها تضم 5 مقاعد فقط. وفي العادة، إذا أردنا التحدّث عن عدالة انتخابية، وجب اعتماد معيار «شبه علميّ»، ينص على ألا يفوق عدد المقاعد في أكبر الدوائر ضعفي عدد المقاعد في الدائرة الأصغر. وفي حالة القانون الراهن، كان يجب ألا يتجاوز عدد المقاعد في أكبر الدوائر عتبة الـ10 مقاعد (أكبر الدوائر حالياً هي دائرة الشوف ـ عاليه، وتضم 13 مقعداً)، أو ألا يقلّ عدد المقاعد في أصغر الدوائر عن 6 مقاعد.
وفضلاً عمّا تقدّم، ثمة ثغرة كبيرة تعتري إمكانية تطبيق القانون، هي البطاقة الممغنطة. وهذه الثغرة لم تجد بعد من يجزم بإمكان تجاوزها. طابخو القانون اتفقوا على أن يعرّف الناخب عن نفسه، ببطاقة خاصة، ممغنطة، تتضمن معلومات شخصية عنه. وهذه البطاقة ستحل، في مركز الاقتراع، محل بطاقة الهوية وجواز السفر. وسيكون على وزارة الداخلية إيجاد آلية لطبع أكثر من مليوني بطاقة، في غضون أقل من 11 شهراً تفصل عن موعد الانتخابات. ورغم صعوبة تحقيق هذا الهدف، فإن «الداخلية» تجزم بقدرتها على فعل ذلك. لكن، ما الهدف من هذه البطاقة؟ الجواب هو تمكين الناخب من الاقتراع، لمرشحي دائرته، من حيث يسكن (وهذا هدف «ثوري» إلى حدّ ما، بالمقاييس اللبنانية). ولا ضرورة معها إلى الانتقال إلى الدائرة التي ينتمي إليها الناخب لممارسة الحق بالاقتراع. ففي كل قلم اقتراع، سيكون أمام رئيس القلم جهاز موصول بكومبيوتر. وفور تمرير البطاقة الممغنطة على الجهاز، ستظهر معلومات عن الناخب: هويته ومكان قيده. سيدلّه رئيس القلم إلى الصندوق المخصص لدائرته (وهذا يفترض وجود 15 صندوقاً داخل كل قلم اقتراع). وثمة احتمال آخر أن يكون الصندوق موحّداً، لأن الفرز سيكون إلكترونياً. ما يعني أن كل قلم اقتراع سيكون مجهّزاً بآلة لقراءة أوراق الانتخاب. وهذه الآلة موصولة بكومبيوتر، موصول بدوره بشبكة كبرى، تصل كل مراكز الاقتراع بمركز إلكتروني ضخم، سيمكّن من تسجيل اسم كل ناخب (لمنعه من الاقتراع مرة ثانية)، وسيسمح بفرز الأصوات. ما يجري الحديث عنه هو نظام ينتمي إلى عصر أحدث التقنيات في العالم، لكن في بلد بنيته التحتية ونظمه تكاد تنتمي إلى عصور ما قبل الثورة الصناعية.
أسئلة عديدة تطرح هنا: هل فعلاً أن الدولة اللبنانية قادرة على تحقيق ذلك؟ وما الذي يضمن عدم تدخّل قرصان ما، للتلاعب بالنتائج التي ستُفرز إلكترونياً (مجدداً، ينبغي التذكير بأننا في لبنان)؟ ولماذا إلزام المواطنين بالحصول على بطاقة ممغنطة خاصة بالانتخاب؟ لماذا لا يُنشأ نظام إلكتروني قادر على قراءة بطاقة الهوية وجواز السفر، بصورة إلكترونية، ما يتيح للمواطن الاقتراع بهما، بدل إلزام الناخبين باستصدار بطاقة خاصة للانتخابات؟ صحيح أن البطاقة معتمدة في العديد من دول العالم، لكن في بعض تلك الدول، يمكن المواطن أن يستخدم بطاقة هويته بدلاً منها. وفي بعض الدول، كالولايات المتحدة، لا يحتاج الناخب إلى أي بطاقة تعريف (في ثلث الولايات على الأقل). حتى في بعض الولايات التي تطلب من الناخب أن يعرّف عن نفسه، بمقدوره أن يوقّع ورقة بأنه فعلاً الشخص عينه الذي يزعمه، على أن يتقدّم في غضون 10 أيام بوثيقة تثبت صحية هويته. الأمر مفاجئ بعض الشيء، لكنه أمر واقع: أن يذهب شخص إلى مركز الاقتراع، وأن يقول للموظف المعني: «أنا فلان. رقمي كذا». وينتخب، ويغادر.
هكذا، بكل بساطة هي أقرب إلى السوريالية بمعاييرنا. بالتأكيد، لا أحد يطالب بأن يجري اتباع النظام ذاته في لبنان. لكن على الأقل، لا ينبغي إلزام الناخبين بالاستحصال على بطاقة ممغنطة، في بلد لا تزال عشرات آلاف بطاقات الهوية قابعة في أدراج المختارين بعد إصدارها، لأن أصحابها لم يتسلموها، أو لم يعرفوا بصدورها، أو أنها لم تصدر أصلاً. والمقارنة مع الدول الأوروبية تبدو ضرباً من غش المواطنين. ففي تلك البلاد، يتسلم المواطن بطاقته بواسطة البريد. أما هنا، فلا بريد أصلاً. في النقاش الأميركي بشأن بطاقة التعريف عن الناخب (مجدداً، النظام المعتمد في الكثير من الولايات الأميركية يمنح الحق للناخب بأن يقترع من دون إبراز أي بطاقة تعرّف عن هويته، ولهذا السبب اشتكى الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أن ملايين المهاجرين غير الشرعيين صوّتوا لمنافسته)، يجري الحديث عن كون طلب بطاقة تعريف عن الناخب أحد وجوه وضع العراقيل في طريق تشجيع المواطنين على الاقتراع. هنا، يُطلب من الناخب أن يتقدّم بطلب للحصول على بطاقة، لكي يستحق الاقتراع. وطلب البطاقة يعني طلباً من المختار، وصوراً شمسية، وإخراج قيد (هذا الاختراع لا يزال موجوداً!) وبصمات، وانتظار عودة البطاقة بلا أخطاء، في الوقت المناسب!
نقطة سلبية إضافية يمكن وضعها في سجل البطاقة الممغنطة، وهي قدرة الأحزاب الكبرى على مساعدة مؤيديها على الاستحصال على البطاقة، في مقابل عجز القوى الصغيرة، والمرشحين المستقلين، عن القيام بالأمر المماثل. وكأن القوى الكبرى بحاجة إلى دعم إضافي للانتصار على خصومها!
وبعيداً عن تقنيات البطاقة الممغنطة شبه المستحيلة، وعن كونها عبئاً إضافياً على الناخب، ثمة حقيقة ينبغي معرفة كيفية التعامل معها: في بيروت الإدارية، وفي بيروت الكبرى، لا تستطيع وزارة الداخلية تنظيم عملية اقتراع الناخبين حيث يسكنون. عملية الاقتراع في دائرة بيروت الثانية ستشهد على أقل تقدير تصويت 175 ألف بيروتي، يُضاف إليهم نحو 175 ألفاً آخرين. وبعض التقديرات تقول إن الرقم الإضافي سيتجاوز عتبة الـ350 ألف ناخب. وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، سيقترع أكثر من 30 ألف شخص، يُضاف إليهم نحو 70 ألفاً آخرين، على أقل تقدير. هل يمكن أحداً تخيّل قدر الازدحام الذي ستشهده مراكز الاقتراع في هذه المناطق؟ وماذا عن المادة 92 من مشروع القانون التي تقول إن عدد أوراق الاقتراع الرسمية المطبوعة سلفاً، في كل قلم اقتراع، ينبغي ألا يزيد عن عدد الناخبين المسجلين في القلم إلا بنسبة 20 في المئة؟ فهل يعني ذلك أن على الناخب غير المسجّل أن يبحث عن مركز اقتراع شاغر يوم الانتخاب؟ أم أن عليه أن يسجل اسمه مسبقاً في مركز اقتراع محدد؟ أم أن مراكز الاقتراع ستُترك لتشهد يوم 6 أيار 2018 تسونامي من الفوضى غير الخلاقة، ودائماً على الطريقة اللبنانية؟
اللائحة المقفلة واللائحة المفتوحة
في النسبية، لا يعني تعبير «اللائحة المفتوحة» أنّ في مقدور الناخب «التشطيب» أو زيادة أسماء عليها. وتعبير «اللائحة المقفلة» لا يعني العكس. في الحالتين، لا يمكن الناخب اللبناني ممارسة «غريزة التشطيب». اللائحة المقفلة تعني أن اللائحة تكون مرتّبة سلفاً، بما يمنح أفضلية الفوز للمرشحين المدرجة أسماؤهم أعلى اللائحة. مثلاً، إذا تنافست في بعلبك ــ الهرمل لائحتان: لائحة حزب الله ولائحة تيار المستقبل ــ القوات، وإذا حصلت الأولى على 70 في المئة من الأصوات، فإنها تحصل على 70 في المئة من المقاعد العشرة. وتلقائياً، يفوز أول سبعة مدرجين على اللائحة. لائحة المستقبل حصلت على 30 في المئة من الأصوات، فإنها تالياً ستحصل على 30 في المئة من المقاعد، أي 3 مقاعد. يفوز تلقائياً أول 3 مرشحين في اللائحة. لكن اعتماد اللوائح المقفلة مستحيل في لبنان، بسبب التوزيع الطائفي والمذهبي للمرشحين. فمثلاً، إذا رتّب حزب الله مرشحيه في اللائحة المقفلة في بعلبك الهرمل وفق الآتي:
1 ـ سني
2 ـ ماروني
3ــ سني
4 ــ كاثوليكي
5 ـ شيعي
6 ـ شيعي
7 ــ شيعي
8 ــ شيعي
9 ــ شيعي
10 ــ شيعي
وإذا استخدم تيار المستقبل الترتيب نفسه للائحته، عندها، سيفوز أول 7 مرشحين على لائحة حزب الله، وهم سنّيان وماروني وكاثوليكي و3 شيعة، وسيفوز من لائحة تيار المستقبل سنيان وماروني. ما يعني أن الفوز سيكون من نصيب 4 نواب سنة، ومارونيين، وكاثوليكي، و3 شيعة. وهذه النتيحة مستحيلة، لأن القانون يوزّع النواب في هذه الدائرة وفق التوزيع المذهبي الآتي: 6 شيعة، سنيان، ماروني، كاثوليكي.
ولتفادي هذه الفرضية المستحيلة التطبيق، لا بد في لبنان من استخدام اللائحة المفتوحة، أي اللائحة التي لا يستطيع الناخب إضافة اسم أو شطب اسم منها، لكنه يمنح «صوتاً تفضيلياً» إلى مرشح واحد فيها. والصوت التفضيلي يعني أن يضع الناخب علامة قرب اسم المرشّح وصورته، لمنحه أفضلية للفوز على زملائه المرشحين على اللائحة نفسها.
الجمهورية
إسدال الستار على القانون… وانطلاق العجَلة الحكوميَّة والمجلسيَّة
بري ثبّتَ الجلسة التشريعية في موعدها يوم الجمعة
وتناولت الجمهورية الشأن الداخلي وكتبت تقول “عبَر قانون الانتخاب المحطة ما قبل الأخيرة في مجلس الوزراء، وغداً الجمعة تعلَن الولادة النهائية في مجلس النواب، والسبت يومٌ آخر. كان يؤمل لهذا العبور أن يكون سلِساً، وما أكل النقاشُ حوله كلَّ هذا الوقت والاشتباك السياسي الذي أنزَل الجميعَ إلى الحلبة فاختلط فيها حابل العلاقات بنابِلها فتصدّعَت كلّها ودخَل البلد في لعبةٍ كان في غنىً عنها، احترَف فيها الجميع ومِن دون استثناء الرقصَ على حافّة الهاوية.
المهمّ ولِد القانون، وأقرّه مجلس الوزراء بجملة تعديلات، كان الأبرز فيها التمديد التقني لمجلس النواب لمدة أحد عشر شهراً تنتهي في 20 أيار 2008، فيما تَحدّد موعد إجراء الانتخابات في يوم واحد في السادس من أيار 2008، ولقد أشار رئيس الحكومة سعد الحريري إلى جهوزيّة وزارة الداخلية إلى إجراء الانتخابات قبل هذا التاريخ إذا ما وجَدت أنّ ذلك ممكن.
وكذلك تمّ تعليق البنود المتعلّقة بنوّاب الاغتراب إلى الانتخابات النيابيّة المقبلة، وكذلك حول شروط الترشّح للموظفين ورؤساء البلديات، حيث اشترط على رئيس البلديّة ونائبه ورئيس اتّحاد البلديّات الراغبين بالترشّح الاستقالة بعد شهرٍ من نشرِ القانون في الجريدة الرسميّة.
كما أنّ ما بَرز في التعديلات إقرار البطاقة الممغنظة، التي ستتيح للمقيمين الاقتراع من أماكن سكنِهم، وكذلك لغيرِ المقيمين من اللبنانيّين الاقتراع خارج لبنان عبر استخدام البطاقة.
إلى ذلك، يُفترض أن تُعلن رسمياً ولادة القانون الجديد من مجلس النواب، والآن فقط يمكن القول إنّ الستّين مات ودفِن إلى غير رجعة، وإنّ هناك حقبةً جديدة قد فتِحت لقانونٍ هو الأوّل من نوعه مجهولِ النتائج لا يستطيع أيٌّ من الطبّاخين وخصوصاً أكثرهم خبرةً ودهاءً وذكاءً أن يرسم صورةَ تلك النتائج التي يفترض أن تَظهر بعد الانتخابات التي ستجري على أساسه ربيع العام المقبل.
هي حقبة جديدة في ظلّ قانون مجهول الأب والأم، لا يستطيع أيّ من القوى السياسية أن يعلن أبوَّته له، ذلك أنّ الولادة كانت أقرب إلى «شركة حلبية «، كلُّ طرَف أدخَل فيه التفصيلَ الذي يعتقد أنه يَخدمه، وهذا الاعتقاد سيذوب حتماً إذا ما حملت نتائج الانتخابات في القانون مفاجآت لا أحد يستطيع أن ينفي حدوثَها من الآن.
بصرفِ النظر عمّا إذا كان هذا القانون مُلبّياً أوّلاً لنسبية يؤمل منها أن تفتح الطريق إلى تمثيل سليم لكلّ شرائح ومكوّنات المجتمع اللبناني فإنه يبقى القانون الأصعب كونه يشكّل الاختبار الأصعب لتنفيذه للمرّة الأولى في تاريخ لبنان، ومَكمن الصعوبة هو أن لا يكون القانون الذي وصَف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إقرارَه بـ«الإنجاز الكبير»، وسمّاه رئيس مجلس النواب نبيه بري «أفضل الممكن» وسمّاه رئيس الحكومة سعد الحريري «قانون اللحظات الأخيرة»، قد صيغَ على عجَل أو سلِق سلقاً وفي وقتٍ ضيّق لم ينتبه الطبّاخون إلى العثرات والمطبّات التي يمكن أن تتبدّى فيه، وخصوصاً طريقة تعلّم النسبية والتدريب عليها واحتساب النتائج التي قيل إنّها قد تحمل مفاجآت.
في أيّ حال، ما بعد إقرار هذا القانون يومٌ آخر. مجلس النواب مستمرّ في ولايته والحكومة تعود إلى الدوَران مجدداً، ويفترض أن تكون الخطوة الرئاسية الأولى بعد إقرار القانون غداً فتحُ دورة استثنائية لمجلس النواب بما يطلِق العجَلة التشريعية لإقرار سلسلة المشاريع الملِحّة، سواء المطلبية منها أو الحياتية والاجتماعية أو الاقتصادية أو كلّ تلك البنود التي تتّصل بإطلاق عجَلة الدولة التي تفَرملت طيلة فترة الاشتباك حول القانون.
مرجع سياسي
وإذا كان لبنان سيطلّ السبت على مشهد جديد فإنّ أولويات هذا المشهد تُخبر عن ذاتها بذاتها وتتبدّى في الملفات الساخنة وكيفية مقاربتها، إذ لم يعد، في رأي مرجع سياسي، مسموحاً إغماضُ العين على كلّ الموبقات المشكو منها، وأوّلها الفلتان الأمني والقتل المجاني الذي يزهِق حياة الأبرياء ويدخِل كلّ المواطنين من دون استثناء في خوف على مصيرهم وخشية من أن يَخرجوا من بيوتهم ولا يعودوا، بل يسقطون في كمين لزعران الشارع والشبّيحة وتجّار الموت والعابثين بأمن البلد وهيبة الدولة».
ويضيف المرجع لـ«الجمهورية»: «هنا تكمن المهمّة الأولى للدولة بكلّ أجهزتها السياسية والأمنية لاسترداد هيبتها التي عبَث بها الزعران، ولعلّ المهمّة الأهمّ تكون في صياغة الاستقرار الداخلي المهدّد من المجموعات الإرهابية الكامنة له عند كلّ مفرق وتتحيّن الفرصة للانقضاض عليه وزرعِ الفتنة بين اللبنانيين، وشعارات التنبيه والتحذير لم تعد كافية، بل المطلوب العمل الجادّ والمسؤول ورفعُ الغطاء عن كلّ المخيّمات التي يلوذ فيها من يكنّون العداء للبنان وأهله».
وقال المرجع: «أمّا وقد استغرقنا كلّ ما استغرقناه من وقتٍ لإنجاز قانون الانتخاب، فإنّ المهم بعد ولادة هذا القانون وبعدما صار الفول بالمكيول أن لا نجدَ أنفسَنا أمام محاولة العبثِ بالوقت من جديد ونهدرَ وقتاً إضافياً البلدُ بحاجة إليه.
إذ لا وقت للمزايدة ولتسجيل النقاط وعرضِ العضلات، بل إنّ الوقت هو للعقلانية، ولعلّ ما جرى على حلبة الاشتباك الأخير يشكّل حافزاً للقوى السياسية جميعِها بأن تدخل في مراجعة ذاتية لا بل مراجعة نقدية لكلّ الأداء ولكلّ ما حصَل وما نتج، وليس الاستمرار في المكابرة والطيش السياسي والثبات على المواقف التي كادت في لحظة معيّنة أن تدفع البلد إلى الهلاك».
وخَتم المرجع: «إذا افترضنا أنّ ما حصل إنجازٌ، فالكلّ شركاء في هذا الإنجاز، لقد انتهى اللعب على حافّة الهاوية وآنَ أوان اللعبِ على حافة الانتقال إلى مرحلة تأسيس الدولة كدولة وترسيخِ استقرارها، وهنا تتبدّى المسؤولية المشتركة للعمل الجادّ وليس فقط للتغنّي بالإنجاز وإطلاق الشعارات والكلام الكبير حول القانون، والتنافس على أبوّتِه، فهذا قد يؤدّي إلى أن نُصابَ بما أصاب العميان: «مِن كِتر الملحسِة على وجه ابنهم عموه».
مجلس وزراء
وكان مجلس الوزراء قد انعقد في القصر الجمهوري في بعبدا أمس، في جلسة وصَفتها مصادر وزارية بالمثالية، من حيث الهدوء الذي سادها، والتفاهم الذي أحاط بالنقاشات حتى حول الأمور التي ظلّت محلَّ تحفّظ. وعلى هامش الجلسة انعقدَت اللجنة الوزارية التي أنهت الصياغة الأخيرة للمشروع الجديد، قبل أن يُحال إلى مجلس النواب لإقراره، وربطاً بذلك أعلن رئيس المجلس النيابي نبيه بري تثبيتَ الجلسة التشريعية في موعدها يوم غدٍ الجمعة، على أن تُعقد في الثانية بعد الظهر.
الرؤساء
واعتبَر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إقرارَ قانون الانتخاب، إنجازاً كبيراً، ولفتَ إلى أنه قد لا يتمّ تحقيق عدالة التمثيل بالمطلق ولكن ما تمّ التوصّل إليه هو خطوة إلى الأمام»، فيما اعتبره بري في «لقاء الأربعاء النيابي» بأنّه أفضلُ المستطاع لأنه ينقل البلد إلى ما هو جديد، ويعطي الأملَ للّبنانيين للتأسيس لبناء مرحلةٍ جديدة، ونأمل أن يكون لخير ومصلحة اللبنانيين جميعاً».
وأشار إلى «أنه كان من الممكن أن يكون القانون أفضل، ولكنّ النتيجة جاءت بعد توافقِ الجميع على هذه الصيغة». مشيراً إلى «أنّ المرحلة التي تفصلنا عن الانتخابات يجب أن نستثمرَها بورشة تشريعية، وتكون فرصة لإعادة بناء مؤسسات الدولة وتنشيطها في كلّ المجالات».
وفي السياق ذاته جاء موقف الرئيس سعد الحريري عبر تغريدةٍ معبّرة، قال فيها: «اليوم أزفّ إلى اللبنانيين إنجازاً وطنياً بعد مسار طويل من التباينات التي أصبحت في ذمّة التاريخ».
من جهةٍ ثانية، سُئِل الحريري عن قول أحدِ النواب إنّ قانون الانتخاب الجديد معقّد مِثل أصحابه، في إشارةٍ إلى النائب وليد جنبلاط، فردّ الحريري: «ما هوّي واحد من أصحابو».
باسيل
وفقَ المعلومات فإنّ الوزير جبران باسيل أبلغَ مجلسَ الوزراء أمس أنّ موضوع العتَبة للمرشّح يشكّل نقطةً أساسية ما زالت ناقصةً في قانون الانتخاب. ووعَد بأنّه سيستمرّ في المعركة بعد إقرار القانون لاستكمال تصحيح التمثيل.
كذلك تحدّثَ عن «عيوب في القانون، من الضروري تصحيحُها حتى لو عدنا إلى تعديل القانون قبل الانتخابات النيابية، هذه العيوب هي طريقة الفرز واللائحة غير المكتملة»، مشدّداً على اقتراع المغتربين واللوائح المختلطة، أي حضور المرأة وخفض سنّ الاقتراع للشباب.
وأوضَح باسيل أن «كنّا قبِلنا ألّا ينتخب المنتشرون في هذه الدورة الانتخابية لأنّ الوقت لم يكن يَسمح بذلك، أمّا وإن أصبح الوقت يسمح فنطلب إشراكَهم في هذه الدورة»، متسائلاً «لماذا نخسر ٤ سنين لإشراكهم»؟
أبي خليل
وقال الوزير سيزار أبي خليل لـ«الجمهورية»: «إنّها الحكومة الأولى التي تُنجز قانون انتخابات يَسمح بإشراك الجميع ويجدّد الحياة السياسية». وشدَّد على «أنّ هذه الحكومة هي حكومة منتِجة، إذ إنّها في فترة قصيرة أنجَزت مشروع قانون الموازنة ومراسيم النفط وقانون الانتخاب، وستُنجز الحكومة مشاريع أخرى كثيرة تكون لمصلحة اللبنانيين».
اللواء
مجلس النواب يُقِرّ غداً التمديد.. و انتخابات النسبية بعد 11 شهراً
بعبدا تتحدّث عن تمثيل ناقص.. والكتل تستعد لإعتراضات في المجلس
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “قبل 6 ايام من نهاية ولاية مجلس 2009، وبـ6 ساعات اقل او اكثر ولد قانون انتخابي جديد للبنان، على اساس النظام النسبي المجهول في المواد والتطبيق والنتائج.
على ان الأهم بتاريخ 14 حزيران، هو التمديد للمجلس النيابي مدة 11 شهراً، من دون ان يعني ذلك انتظار كامل هذه المهل، فربما ترتئي وزارة الداخلية اجراء الانتخابات في مدة 6 او 7 اشهر، كما اعلن الرئيس سعد الحريري بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء، التي عقدت في القصر الجمهوري برئاسة الرئيس ميشال عون، وبعد خلوة سبقت الجلسة، وعقدت بين الرئيسين عون والحريري.
وفيما اعتبر الرئيس عون اقرار مشروع قانون الانتخاب على اساس 15 دائرة والمؤلف من 8 فصول و125 مادة..
(تنشر «اللواء» نصه ص 3-4-5) «بالانجاز الكبير» مع ان عدالة التمثيل بالمطلق لم تتحقق بالكامل، لكنها خطوة الى الامام، ذهبت محطة «O.T.V» ابعد من ذلك إذ اعتبرته ابرز انجاز قانون انتخابي للبنان منذ 91 سنة، واصفة ما حدث، في عهد الرئيس عون ثورة بلاده، وبالوان دينامية، وبالثورة التي شغير الحياة السياسية في لبنان.
وإذا كان الرئيس نبيه بري، وصف القانون بأنه «كان افضل المستطاع لانه ينقل البلد الى ما هو جديد» وسارع الى تحديد موعد الجلسة النيابية لاقراره بمادة وحيدة عند الساعة الثانية بعد ظهر الجمعة في المجلس النيابي، على ان ينشر بعد ذلك في الجريدة الرسمية ليصبح نافذاً.
اعتبر الرئيس الحريري ان «مشروع القانون خطوة متقدمة نحو نظام انتخابي يحمي قواعد العيش المشترك ويفرز شروط الاستقرار السياسي والامني».. واصفا التمديد الذي لجأت اليه الحكومة بأنه تقني..
ولاحظ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ان في القانون اخطاء بنيوية وتقنية، لا بد من ان يصححها مجلس النواب، واول خطأ هو حرمان المغتربين 5 سنوات من حقهم في التمثيل..
.. وخارج تعليقات المعنيين المباشرة، طويت صفحة المخاوف من الفراغ، وفتح البلد امام آفاق تغييرات، لا احد بامكانه التوقع اين تذهب، لكن الثابت ان شبح الازمة الداخلية ذهب، على ان تتجه الانظار لمرحلة جديدة من التحالفات..
مجلس الوزراء
لم تشهد جلسة مجلس الوزراء امس اية نقاشات موسعة حول بنود قانون الانتخابات باعتبار ان اللجنة الوزارية الموسعة التي ضمت كل مكونات الحكومة ناقشت التفاصيل والملاحظات في اجتماعها المطول امس الاول والذي خلصت فيه الى الاتفاق على مشروع القانون مع ابداء كل وزير ملاحظاته، لكن الرئيس سعد الحريري استعرض ملاحظات الوزراء وعددهم عشرة بمن فيهم هو شخصيا حيث اثار عدم تضمين المشروع «الكوتا النسائية»، وتم تسجيلها في محضر الجلسة، ومن اراد من الوزراء زاد ملاحظاته، وبلغ عدد الملاحظات المدونة42 ملاحظة، بحسب ما ورد في المعلومات الرسمية.
وكان الوزير علي قانصو المتحفظ الاساسي على مشروع القانون ككل لا سيما حول تقسيم الدوائر وعدم وحدة المعايير والتفضيل على صعيد القضاء، فيما تحفظت الوزيرة عناية عز الدين على إغفال «الكوتا» النسائية، وتضامنت مع الوزير جان اوغاسبيان وابدى عدد من الوزراء ملاحظاتهم عليه، وابرزهم كان الوزير مروان حمادة- الذي تحدث بأسم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط- مسجلا «ان القانون معقد وغير واضح الاهداف ويحمل في طياته اسباب تعثره وربما فشله، واننا مع زيادة عدد النواب لا تنقيصهم لتمثيل المغتربين ولوبعد تسع سنوات، ومع «الكوتا» النسائية ومع خفض سن الاقتراع الى 18 سنة ليتسنى للشباب التعبير عن وجهة نظره في اختيار ممثليه، ولا ننسى المادة 95 من الدستور التي تنص على الهدف السامي بإلغاء الطائفية السياسية».
ولاحظ حمادة ان هناك امور كثيرة صعبة في المشروع ما يجعل مهلة الاحدعشر شهرا قليلة على تطبيقه خاصة موضوع انجاز البطاقة الممغنطة التي لا بد أن يجري التصويت على اساسها.
وسجل الوزير علي حسن خليل ووزراء «حزب الله» ملاحظات على عدد الدوائر وان الافضل لو بقيت ست دوائر بدل15 وان يكون الصوت التفضيلي على الدائرة لا على القضاء، وعلى عدم خفض سن الاقتراع الى 18 سنة، وبينما اعترض خليل والوزير جبران باسيل على إغفال «الكوتا» النسائية، تردد ان وزراء «حزب الله» رفضوها، وسجل الوزير حسين الحاج حسن في المحضر رفضه لها.
اما الوزير طلال ارسلان فسجل اعتراضاً على عدم ضم قضاء بعبدا الى دائرة عاليه والشوف وبقائه دائرة واحدة، فيما سجل وزير «المردة» يوسف فنيانوس موقفا مع الصوت التفضيلي على مستوى الدائرة لا القضاء، وكذلك فعل وزراء «القوات اللبنانية».
وسجل الوزير معين المرعبي اعتراضا على عدم وحدة المعايير في تقسيم الدوائر وتوزيع النواب في المناطق حسب عدد ناخبيها، لا سيما في عكار حيث يبلغ عدد الناخبين 260 الفا لهم سبعة نواب، بينما دوائر عدد ناخبيها اقل ولها عدد نواب اكثر(مثال زحلة ناخبوها 140 الفا ولهم ثمانية نواب).مشيرا الى انه يجب ان يكون لعكار 13 نائبا. واوضحت مصادر وزارية ان موضوعي الانفاق والاعلان الانتخابي وتشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات بقيا في المشروع الجديد.
وقد وقع رئيسا الجمهورية والحكومة بعد الجلسة على مرسومين، الاول يقضي باسترداد مشروع قانون الانتخابات الذي احالته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الى مجلس النواب عام 2012، والثاني بإحالة المشروع الجديد الى مجلس النواب ليعرض على الهيئة العامة في جلسة غد الجمعة بصفة معجل.
ووقع المرسومين ايضا الوزراء المعنيون بالمشروع وهم: الداخلية نهاد المشنوق، والخارجية جبران باسيل، والاعلام ملحم رياشي والمالية علي حسن خليل والعدل سليم جريصاتي.
وعلق الرئيس عون على اقرار المشروع الجديد عبر صفحته على «تويتر» قائلاً: «هذا القانون هو لكل من همشتهم القوانين الانتخابية السابقة، وهو ولادة حياة سياسية جديدة للبنان».
وسبق الجلسة الحكومية خلوة بين الرئيسين عون والحريري، اتفق في خلالها على التمديد التقني لمجلس النواب حتى 20 ايار من العام 2018، على ان تجري الانتخابات خلال الـ60 يوماً التي تسبق انتهاء ولاية المجلس، أي في الاحد الاول من شهر أيّار، الواقع في السادس منه. كذلك حسمت مسألة تقديم رؤساء البلديات الراغبين في الترشح إلى الانتخابات النيابية في مهلة شهر من نشر القانون في الجريدة الرسمية، بعدما كانت هذه الفترة الزمنية (أي سنتين في القانون السابق) مادة سجالية في الساعات الماضي.
ومع أن الرئيس عون كان يفضل اجراء الانتخابات في مُـدّة أقصاها تشرين الثاني الا انه وافق على رغبة الرئيس الحريري بأن تكون مُـدّة التمديد الثالثة للمجلس النيابي بين ثمانية إلى سنة، لاعتبارات تتعلق بتمكين وزارة الداخلية من إنجاز البطاقة الممغنطة والتي سبق للوزير المشنوق ان اكد انه يحتاج إلى ثمانية أشهر، وزاد الرئيس الحريري على هذا الاعتبار مسائل أخرى تتعلق بمكننة الفرز وتدريب الجهاز الاداري وشرح آلية القانون الجديد للناس، فضلا ًعن أن لوائح المرشحين ستكون مطبوعة سلفاً من قبل الداخلية.
واستناداً إلى هذا الاتفاق، دخل الرئيسان عون والحريري إلى الجلسة، وأبلغا الوزراء بما تمّ الاتفاق عليه، وتشكلت على الأثر لجنة وزارية من ثمانية وزراء يمثلون مختلف القوى السياسية الممثلة في الحكومة، إعادة قراءة المشروع والذي سبق أن وزّع على الوزراء صباحاً، لصياغته مجدداً وتنقيحه وإضافة التعديلات الجديدة، واستغرقت اللجنة في مهمتها هذه قرابة الساعتين في قاعة مجاورة فيما انصرف مجلس الوزراء في خلال هذه المدة إلى جدول أعماله العادي المؤلف من 47 بنداً وأقر معظمه، وبينه البند المتعلق بصرف مبلغ 52 مليار ليرة مستحقات الاساتذة المتعاقدين قبل عيد الفطر، بناء لطلب وزير التربية مروان حمادة، والموافقة على طلب وزارة الاقتصاد دعم زراعة القمح والشعير واستلام محصوليهما، وتسمية الدكتور محمد امين فرشوخ ممثلاً للبنان في المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الكسو).
وحرص الرئيس الحريري بعد الجلسة التي استغرقت قرابة أربع ساعات، على أن يزف نبأ إقرار مشروع قانون الانتخاب بشخصه، معلناً وفاءه بالوعد الذي قطعته حكومته في بيانها الوزاري، مشيراً الى ان الانتخابات ستحصل بعد تمديد تقني سيستمر 11 شهراً، واعتماد البطاقة الممغنطة.
ووصف ما حدث بأنه إنجاز تاريخي كبير، وتابع: «عادة كانت القوى الحكومية تعمل لقوانين تناسب مصالحها، الا انه ولاول مرّة في لبنان، قامت الحكومة بوضع قانون يسمح لمن هم خارجها بتمثيل صحيح، وللمرة الأولى يضع اللبنانيون قانوناً، ولو أن ذلك تحقق بعد نقاشات طويلة كانت في بعض الاحيان حادّة، مؤكداً على ضرورة وضع شرح مفصل للقانون، مشيراً الى برامج ستضعها وزارة الداخلية وكذلك الاحزاب السياسية لشرح تفاصيل هذا القانون للمواطنين والادارة، واعداً باجراء انتخابات حديثة وشفافة.
واللافت في سياق حواره مع الصحافيين، ردّ الرئيس الحريري على كلام النائب وليد جنبلاط الذي وصف القانون «بالمعقد على غرار اصحابه»، فقال أن جنبلاط هو «احد اصحاب هذا القانون»، فيما غرد جنبلاط مجدداً أمس، محاولاً تصحيح الموقف فقال: «المهم التعامل مع الأمر الواقع بعد صدور القانون والاستعداد للانتخابات، انها مرحلة جديدة وجميعنا ساهم فيها».
لقاء الأربعاء
من جهته، ثبت الرئيس نبيه برّي دعوته إلى عقد جلسة عامة لمناقشة القانون الجديد عند الساعة الثانية من بعد ظهر غد الجمعة للتصديق على القانون قبل ثلاثة أيام من انتهاء ولاية المجلس في 20 حزيران الحالي، على امل ان يستعيد المجلس دوره التشريعي في فترة التمديد الجديدة له، علماً ان هذا الأمر يحتاج إلى مرسوم لفتح دورة استثنائية حتى يتمكن المجلس من إقرار المشاريع والاقتراحات المدرجة، وفي مقدمها الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب.
ونقل النواب عن رئيس المجلس بعد لقاء الأربعاء قوله عن قانون الانتخابات بأنه «كان أفضل المستطاع لأنه ينقل البلد الى ما هو جديد، ويعطي الأمل للبنانيين للتأسيس لبناء مرحلة جديدة نأمل أن يكون لخير ومصلحة اللبنانيين جميعاً، وان كان هو من داعمي الدائرة الواحدة.
وأشار إلى «انه كان من الممكن ان يكون القانون أفضل، ولكن النتيجة جاءت بعد توافق الجميع على هذه الصيغة». وقال: «إن المرحلة التي تفصلنا عن الانتخابات يجب ان نستثمرها بورشة تشريعية، وتكون فرصة لاعادة بناء مؤسسات الدولة وتنشيطها في كل المجالات».
وجدّد برّي القول انه سيطرح القانون على التصويت بمادة وحيدة بعدما اشبع درساً من قبل القوى السياسية ومعظم الكتل النيابية، وهو سبق للجان المشتركة أن دخلت في تفاصيله واقرت قرابة 64 مادة من أصل 125، الا أن هذا لا يعني اسقاط حق النقاش عن النواب.
البناء
مساعٍ روسية مع تركيا والأردن لفتح المعابر الحدودية مع سورية للترانزيت
الانتخابات في 6 أيار… وأمّ المعارك في دائرة زغرتا بشرّي البترون الكورة
قانصو: نتحفّظ على تقسيم الدوائر عدداً ومعايير والصوت التفضيلي في القضاء واستبعاد الشباب
صحيفة البناء كتبت تقول “يتقدّم الجيش السوري بثبات نحو كل اتجاهات الجغرافيا السورية فيقاتل في الجنوب على جبهات درعا ويقترب من المعابر الحدودية مع الأردن، وكذلك في شمال الوسط ما بعد حلب وشمال الغرب على الساحل ويقترب من المعابر الحدودية مع تركيا، وفي قلب سورية حول دمشق صار على أبواب مدينة دوما، بعدما تحرّرت أغلب مناطق الغوطتين بالحسم العسكري أو بالتسويات والانسحابات، وفي ريف دمشق صارت المعارك على أطراف البادية، وفي ريفي حمص وحماة كل يوم إنجاز شرقاً وجنوباً وشمالاً وتوسّع في رقعة السيطرة حتى صارت مناطق الانتشار التي يسيطر عليها المسلحون جزراً يقترب وقت قطافها بمصالحات وانسحابات أو بدخول الجيش والحلفاء عنوة إليها، وتتركّز المعارك الكبرى الراهنة والمؤجلة منها على محورين، واحد مع داعش يطال نصف البادية حتى الحدود مع العراق ونصف الرقة ونصف دير الزور، وثانية لا تبدو راهنة مع جبهة النصرة والجماعات الملتحقة بتركيا في إدلب وريفها وما يقع تحت سيطرتها من ريف حلف. وتهتمّ موسكو سياسياً ودبلوماسياً بتثمير هذه الإنجازات بالتهدئة مع الأميركيين حول الحاجة لتزخيم القتال على داعش من دون معارك جانبية كالتي تورّط بها الأميركيون في البادية بوجه الجيش السوري والحلفاء، خصوصاً بعدما حسم واقعياً بلوغ الجيش السوري خط الحدود مع العراق. وبالتوازي تتحرّك موسكو على خطي أنقرة وعمان بحجز مقاعد لهما في مسارات الحل السياسي من بوابة أستانة، ومناطق التهدئة، على خلفية فشل كل منهما في المراحل التي تورّط خلالها في الحرب على سورية، وبيدها معادلة التقدّم العسكري السوري نحو الحدود مع كل منهما وتلوّح بجزرة فتح المعابر الحدودية بتواصل مباشر بين الأجهزة الحكومية السورية وكل من الأجهزة الحكومية الموازية في أنقرة وعمان، لتأمين فتح المعابر الحدودية لخط الترانزيت الأوروبي باتجاه الخليج العابر لسورية انطلاقاً من تركيا وصولاً إلى الأردن.
لبنانياً، حان وقت أول الحصاد لشهور من الانتظار والقلق بالإعلان عن ولادة قانون الانتخابات الجديد، وتحديد موعد الانتخابات المقبلة في شهر أيار من العام المقبل، ليتولى المجلس النيابي تصديق القانون يوم غد الجمعة وينصرف بعدها لمهام التشريع وعلى جدول أعماله إقرار الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب المؤجلتين، بينما تنكبّ أجهزة وزارة الداخلية على إعداد العدّة اللوجستية للانتخابات من تدريب الكوادر وتجهيز البطاقة الممغنطة التي نصّ عليها وسواها من المتطلبات التي ينص عليها قانون الانتخابات للمرة الأولى.
كشف الحساب الأول مع القانون الجديد يطرحه السؤل الشبيه بالسؤال الذي وجّه لرئيس الحكومة سعد الحريري يوم قبوله ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، ألم يكن من الأفضل لو قبلت قبل سنتين بما قبلت به اليوم ما دام القبول ممكناً؟ ألم يكن من الأفضل تجنيب البلد هذه الانتظارات والمخاطر وانعكاساتها الأمنية والاقتصادية في بلد يعيش بالثقة على غد واضح في مجالي الأمن والاقتصاد، وكلما اهتزت الثقة بالغد الواضح اهتز حبل الأمن وترنّح الاقتصاد، واليوم يسأل الذين وافقوا وكانوا يعترضون ويقترحون البدائل ويتمسّكون ببقائها على قيد الحياة لقد كان أمامكم هذا القانون منذ البداية وما دمتم قد قبلتم به اليوم ألم يكن ممكناً القبول به من قبل وتجنيب البلاد هذه المخاطرة والمغامرة ببلوغ الهاوية، وما رتبته من خسائر وأضرار على الاقتصاد والأمن، باهتزاز الثقة بالغد الواضح؟
يُكتب لحزب الله ثباته على النسبية وفوزه بها، ويُكتب للرئيس بري رفضه الطروحات الطائفية في التأهيل والتفضيل وثباته عند الرفض حتى الفوز به تنزيهاً للنسبية عن مرض التشوّهات الطائفية الفاقعة، ويُكتب لرئيس الجمهورية منح تياره ورئيسه كل فرص التفاوض وشدّ الحبال لتمرير مشاريعه الانتخابية، لكن تغليبه في نهاية المهل مسؤوليته الوطنية والدستورية على الحسابات كلها بعدم السماح ببلوغ البلاد الهاوية، فكان له تحقيق وعده في خطاب القَسَم بقانون جديد يتقدّم بالبلاد نحو تمثيل أشد صحة، ولو لم يكن كاملاً. فقد دخلت النسبية الحياة السياسية اللبنانية في عهد الرئيس ميشال عون وتلك البصمة ستُكتب له في التاريخ السياسي والوطني للبنان، ويُكتب للرئيس سعد الحريري أنه لم يتوقف كثيراً أمام حسابات الربح لمقعد هنا وخسارة مقعد هناك فتخلّى عن فئوية ضيقة بإلغاء كل شركائه في طائفته وارتضى لعبة لا يسهل التكهن سلفاً بنتائجها، ومثله يُكتب للنائب وليد جنبلاط ولو أنه نال دائرة على مقاسه وحده دون سواه، أنه أزال الفيتو الذي وضعه على النسبية منذ البدايات.
أخيراً ولد القانون وبدأت الحسابات الانتخابية، ورغم كل التوقّعات والحسابات في الدوائر كلها والجدل المفتوح في صالونات السياسة حول الدوائر كلها وأحجام الكتل كلها، تبدو دائرة البترون الكورة وزغرتا بشري ذات المقاعد العشرة مرشحة لتشهد أم المعارك، ففيها ثلاثة مرشحين لرئاسة الجمهورية وزير الخارجية جبران باسيل والنائب سليمان فرنجية ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.
في دائرة الشمال المسيحية تقول انتخابات 2009 إن عدد المقترعين يقارب الـ110 آلاف صوّتوا وتوزّعوا وفقاً لنتائج الأقضية الأربعة على تكتلات للتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وتيار المردة والحزب السوري القومي الاجتماعي وتيار المستقبل، ومناصري المرشحين جبران طوق وميشال معوض وأنصار الوزير بطرس حرب، وأن التحالفات التي ستضع المردة والقوميين وحرب وطوق في لائحة موحّدة ستضمّ التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والمستقبل ومعوّض في لائحة مقابلة. وفي دراسة لنتائج 2009 تبدو الأصوات التي نالتها الكتلة الأولى قاربت الـ40 ألفاً بينما نالت الكتلة المقابلة 70 ألفاً، وفيما يسعى ثنائي التيار والقوات عبر تحالفهما لمحاصرة زعيم المردة بنتيجة تتراوح بين 9 مقابل 1 أو 8 مقابل 2، يسعى المردة لجعل النتيجة 7 مقابل 3 على الأقل بمقعدين في زغرتا ويضمن تمثيلاً في الكورة أو البترون، أو التمثيل بكليهما مع مقعد الحد الأدنى في زغرتا، أو 6 مقابل 4 بمقعدين في زغرتا ومقعد في كل من البترون والكورة، ويكون التغيير كبيراً إذا تمكّن من بلوغ الـ5 مقابل 5 بإحداث الخرق في بشري أو ضمان المقعد الثاني في الكورة، وبنتيجة 9-1 أو 8-2 سيكون باسيل قد خطى خطوات هامة نحو الاستعداد الرئاسي، وبنتيجة 3-7 أو 4-6 سيكون فرنجية قد حجز طريقه للترشيح، وتبقى المفاجآت في ما يُضمر جعجع لعلاقته بباسيل بعد الانتخابات التي لن يكون للمجلس الذي تنتجه حظ انتخاب الرئيس العتيد وفقاً لمدة ولايته ومدة ولاية رئيس الجمهورية بفارق ستة شهور، على الأقل.
الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي كان من أوائل دعاة اعتماد النسبية الكاملة في لبنان دائرة واحدة وتطبيق نص المادة 22 من الدستور بصيغة مجلس نيابي منتخب خارج القيد الطائفي وإنشاء مجلس للشيوخ، سجَّل تحفظاته على القانون الجديد بعناوين أبرزها ما يتصل بعدم اعتماد معايير موحدة لتقسيم الدوائر ولعدد هذه الدوائر وأحجامها الصغيرة التي تؤذي اعتماد النسبية وتقلّل من فاعليتها، وللصوت التفضيلي في القضاء بدلاً من الدائرة الانتخابية وللتهرّب من إقرار تخفيض سن الاقتراع.
الحكومة أقرّت «القانون» والمجلس يصدّق غداً
قبيل نهاية ولاية المجلس النيابي بخمسة أيام وبعد ثماني سنوات من الوعود السياسية الكاذبة للبنانيين بإنجاز قانون انتخاب جديد يحقّق تطلّعاتهم ويلبي طموحاتهم ومن تأجيل الانتخابات النيابية وفرض التمديد للمجلس الحالي مرتين متتاليتين، ولد قانون الانتخاب الموعود بدوائره الـ 15 على أساس النسبية الكاملة بعد مخاضٍ شاق من المفاوضات، وبعد أن دارت مشاريع وصيغ واقتراحات القوانين التي طرحت بالجملة على الطاولة دورتها ورست في النهاية على قانون مجهول «الأب» والهوية في ظل الخلاف بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على أبوّته. فهو خرج من وحي لجنة بكركي عام 2013 ومن رحم قانون الوزير مروان شربل في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ومن صيغتي التأهيل الأولى الذي قدّمها رئيس المجلس النيابي نبيه بري وأعاد الوزير جبران باسيل طرحها معدلة ورعاية النائب جورج عدوان لجلسات المشاورات في ربع الساعة الأخير.
المولود الجديد الذي وُضِع إطاره العام ونُسجت عظامه ذات إفطارٍ رمضاني في بعبدا، تمّ إكساؤه التفاصيل التقنية والقانونية في غرف عمليات اللجان الانتخابية التي تنقلت في اجتماعاتها بين بعبدا وعين التينة وبيت الوسط ووزارتي الخارجية والمالية واكتمل بناؤه التكويني وخرج الى النور بولادة طبيعية من مجلس الوزراء أمس، وإن شابته تشوهات خلقية، لكن تم إنقاذه من الولادة القيصرية، على أن يُصدّق في المجلس النيابي في جلسة الجمعة المقبل. ووصفه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالإنجاز الكبير والرئيس بري بأفضل المستطاع ورئيس الحكومة سعد الحريري بـ»خطوة متقدّمة نحو نظام انتخابي يحمي قواعد العيش المشترك ويعزّز شروط الاستقرار السياسي والأمني».
غير أن رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الذي غرد خارج السرب السياسي أمس الأول بوصفه القانون بالمعقد كأصحابه، عاد أمس ودعا الى التعامل مع القانون كأمر واقع بعد صدوره و»الاستعداد للانتخابات، أنها مرحلة جديدة وجميعنا ساهم فيها».
وأقرّ مجلس الوزراء في جلسته التي عقدت ظهر أمس، في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية مشروع قانون الانتخاب الجديد، إضافة الى عدد من البنود المدرجة على جدول أعماله، ووافق على التمديد التقني لمجلس النواب لمدة 11 شهراً كي يتسنّى إكمال التجهيزات المرافقة للانتخابات ومنها البطاقة الممغنطة.
وسبقت الجلسة خلوة بين رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء سعد الحريري، تم خلالها عرض آخر أجواء الاتصالات والجهود للتوصل الى توافق على القانون الانتخابي الذي سيُعرض على الحكومة، وقد وضع الرئيسان، بحسب ما علمت «البناء» اللمسات الأخيرة للمشروع وناقشا بنود القانون بنداً بنداً قبل طرحه على مجلس الوزراء.
وقالت مصادر وزارية مقرّبة من بعبدا لـ«البناء» إن الرئيس ميشال عون اتخذ قراراً منذ وقت طويل بمواجهة قانون الستين من خلال رفضه توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وإسقاط التمديد للمجلس الحالي بعد تأجيله انعقاد المجلس النيابي لشهر واحد، كما أنقذ المجلس النيابي من الوقوع في الفراغ من خلال إقرار قانون جديد، كما وعد في خطاب القسم، وكما نص البيان الوزاري لحكومة استعادة الثقة وبالتالي رئيس الجمهورية منذ البداية متمسكاً بمشروع النسبية الكاملة لكن ترك للاطراف التفاوض والتوصل الى تفاهم وطني وتحقيق إجماع حوله. وهذا ما حصل قبل أيام من نهاية ولاية المجلس النيابي.
وأشارت المصادر الى أن «تفاهماً بين القوى الرئيسية حصل قبل الجلسة الوزارية على الصيغة النهائية وأبلغت كافة الأطراف أنها ستطرح في جلسة مجلس الوزراء. وبالتالي أقر المجلس القانون بالإجماع وبالتوافق بمعزل عن تحفّظات بعض الوزراء التي دوّنت على أن تدرسها لجنة خاصة».
وعن موقف النائب جنبلاط، أكدت المصادر أن وزراء الحزب الاشتراكي لم يُبدوا أي اعتراض على بنود القانون بل أعلنوا موافقتهم دون تحفظ، فلماذا ينتقد جنبلاط القانون؟
وأوضحت أن «القانون يشوبه بعض التعقيدات نظراً لاعتماد النسبية في لبنان لأول مرة، وبالتالي تحتاج الى برامج وحلقات تثقيفية لشرح التفاصيل للمواطنين. وهذا دور وزارة الداخلية مع رؤساء الأقلام ولجان القيد ودور الإعلام مع المواطنين».
وشدد الحريري على «أننا أمام مرحلة متقدّمة من مراحل الممارسة الديموقراطية، ورهاننا سيبقى دائماً على تطوير هذا الإنجاز». وقال: «لسوء الحظ لم نستطع تمرير موضوع الكوتا النسائية، وكان هناك بعض الاعتراضات على موضوع الدوائر من الوزراء علي قانصو وطلال أرسلان ويوسف فنيانوس، قانون الانتخاب إنجاز تاريخي ولطالما كانت تصلنا في السابق قوانين الانتخاب. وهذه أول مرة يجلس اللبنانيون سوية ويتفقون على قانون في ظل أجواء كانت دائماً إيجابية، وكنا ندعو دائماً إلى عدم تعظيم الأمور. كما أن القانون سيكون فيه للمغتربين في الدورة المقبلة مقاعد وسيكونون ممثَلين».
وردّ الرئيس الحريري على قول جنبلاط بأن «القانون معقد كأصحابه»، قائلاً: «هو من أصحابه».
.. وقانصو وأرسلان وفنيانوس يتحفّظون
وقدّم عدد من الوزراء تحفّظات على مشروع القانون خلال اجتماع اللجنة الوزارية، وسجل رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، الوزير علي قانصو تحفظاً على عدد من البنود على الشكل التالي:
– التحفظ على غياب وحدة المعايير، حيث إن هناك دوائر تتشكل من قضاء واحد، وأخرى تضم قضاءين أو أكثر. وهذا يعكس الخلل في كيفية تقسيم هذه الدوائر، وكذلك في أعداد المقاعد النيابية، حيث في دوائر ثلاثة نواب وفي أخرى 7 إلى 13.
– التحفظ على حجم الدوائر باعتبار أن النسبية تصبح مسحة خارجية، وفق تقسيمات كهذه وتفقد قيمتها الاصلاحية، مؤكداً أن ما يحقق الاصلاح الكامل والشامل ويحقق وحدة اللبنانيين هو مشروع القانون الذي اقترحه الحزب السوري القومي الاجتماعي ويقوم على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة مع النسبية ومن خارج القيد الطائفي.
– التحفظ على عدم خفض سن الاقتراع الى سن الثامنة عشرة. وهي إحدى أبرز الثغرات في قانون الانتخاب، حيث إن الشباب هم قوة التغيير الحقيقية، وتهميشهم وإقصاؤهم عن الإدلاء بأصواتهم وإيصال مَن يمثلهم يعكس نيات البعض وسعيهم المتعمّد لإقصاء الشباب عن لعب دورهم في التغيير.
– التحفظ على الصوت التفضيلي على مستوى القضاء على خلفية أن اعتماد الصوت التفضيلي على أساس القضاء، هو تكريس للنهج الطائفي بحيث إن الصوت التفضيلي بهذا الشكل سيدفع كل جهة إلى انتخاب ممثليها من الطائفة نفسها. وهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، لأنه يتنافى ومفهوم الحالة الوطنية الجامعة.
– التحفظ على أن تكون المقاعد الستة للمغتربين من ضمن الـ128 نائباً، بل يجب أن تكون حصتهم مضافة الى العدد الحالي للنواب، وبالتالي يصبح عدد النواب 134.
تحفظ على عدم إلزامية اللوائح المختلطة.
كما اعترض الوزير طلال ارسلان على دائرة عاليه الشوف، وكان يفضل أن تكون الدائرة الشوف عاليه – بعبدا.
وأشار الوزير يوسف فنيانوس الى أن «حق ترشيح رؤساء البلديات بعد تحديد مدة الاستقالة بستة أشهر حالياً سنتان ». وطالب بالصوت التفضيلي على أساس الدائرة وليس على أساس القضاء.
وتحفّظ الوزير بيار بو عاصي على الصوت التفضيلي في القضاء وكان يفضل أن يكون في الدائرة، وأن يُعاد توزيع ستة مقاعد نيابية من المقاعد الحالية وتخصيصها للمغتربين. وطالب بحق ترشح رؤساء البلديات بأقل من سنتين.
وقال الوزير علي حسن خليل: إنه مع زيادة ستة مقاعد للمغتربين، لكننا ملتزمون الاتفاق. واعترض على إعادة مقعد الأقليات الى الدائرة الأولى في بيروت، وفضل الصوت التفضيلي في الدائرة. وطالب بالكوتا النسائية وبجعل سن الاقتراع 18 سنة، وبالبطاقة الممغنطة، بينما أيّد الوزير حسين الحاج حسن اعتماد البطاقة الممغنطة. فضّل لو كان سن الاقتراع 18 سنة.
وقال الوزير جبران باسيل: «لستُ مع أن تفقد اللائحة غير المكتملة مقعداً إذا لم يكن لديها مرشح لمقعد، ومع استبداله بمقعد آخر. واقترح أن يكون الفرز على أساس طائفي: مسيحي – مسلم أو أن يتمّ على مستوى القضاء وليس الدائرة. وقال: «عتبة المرشح تشكل نقصاً بالقانون، سوف نتابع في المستقبل للحصول عليها. وفي موعد الانتخابات، إذا كانت المهلة تسمح، لا نستطيع إنجاز الانتخابات ولا يكون موضوعا الاغتراب والبطاقة الممغنطة مشمولين فيها، وإلا فلنذهب إلى الانتخابات بأقرب مهلة ممكنة».
«المردة»: منفتحون لكن لن نتحالف مع «التيار»
وقالت مصادر مطلعة في تيار المردة لـ«البناء» «إننا تحفظنا على نقطتين في المشروع وليس على كامل القانون، وهما موضوع الصوت التفضيلي وحق ترشيح رؤساء البلديات. وبالتالي وافقنا على المشروع مع التحفظ على هاتين النقطتين»، وأشارت الى «أننا سنصوت على إقرار القانون بمادة وحيدة في المجلس النيابي»، ولفتت الى أن «إقرار القانون في مجلس الوزراء ليس انجازاً كبيراً كما يقول البعض ولا يستأهل كل هذه الضجة السياسية وإيصال البلاد الى حافة الهاوية»، موضحة أن «القانون كان منذ خمس سنوات في حكومة الرئيس ميقاتي وفي لجنة بكركي وما حصل اليوم إضافة بعض التعديلات التي شوهت القانون ولم تجمّله، لكن الإيجابيات تقتصر على حصول توافق على قانون جديد وادخال النسبية لأول مرة في النظام الانتخابي».
وإذ لفتت المصادر الى أن «التحالفات الانتخابية على أساس القانون الجديد يحددها رئيس المردة الوزير سليمان فرنجية»، أكدت أن «تحالفات المردة ثابتة مع حلفائنا وستتظهر أكثر مع دراسة القانون والدوائر ونحن منفتحون على جميع الأطراف، لكن لن نتحالف مع التيار الوطني الحر».
«الديموقراطي»: سنوافق نيابياً مع التحفّظ
وأشارت أوساط مطلعة في الحزب الديموقراطي اللبناني لـ»البناء» إلى أنه «في حال لم يؤخذ بتحفظاتنا في اللجنة التي كلفت دراسة ملاحظات الوزراء، سنتحفظ في المجلس النيابي على النقطة نفسها، لكننا سنصوّت مع القانون بكامل بنوده»، وأوضحت «أننا كنا نتمنى لو يؤمن القانون الجديد النسبية الحقيقية وليس تشويهها من خلال إدخال تفاصيل معقدة طائفية ومذهبية في القانون الجديد». وتساءلت عن اعتماد معايير مزدوجة لجهة تقسيم المقاعد على الدوائر لا سيما اعتماد بعبدا دائرة واحدة وعدم إلحاقها بالشوف وعاليه». وأضافت: «يجب اعتماد القضاء دائرة انتخابية وبالتالي الشوف دائرة وعاليه دائرة وبعبدا دائرة وإما جمع كل الأقضية في دائرة انتخابية واحدة وبالتالي الشوف وعاليه وبعبدا دائرة واحدة».
وأوضحت الأوساط أنه «من السابق لأوانه تحديد التحالفات الانتخابية، والآن سننكبّ على دراسة القانون الذي يتضمن نقاطاً تفصيلية دقيقة كالصوت التفضلي على أساس القضاء واحتساب الاصوات على مستوى الدائرة. وهذه الأمور لها أهمية كبيرة وحاسمة في تحديد النتائج، وبالتالي على أساسها تنسج التحالفات»، لكنها أشارت الى أن «تحالفات الحزب الديموقراطي ثابتة مع أحزاب المقاومة، لكن تتظهّر أكثر في ضوء القانون الجديد ونحن مستعدّون للتعاون مع جميع الأطراف».
ووقّع الرئيسان عون والحريري ووزراء: الداخلية نهاد المشنوق، والخارجية والمغتربين جبران باسيل والإعلام ملحم رياشي والمالية علي حسن خليل والعدل سليم جريصاتي، المرسوم الرقم 883 الذي يقضي بإحالة مشروع قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب إلى الأمانة العامة للمجلس النيابي بصفة المعجّل، وذلك بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا برئاسة الرئيس عون، والتي شهدت إقرار مشروع القانون الجديد للانتخاب.
بري: لدينا فرصة لبناء المؤسسات
وفور إقرار القانون في مجلس الوزراء وإحالته إلى المجلس النيابي دعا الرئيس بري إلى عقد جلسة عامة لمناقشة قانون الانتخابات الجديد الجمعة المقبل.
ونقل النواب عن رئيس المجلس بعد لقاء الأربعاء قوله عن قانون الانتخابات بأنه «كان أفضل المستطاع، لأنه ينقل البلد إلى ما هو جديد، ويُعطي الأمل للبنانيين للتأسيس لبناء مرحلة جديدة نأمل أن يكون لخير ومصلحة اللبنانيين جميعاً».
وأشار إلى «أنه كان من الممكن أن يكون القانون أفضل، ولكن النتيجة جاءت بعد توافق الجميع على هذه الصيغة». وقال: «إن المرحلة التي تفصلنا عن الانتخابات يجب أن نستثمرها بورشة تشريعية، وتكون فرصة لإعادة بناء مؤسسات الدولة وتنشيطها في المجالات كلها».
ونقل زوار بري عنه قوله لـ»البناء» إن «المساعي الأخيرة التي بذلتها الأطراف كافة والتنازلات المتبادلة حيال النقاط التي أعاقت الوصول الى التفاهم أنقذت ما كان ينتظر لبنان من فراغ في المجلس النيابي والذي بكل تأكيد كان سينسحب تلقائياً إلى باقي المؤسسات»، كما لفتوا إلى «أن الرئيس بري كان ولا يزال على موقفه في ضرورة اعتماد النسبية الكاملة على مستوى الوطن ولو لم نتمكّن من مشروع اعتماد الست دوائر أو الدائرة الواحدة بسبب تعدّد المواقف حول هذا الأمر».
كما نقل الزوار «ارتياح رئيس المجلس للاتفاق الحاصل وإقراره في مجلس الوزراء بالإجماع بعد أن حمل الرئيس بري على كاهله عب المخارج السياسية والدستورية للأزمة والتي تعثرت في الأسابيع الماضية وكما تحمّل مسؤولية ضمان استمرارية المؤسسة التشريعية».
وكما أشار زوار عين التينة الى أن «الرئيس بري واجه الطروحات المذهبية والطائفية وكل المشاريع التي تؤجج الصراعات والتطرف وتعيد لبنان الى مفترقات خطيرة، وأكد أن قوة لبنان ليست في الحديث عن حقوق الطوائف، بل في وحدته الوطنية والإجماع الوطني».
ونقلوا عنه إشارته الى وجود 64 مادة متفاهم عليها في اللجان النيابية ولسنا بحاجة إلى نقاش طويل ومستفيض في تفاصيل القانون في جلسة المجلس النيابي الجمعة».
المصدر: صحف