منذ أيام ويدور الجدل حول عدد الحاضرين لمراسم تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد “دونالد ترامب”، فبعض وسائل الإعلام تحدثت عن أكثر من 1.5 مليون شخص، فيما تناقلت وسائل إعلام أخرى أنه بالكاد وصل العدد لـ 250 ألف شخص، فأي الروايتين يصدق الناس؟ وهنا نتساءل كيف تحصي وسائل الإعلام والجهات الأمنية التجمعات البشرية في المظاهرات والفعاليات الأخرى؟
عدد الحشود في المظاهرات السياسية والاحتجاجات يحمل رسالة سياسية هامة، فتكون نتائج الإحصاء مثيرة للجدل. حين تشاهد إحصاء عدد تجمع معين، فإنك تتساءل من أين جاء الرقم؟ فما لا تعرفه أن هذه المسألة قائمة على إجراء حسابات، وهناك عدة تقنيات تستخدمها وسائل الإعلام، سنتعرف على بعضها.
تقنية جاكوبس
التقنية الأكثر قِدمًا وشهرة هي “تقنية جاكوبس” والتي تعود للصحفي والبروفيسور “هيربرت جاكوبس”. وتعود قصة ابتكاره للتقنية، حين كان ينظر من نافذة مكتبه على ساحة عامة يحتشد فيها طلاب مناهضون للحرب على فيتنام في الستينيات. ولاحظ أن المنطقة التي يقف فيها الطلاب لديها أنماط مكررة مثل الشبكات المربعة، هذا يعني أنه بسهولة يمكنه تحديد عدد الطلاب الذين يحتلون جزءًا معينًا من المساحة، وذلك بتقدير متوسط العدد الذي يستطيع الوقوف في المنطقة.
على سبيل المثال، وجد جاكوبس أنه في الحشود الأكثر كثافة، كانت المساحة المخصصة لكل شخص 2.5 قدم مربع (0.24 متر مربع) مع مراعاة أنه الحد الأقصى الذي يمكن أن يُعقَد فيه الحشد بأمان، حيث لا يمكن بعد ذلك وضع المزيد من الناس بدون حصول حوادث. ومنها توصل إلى تقنية جاكوبس والتي تقوم على تقسيم المنطقة التي يحتشد فيها الناس إلى شبكات مربعة، وتحديد متوسط عدد الأشخاص في كل مربع، وضرب عددهم بعدد المربعات التي يشغلونها. هذه التقنية عملية دقيقة إن تم الإحصاء من جهة غير متحيزة، وإن كان العدد محصورًا في منطقة محددة.
اليوم يتم الاعتماد على التقنيات المتطورة فأدوات مثل جوجل إيرث تعرف على وجه الدقة حجم الموقع ومساحته، وبتقسيمه إلى أجزاء يمكن معرفة عدد الحشود بسهولة. وقد تشمل تقنيات إحصاء التجمعات، الليزر، والأقمار الصناعية، والتصوير الجوي، ونظم الشبكة ثلاثية الأبعاد، ولقطات الفيديو المسجلة، وبالونات المراقبة.
قد تكون الحشود منتشرة خارج المكان المحدد، لحساب ذلك أصبحت تقنيات تقدير الأعداد أكثر تعقيدًا وتطورًا، فشركات مثل (Digital Design) و (Imaging Service) تتبنى صيغًا جديدة للتجمعات المتعددة. في إحدى المرات التي تعاونت فيها محطة CBS مع شركة “Digital Design” لإحصاء إحدى المظاهرات الكبيرة، قامت بفحص المكان وإنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد مع المواقع المحتملة لأن تكون الأكثر كثافة، مع النظر للصور التاريخية لأحداث مماثلة، وكانت النتيجة توقع عدد الحشود التي تتجمع في المكان.
وفي ذروة المظاهرة تم إطلاق بالونات مراقبة محملة بمجموعة من الكاميرات والتي استطاعت خلال ثوانٍ التقاط لقطات 360 درجة للتجمع وبارتفاعات مختلفة (60م – 121م – 243م). هذه الارتفاعات المختلفة سمحت بالتقاط صور في الأماكن صعبة الرؤية، مثل تحت الأشجار.
ومن ثم تم وضع مزيج الصور على النموذج ثلاثي الأبعاد لإحصاء عدد الرؤوس الموجودة في الساحات والتي تمثل كثافات مختلفة. ولكل كثافة من الحشد، يتم ضرب عدد الأشخاص لكل مربع، في عدد مربعات الحشد، إلى أن وصل العدد الإجمالي لـ 87 ألف. تم تحليل كل بيكسل في الصورة، وتم وضع نقطة لكل رأس. كما عيّنت الشركة شخصًا في موقع الحدث لإجراء عملية إحصاء أخرى، وكانت نتائجه مماثلة تقريبًا لما وصلت إليه عملية الإحصاء التقنية.
المصدر: مواقع