الصحافة اليوم: 21-2-2025 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم: 21-2-2025

صحافة اليوم

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الجمعة  21-2-2025 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.

الاخبار:

صحيفة الاخبارفي وداع السيد: اكتمال التحضيرات وإعادة تأهيل المدينة الرياضية ليوم التشييع الكبير

عادت الروح إلى «المدينة الرياضية» بعد سنوات من الإهمال. ملعب كميل شمعون الشاسع ينغل بالشبان الذين يرفعون الأعمدة لتثبيت الشاشات ومكبّرات الصوت، و«المؤثرين» الحاضرين من العراق لتغطية التشييع في جميع مراحله. الساحة التي كانت موقفاً للسيارات تمتلئ بآلاف الكراسي. لا أعلام لفرق أو منتخبات رياضية، بل أعلام حُمر وصُفر.

في المدينة الرياضية، الأجواء غير حماسية بل كئيبة، أصوات اللطميات والندبيات تصدح أينما كان، وصور الشهيدين السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين الضخمة تستقبلك وتودعك، وشعور أنّ موعد التشييع لم يعد بعيداً لا يفارقك.

لم يكن الملعب بالشكل الذي يبدو عليه قبل القرار باستخدامه لمراسم التشييع. المشهد اليوم نتيجة «ورشة تأهيل طويلة على صعيد تنظيف الكراسي من الصدأ، صيانة الحمامات والمداخل، تركيب الإنارة…»، كما يقول المشرف العام على مراسم التشييع علي ضاهر لـ«الأخبار»، متعهّداً لمجلس إدارة المدينة بـ«تسليمه أفضل مما كان عليه، وعدم إلحاق الضرر بالعشب».

وقد أنجزت الفرق المسؤولة الأمور اللوجستية من نصب الرايات واللافتات وتركيب ست شاشات في حرم المدينة بشكل يسمح بالاستفادة من كل زاوية في الملعب. ومع ذلك، لا يتوقع ضاهر أن يستوعب المكان كلّ الحضور، لكنه يبتعد عن لغة الأرقام في تقدير العدد الإجمالي، ويقول: «خلي تحكي الصورة»، لافتاً إلى أن «القدرة الاستيعابية القصوى للملعب تصل إلى 65 ألف شخص، قمنا برفعها إلى ما بين 80 و85 ألفاً».

«لن يمشي الناس في التشييع، لأن الطرقات ستمتلئ بهم»

وفي خريطة انتشار الحشود، تقدّر اللجنة العليا للتحضير لمراسم التشييع أن تستوعب أرضية الملعب 23 ألف شخصٍ، والجانب الأيمن من المدرجات المخصّص للرجال 20 ألفاً، فيما الجانب الأيسر الذي يتسع لـ 30 ألفاً سيُخصص للسيدات. وبعد امتلاء المدرجات، توجّه النساء إلى مساحة مجاورة تتسع لـ 15 ألفاً، والرجال إلى موقف السيارات الذي يتسع لـ 30 ألف شخصٍ. «ويمكن إفساح المجال للجلوس على الأرض، مع الحرص على ترك مساحة فارغة لتأمين خروج الناس».

قبل أن تبدأ مراسم التشييع عند الواحدة بعد الظهر، «سنقوم بإشغال الحاضرين منذ التاسعة والنصف صباحاً ببرنامج من الأنشطة المرتبطة بالمناسبة». ثم تنطلق المراسم بتلاوة جماعية للقرآن الكريم عبر فرقة «آيات»، وتلاوة النشيد الوطني ونشيد حزب الله عبر الفرقة المركزية لكشافة الإمام المهدي. بعدها، «يدخل النعشان في آلية مخصّصة بحجم القاطرة والمقطورة ومقفلة بالزجاج من خلف السّتار، وتدور حول أرضية الملعب لـ 10 دقائق على صوت الشهيد نصرالله وفقرة وجدانية»، على أن تلي ذلك كلمة للأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم.

السيناريو الذي يتوقعه حزب الله لما بعد مراسم التشييع في المدينة الرياضية أن لا تكون هناك مسارات للمشي في التشييع نظراً إلى العدد الضخم الذي سيملأها كلها، «الناس سيخرجون إلى الطرقات منذ الصباح، وستملأ السيدات خط «BHV» والرجال خط السفارة الكويتية مع جميع متفرعات الخطين». لذلك، «سينصب الشباب حواجز لتأمين مرور آلية نقل الجثمانين الثانية، والأكبر حجماً، بين الناس إلى مكان الدفن»، وقبل وصولها، سيُحمل النعشان على الأكتاف. كلّ هذه المراسم ستقوم اللجنة الإعلامية بتأمين «النقل المباشر لها بأربع لغات: العربية، الإنكليزية، الفارسية والتركية، وباستخدام 96 كاميرا».

على الصعيد الأمني، «نسّقنا مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية وستنتشر عناصرهم إلى جانب عناصر الانضباط في حزب الله لحفظ الأمن». وستكون هناك مضائف شعبية في أماكن التّجمعات ومواقف السيارات والمسارات الرديفة غير الأساسية المؤدية إلى مكان التشييع. أما عن تأمين وصول الناس من المناطق البعيدة، فستشرح اللجنة العليا لمراسم التشييع في المؤتمر الصحافي اليوم، عن الطرقات التي ستكون مقفلة أو مفتوحة أمام الحضور، علماً أن هناك مبادرات فردية لتأمين نقل الضيوف من المناطق البعيدة ومبيتهم، كما «ستُفتتح مؤسسات ومجمّعات ومدارس خاصة لاستقبال الحاضرين مساء غد السبت».

إلى جانب الحضور المحلي، هناك وفود رسمية وشعبية من عدة بلدان، «وأكبر الوفود الشعبية من الجمهورية الإسلامية في إيران والعراق، علماً أنه لو كانت شركات الطيران تنقل الركاب بشكل طبيعي من إيران ولو كانت الحدود السورية البرية مفتوحة كما كان عليه الوضع قبل سقوط نظام بشار الأسد لتضاعف عدد الحاضرين».

1500 متطوّع «صحّي» و100 سيارة إسعاف
يحضّر الدفاع المدني في الهيئة الصحية الإسلامية لتغطية استثنائية لخدمات الإسعاف والإطفاء والإنقاذ والطوارئ في يوم تشييع الشهيدين السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين بعد غدٍ الأحد. ويشارك في لجنة الطوارئ «1500 متطوّع بين مسعف/ة وممرّض/ة وطبيب/ة، موزّعين على 60 خيمة مجهّزة بغرفة عمليات خاصة لاستقبال المصابين والتدخل السريع، إلى جانب 100 سيارة إسعاف ستنتشر على طول مسار التشييع»، بحسب المسؤول الإعلامي في الدفاع المدني محمود كركي.

وفي تفاصيل خريطة انتشار الفرق الصحية والطبية، «سيكون هناك أكثر من 5 أطباء من مختلف التخصصات في 32 خيمة إلى جانبي مسار التشييع في طريق المطار وصولاً إلى مرقد الشهيد نصرالله، و12 طبيباً في كلّ من الخيمتين في المدينة الرياضية، كما ستنتشر الفرق في الطرقات التي سيسلكها الضيوف من صور والنبطية إلى الزهراني ومنها إلى خلدة وعلى خط ضهر البيدر للقادمين من البقاع».

واستعداداً لهذا اليوم على أكمل وجه، «شبّكنا مع الجهات الصحية المختلفة: كشافة الرسالة، والدفاع المدني اللبناني، والصليب الأحمر، وهيئة الإسعاف الشعبي، للانتشار على كل الطرق. كما ستكون المستشفيات القريبة من مكان التشييع في حالة استنفار عالية تحسباً لأي طارئ، علماً أن الخيم الإسعافية يمكنها التدخل الفوري وعلاج المصابين من دون حاجة إلى نقلهم إلى المستشفيات».

والإصابات التي يتوقع الدفاع المدني التصدّي لها بحسب طبيعة الحدث وبعد جولة ميدانية للمخاطر المحتملة وإجراءات السلامة العامة هي «حالات اختناق وإغماء وإصابات قد تنجم عن التدافع والضغط النفسي». وفيما يزيد احتمال وقوع حالات اختناق داخل النفق الذي يمرّ من السفارة الكويتية إلى مستديرة الجندولين «زوّدت الهيئة الصحية المكان بأجهزة أوكسيجين، وشفاطات مربوطة بمنظومة كهربائية خاصّة».

وإلى جانب خدمات الإسعاف، وضعت الهيئة خططاً للإطفاء والإنقاذ، تقوم على «نشر 20 سيارة إطفاء داخل مسار التشييع و10 سيارات خارجه، و25 دراجة نارية مجهّزة بأجهزة إطفاء للتدخل السريع تحسباً لوقوع حوادث سير أو أي خلل كهربائي في الشاشات العملاقة المنتشرة على الطرقات». وعلى صعيد الإنقاذ، «ستكون هناك فرق على الطرق المؤدية إلى مكان التشييع للتصدي لحوادث السير التي قد تعيق حركة المرور».

القوى الأمنيّة في أعلى درجات الجهوزيّة

يفرض تشييع الشهيد السيّد حسن نصرالله على القوى الأمنيّة التحسب لكل السيناريوهات بسبب الحجم غير المعتاد للجماهير التي يتوقّع أن تتدفّق إلى الشوارع. ولهذه الغاية أعدّ الجيش وبقية الأجهزة الأمنيّة خطّة أمنيّة دقيقة، مع رفع تدابير الجهوزيّة إلى أعلى مستوياتها، بما فيها عدد ضخم من العناصر سيكون على الأرض، وعدد مماثل جاهز للتدخّل في حال حصول أي طارئ، علماً أن الجيش وقوى الأمن أصدرا تعميمين بحجز كل العسكريين يوم الأحد.
وقالت مصادر أمنيّة متابعة إنّ التنسيق بين الأجهزة الأمنيّة سيكون على أعلى مستوياته، بعدما شُكّلت غرفة عمليّات مقرّها «ثكنة هنري شهاب» تنسّق بين الأجهزة والقطعات، لحفظ أمن المدينة الرياضيّة ومحيطها، ومحيط مكان دفن السيّد نصرالله. وبالتوازي ستُتخذ تدابير مماثلة في كل المناطق والأقضية التي سيسلكها المُشاركون، والتي سينتشر فيها عناصر أمنيّون من مختلف الأجهزة، على أن تتولى المديريّة العامّة لقوى الأمن الدّاخلي إجراءات تسهيل المرور وفتح الطرقات ربطاً بالازدحام المُرتقب وباحتمال اشتداد العاصفة. كما سيُقفل عددٌ من الطرق المؤديّة إلى مكان التشييع، كجسر عماد مغنية في الضاحية وأنفاق خلدة باتّجاه طريق المطار، وتحويل مسالك المطار، لتحويلها إلى طرقٍ أُخرى. فيما سيتم تأمين مسارات موحّدة للمشاركين، وأُخرى للمغادرين أو الواصلين إلى مطار رفيق الحريري في بيروت بقصد السفر.
ولفتت المصادر إلى أنّ قوى الأمن ستبدأ الإجراءات من اليوم، لتصل إلى ذروتها بعد ظهر غد السبت، من إقفال طرقات ومنع ركن السيارات على جوانب الطرقات في عدد من المناطق المؤدية إلى المكان. وبالتالي، ستكون تدابير السيْر استثنائيّة، مع إجراءات أمنيّة تفرضها قوى الأمن التي ستنتشر أيضاً في عدد من الأماكن، باعتبار أن مهام عناصرها لن تكون محصورة بالسيْر.
أمّا الجيش فسيقوم بإجراءات متعدّدة بعدما رفع درجات الجهوزيّة إلى أعلى مستوياتها، وتحضّر لخطّة ضخمة سينفّذها بعد غد الأحد في الساعات التي تسبق موعد التشييع، على أن ينتشر في العديد من المناطق، مع الأخذ في الاعتبار حجم المشاركة الشعبيّة من مختلف المناطق، إضافةً إلى الفرضيّات والهواجس الأمنيّة، وسبل معالجتها سريعاً، خصوصاً داخل مكان الحدث. وفي هذا الإطار، يفترض أن ينتشر عناصر الجيش عند المداخل المؤدية إلى المكان، وكذلك داخله، وعلى سطوح الأبنية في المناطق والمخيّمات المحيطة بالمدينة الرياضية.
وفي سياق متّصل، أصدر وزير الدّفاع ميشال منسّى قراراً بتجميد مفعول تراخيص حمل الأسلحة على الأراضي اللّبنانيّة كافّة، اعتباراً من الغد وحتّى يوم الثلاثاء، باستثناء حمل الأسلحة صفة دبلوماسيّة، وصفة خاصّة الممنوحة لمرافقي الوزراء والنّواب الحاليّين والسّابقين ورؤساء الأحزاب ورؤساء الطّوائف الدّينيّة، عندما يكونون برفقة الشّخصيّة فقط، إضافةً إلى التراخيص الممنوحة لموظّفي السّفارات الأجنبيّة.

من الشهادة إلى الحياة

كان الاحتلال، صوره وأصواته وإرهابه، محور ذاكرة الطفولة ككل الجنوبيين ممن خرجوا للحياة في زمن العتمة، ما كان يراد له أن يكون «العصر الإسرائيلي» في ثمانينيات القرن الماضي.

ذاكرة الصوت دبابة تقصف وطائرة تهاجم، وذاكرة الصورة نزوح وتهجير إذ نعبر جسر القاسمية سيراً على الأقدام نحو شمال الليطاني، وخروج مبكر مرعب من الدوام الدراسي مع تساقط القذائف في محيط مدينة صور.

لكن ما جعل وعي الاحتلال ممكناً هو ذاكرة الرفض والتحدّي، لوحة كبيرة مرسومة على حائط متواضع في قرية جنوبية لرجل مهاب بعمة سوداء مع عبارة «يا إخواني الثوار أنتم كموج البحر متى توقفتم انتهيتم» فوقها شعار «أفواج المقاومة اللبنانية – أمل»، وفي قرية أخرى صورة على عمود لرجل آخر مهاب بعمّة سوداء مع عبارة «ذوبوا في الإمام الخميني كما ذاب هو في الإسلام». ربط الطفل الجنوبي بين العمّتين والعبارتين، فأدرك أن هناك صراعاً وأنه بشكل ما جزء منه.

في يوم من عام 1993، شاهد الفتى الجنوبي شاباً مهاباً بعمّة سوداء يقول بكل عنفوان: «كانت المعادلة في السابق أنا أفكر إذاً أنا موجود، أمّا المعادلة اليوم فهي أنا أقاوم إذاً أنا موجود»، وتمرّ بعدها على الشاشة مشاهد لشباب يقتحمون مواقع الاحتلال في جنوب لبنان مع صرخات التكبير والتلبية. كان ذلك الأمين العام الجديد لحزب الله السيد حسن نصرالله، وكانت مقولته تلك بمثابة صرخة وعي ووجود، حينها بدأت تتشكّل هوية جديدة وأسئلة جديدة، باختصار كانت تلك لحظة ولادة جديدة لجيل الاجتياح الإسرائيلي عامي 1978 – 1982.

عمّة سوداء لرجل مهاب ستخرج فوق الشمس غداً، خروج يريده القتلة اكتمالاً لنهاية يظنونها، ونريده عهداً وميثاقاً لقيام متجدّد

كان ذلك زمن الاستنهاض، كان السيد نصرالله يصنع وعياً مقاوماً، فهذا عالم لا يفهم إلا لغة القوة والمقاومة هي الخيار الوحيد وقوتها في إيمانها وإرادتها وكفاءتها وقوافل الشهداء هي الرد، فالمشكلة ليست في قوة إسرائيل بل في انهزام العرب من داخلهم. كان حسن عبد الكريم نصرالله يقوم بذلك من داخل صفوف الجماهير والناس العاديين الذين يتشارك معهم هوية مهمّشة. كان يظهر على نقيض الصورة المعروفة للزعامة اللبنانية، فقير خرج من أحياء الضواحي لا يبحث عن سلطة بل صاحب قضية محوريتها الناس ومتوثّب للتضحية لأجلها ولأجلهم في سبيل ربه.

لكن كان لا بد من الأمل ليتحقق الاستنهاض، وهو ما كان بين عامي 1996 و 1997 حيث أثبت السيد نصرالله أمرين في غاية الأهمية: الأول، أنه يمكن للمقاومة فعلاً أن تنتصر وتحمي شعبها (بعد الإنجاز العسكري في مواجهة عدوان عناقيد الغضب). والثاني، أن هذه المقاومة مخلصة وصادقة، إذ شاهد العالم السيد يتحسس بكفه وجهاً مكفّناً في تابوت خشبي، كان ذلك وجه نجله اليافع الذي قاتل الصهاينة في خطوطهم الخلفية. أصبح الأمين العام أباً للشهيد، صار «أبا هادي».

كانت معضلة العرب مع أنظمة ومنظمات حملت عنوان المقاومة أنها لم تصنع نصراً أو حملته للمساومة والتسلّط. كان تلك لحظة للأمل، هناك قائد عربي مختلف تماماً عن السائد، وهناك من استشعر طيف «ناصر» آخر.

كانت الأحداث تؤكد مقولات السيد فتزيده ثقة واندفاعاً وإنجازاً وقد زيّن ذلك بالتحصّن في إنكار الذات وإشراك الآخرين في المنجزات مهما قلّت مساهماتهم، فلا بد من صناعة أمّة المقاومة وليس حزبها فقط. إنه الخامس والعشرون من عام 2000، يقف السيد نصرالله في مدينة بنت جبيل المحررة من العدو الإسرائيلي ملقياً خطاب التحرير ومعلناً «أن إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت» مؤكداً عبارة سلفه بأن «إسرائيل سقطت».

أصبح السيد شديد الثقة بتحرير فلسطين مع توفر الفرصة لدعم الشعب الفلسطيني في هذا المسعى، وهو ما ساهمت في تعزيزه الانتفاضة الفلسطينية الثانية وانسحاب الصهاينة من غزة. فبدأ السيد نصرالله وحزبه يتحولان إلى مشكلة حقيقية لمنظومة الهيمنة الأميركية في غرب آسيا. لم يعد السيد نصرالله حينها قائداً للمقاومة الإسلامية فحسب، بل رمزاً لبنانياً وملهماً إقليمياً.

سرعان ما واجه السيد نصرالله أكبر مخاوفه، الفتنة السنية الشيعية مع بدء الغزو الأميركي للعراق (طرح حينها على الشيعة العراقيين والنظام العراقي الدخول في تسوية داخلية لمواجهة العدوان) ثم اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

ثم شنّت إسرائيل عدواناً على لبنان في عام 2006 تمكّن حزب الله من إحباطه مكرّساً قدرته الردعية والدفاعية عن لبنان وتأثيره المباشر في موازين القوى الإقليمية. وفي ظل سطوة السياسة التوسعية لإدارة جورج بوش الابن حاز الحزب على حضور دولي ضمن القوى الاجتماعية المعادية للإمبريالية.

إلا أن السيد نصرالله وجد نفسه أمام هاجس جديد هو ضرورة التورط داخل النظام السياسي اللبناني بعد الانسحاب السوري من لبنان، بالتوازي مع بدء مرحلة متقدّمة من الحرب السياسية الأميركية ضد حزب الله وفق مفهوم «مكافحة التمرد».

بدأ السيد يتحول إلى شريك كامل في إدارة وقيادة تحالف إقليمي يتبنى المقاومة والممانعة، يقع مركزه في الجمهورية الإسلامية في إيران. وفيما كان هذا المحور يجد نفسه أمام فرصة تاريخية لتغيير موازين القوى في الصراع مع المشروع الصهيوني، تحرك النظام الرسمي العربي بقيادة أميركية إلى تنشيط صراع إقليمي مذهبي في المشرق العربي وفق غايات جيوسياسية، ولا سيما بعد اندلاع «الربيع العربي».

وهنا تجدر الإشارة إلى مسارعة السيد تجديد ندائه الذي وجّهه إلى المعارضة العراقية عام 2003 بدعوة أنظمة المنطقة للدخول في تسويات سياسية مع قوى المعارضة وداعياً الأخيرة إلى تجنب الاقتتال الداخلي والاستعانة بالخارج. وهكذا تم جر محور المقاومة إلى حروب استنزاف متواصلة، استنزاف مادي وسياسي، أرهقته ودفعته للتمترس الهوياتي وإن نجح في حماية ساحاته الأساسية من الانهيار. شملت هذه المرحلة سلسلة واسعة من اغتيالات لقيادات مركزية في محور المقاومة، راكمت عبء القيادة الإقليمية على السيد وفتحت له مجالات واسعة للحركة في الوقت عينه. أدركت واشنطن ذلك فكثّفت من برامج عملها لاستنزاف حزب الله سياسياً وشعبياً واقتصادياً داخل الساحة اللبنانية.

مثّلت معركة «سيف القدس» (2021) في غزة فرصة للسيد لاستعادة المبادرة حيث عاد الزخم للصراع المباشر مع العدو الإسرائيلي والتئام الجرح بين حركة حماس ومحور المقاومة.

بعدها مباشرة توسّع المد النضالي المقاوم في الضفة الغربية في خضم تصاعد تاريخي للانقسامات داخل كيان العدو. حاول محور المقاومة استغلال هذه المرحلة لتسريع جهود بناء القوة والتكامل البيني بالموازاة مع تقدّم الجهود الأميركية لاستكمال التطبيع والتشبيك العسكري والاقتصادي من ناحية ومواصلة الضغط المستدام والنامي على ساحات المحور لإنهاكها وتكبيلها من ناحية أخرى. إلا أن تصاعد المقاومة داخل كيان العدو وتخبطه والتحولات الجارية في البيئة الدولية، جعلت السيد يقدّر أن عامل الوقت لا يزال يميل لصالح المحور. وقد تشارك مع الإمام السيد علي الخامنئي الدعوة إلى جعل دعم المقاومة المتنامية في الضفة الغربية في رأس الأولوية.

ثم كان السابع من أكتوبر 2023، وقد حسم السيد خياره سريعاً، فلا مفر من دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته دون مغادرة المسار الرئيسي لمحور المقاومة وهو الاستنزاف التراكمي نظراً إلى التقديرات حول موازين القوى.

كان السيد ينطلق من إدراك أن واشنطن وتل أبيب ستحاولان استغلال «طوفان الأقصى» لتوليد فرصة تاريخية لتصفية المقاومة داخل غزة وخارجها وتنشيط مسار التطبيع.

كانت فكرة الإسناد محاولة للموازنة بين تقليص احتمالات انتصار العدو في غزة وضبط احتمالات الحرب الإسرائيلية على لبنان. لم تخلُ هذه الحسابات الاستراتيجية من إصرار السيد على التزاماته الإسلامية والأخلاقية والقومية تجاه الشعب الفلسطيني. ظهر السيد قائداً لجبهة إقليمية في الخط الأمامي ساعياً لوقف الإبادة الإنسانية في قطاع غزة، في مواجهة النظامين الدولي والإقليمي معاً.

طالما تحدّث السيد عن ما يمكن لخيارات القادة أن تحدثه من فرق عند المنعطفات التاريخية، وهي خيارات أخلاقية واستراتيجية معاً. كان سعيه أن يُسقط الحرب من يد واشنطن وتل أبيب، الحرب على لبنان والمنطقة وليس غزة فقط، وهو ما تؤكده المخططات المستجدّة للتهجير والتوطين التي ترتجف هلعاً منها أنظمة الخيارات «العقلانية».

اختار السيد طريقه دون أن يضلّ فلم تُغْرِه سلطة ولم تُخِفْه أساطيل إمبراطورية الشر، طريق بدأ مع المستضعفين ووصل به قائداً لهم في وجه مستكبري العالم وشهيداً للإنسانية في مواجهة الإمبريالية. صنع السيد مصيره، وبذلك فرض على عدوه أنه حتى حين يتمكن من قتله أن يفعل ذلك وفق شروطه.

لم يكن أمام العدو إلا أن يقتل السيد في ذروة الصراع وأكثر لحظاته نقاء ووضوحاً، الحق كله في مقابل الباطل كله، قتلاً استلزم إسقاط 85 طناً من المتفجرات على رجل واحد.

بذلك تحقّق للسيد أن يكون «حسين عصره»، فاتحاً وشهيداً وروحاً ثورية ستؤرق قاتليه لسنوات طويلة مقبلة، وإرثاً حياً يتجدّد مع كل دورة للظلم والطغيان، وتكبيرة حرية مع كل صلاة. عمّة سوداء لرجل مهاب ستخرج فوق الشمس غداً، خروج يريده القتلة اكتمالاً لنهاية يظنونها، ونريده عهداً وميثاقاً لقيام متجدّد.

إعلاميو جنوب العالم يحجّون إلى بيروت

رغم اشتداد المعركة الإعلامية ورفع القنوات المعادية للمقاومة جهوزيتها وشنّها حملات تخويف وترهيب وتفرقة وتحريض، إلا أنّ يوم الأحد المقبل سيشهد زحمة إعلامية نادرة في بيروت لتغطية تشييع السيد حسن نصر الله. مئات الصحافيين من مختلف الجنسيات سيحجّون إلى بيروت وسط حضور لافت للمؤثرين على صفحات السوشال ميديا الآتين من اليمن والعراق بشكل خاصّ.

«إنا على العهد» هو الشعار الذي رفعه «حزب الله» عنواناً لتشييع الشهيدين السيدين الأمينين العامين لحزب الله السيد حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، الذي سينطلق من المدينة الرياضية وصولاً إلى المثوى الأخير على طريق المطار.

سيكون الحدث بمنزلة تشييع شعبي حاشد واستفتاء لجمهور المقاومة، فيما ترافق الشعار مع دعوات للمشاركة الواسعة في وداع الشهيد نصر الله، وتصدّر الشعار صفحات السوشال ميديا ووسائل الإعلام الداعمة للمقاومة.

هكذا، سيكون الأحد يوماً إعلامياً طويلاً، وستفتح (غالبية) الشاشات العربية والمحلية هواءها باكراً للبثّ المباشر وتغطية الحدث، لكن السؤال الأهم الذي يطرح حالياً: كيف ستغطي القنوات الحدث؟

في هذا السياق، اشتدت المعركة الإعلامية قبل أيام من موعد التشييع، وانطلقت حملات مدروسة لمهاجمة المقاومة التي كانت تتحضّر ليوم التشييع المهيب بعد أشهر على اغتيال السيدين إبان الحرب التي شنها العدو الإسرائيلي على لبنان. غزت الشاشات الصغيرة وصفحات السوشال ميديا حملات ضغينة قامت على التحريض وبث الخوف منعاً من المشاركة الشعبية في يوم الوداع. لكن رغم تلك الحملات، سيشهد تشييع السيدين زحفاً إعلامياً قلّ نظيره.

500 صحافي ومصوّر

تلفت المعلومات لنا أنّ إلى أكثر 500 صحافي ومصوّر سجّلوا أسماءهم رسمياً لدى دائرة العلاقات الإعلامية في «حزب الله»، للحصول على ترخيص لتغطية الحدث. وتشير المصادر إلى أنّ ذلك الرقم ليس ثابتاً، بل سيفوق العدد الرسمي المسجَّل، مع وجود عدد كبير من الصحافيين الذين يعملون بدوام حرّ (فريلانسر)، ويعتمدون على هواتفهم النقالة في تغطية الحدث.

وصول فرق إعلامية عراقية ويمنية إلى بيروت قبل
أسبوع من التشييع

أضف إلى ذلك مشاركة المئات من المؤثرين والناشطين على صفحات السوشال ميديا من العراق واليمن ودول أميركا اللاتينية والمغرب العربي، الذين سينقلون لحظة التشييع مباشرةً في الفضاء الافتراضي.

وتوضح المعلومات أنّ العلاقات الإعلامية في الحزب، بدأت قبل أسابيع، التحضير للحدث عبر تأمين المواد الإعلامية اللازمة للصحافيين من صور وبيانات رسمية تتعلق بالتشييع. وستعمل الدائرة على تسهيل عمل الصحافيين لتقديم المحتوى المطلوب بشكل سريع، إلى جانب جولات ستقام لاحقاً للصحافيين، في ضاحية بيروت الجنوبية، وفي حال سمح الوقت، ستخصص زيارات لبلدات الجنوب المحررة وفقاً لبرنامج كل قناة.

حضور عراقي ويمني

تكشف المعلومات أنّ الصحافيين الـ 500 المسجلين لدى دائرة العلاقات الإعلامية في الحزب، ينتمون إلى أكثر من ثلاثين جنسية عربية وأجنبية. من العراق، جاء مراسلو قنوات «الأنوار»، و«كربلاء»، و«الغدير»، و«اليقظة» و«الاتجاه» وغيرها. كما يحضر الإعلام الفلسطيني بشكل قوي، ومحطة «اللؤلؤة» البحرينية.

ومن اليمن، أرسلت قناتا «الساحات» و«المسيرة» فريقها إلى بيروت، إلى جانب قناة «نبأ» السعودية المعارضة، ومروحة واسعة من الإعلام الإيراني الذي وصل أخيراً إلى العاصمة اللبنانية، قادماً من تركيا والإمارات العربية المتحدة، على اعتبار أنّ بيروت جمّدت الطيران الإيراني بعد الخضوع للإملاءات الإسرائيلية. كذلك، أتى فريق من مختلف الوكالات الصحافية الأجنبية، و«اتحاد إذاعات والتلفزيونات الإسلامية»، ومروحة إعلامية واسعة من هيئة الحشد الشعبي العراقي والإعلام الكويتي والعماني ودول المغرب العربي، وسط حضور خجول للإعلام الروسي.

وستقسّم القنوات التي تغطّي التشييع فريقها إلى اثنين: الأول يعمل على تغطية الحدث السياسي من قلب المدينة الرياضية. أما الفريق الثاني، فستكون مهماته متابعة موكب التشييع الشعبي إلى حين وصوله إلى المثوى الأخير إلى طريق المطار، بحكم البُعد بين المكانين وصعوبة التنقل سريعاً من الطريق الجديدة إلى طريق المطار.

يهوذا والقنوات الخليجية!

من بين القنوات العربية والأجنبية الحاضرة للتغطية، نذكر فريق شبكة «سكاي نيوز» الإماراتية، و«العربية» السعودية، و«الجزيرة» القطرية، و BBC البريطانية، و CNN الأميركية، وقنوات أخرى.

وتشير المصادر إلى أنّ تغطية تلك القنوات لتشييع السيدين، فيما قد يختار بعضها التغطية العادية التي قد تصل أحياناً إلى شبه تغييب عن الحدث، مع التركيز على بعض الخروقات التي قد تحصل خلال التشييع.

بعض القنوات الخليجية سيحاول تقزيم الحدث

وتوضح المعلومات أنّ بعض القنوات الخليجية ستتعامل مع الحدث على أنّه «عادي»، إذ ستكتفي بريبورتاج ضمن نشرة أخبارها في محاولة لتقزيم المناسبة وعدم إعطائها الحيّز الشعبي الذي تستحقّه.

في المقابل، تتكتم بعض القنوات على خطتها الإعلامية، معتبرة أنّ الحدث يفرض نفسه، ولكن المفاجآت التي قد تحصل ربما تقلب الخطة رأساً على عقب. وكان لافتاً وصول فرق إعلامية تعمل لدى القنوات العراقية واليمنية، إلى بيروت قبل موعد التشييع بأسبوع تقريباً. وقد بدأت تلك الفرق بتصوير ريبورتاجات في ضاحية بيروت الجنوبية للوقوف على آثار الدمار الذي خلّفه العدو الإسرائيلي.

«الميادين» و«المنار»

أما بالنسبة إلى الإعلام المحلي، فقد تم تسجيل جميع القنوات ووسائل الإعلام المكتوبة اللبنانية لتغطية الحدث، ولكن نوعية التغطية ستختلف بناء على سياسة كل محطة. من جانبها، بدأت قناة «الميادين» تغطية تشييع الشهيدين، قبل أسبوع من الموعد. وفتحت المحطة التي تتخذ من بيروت مقراً لها، هواءها للوقوف على سيرة الشهيدين عبر عدد من البرامج المخصصة للحدث. وتحمل تغطية القناة شعار «السيد الأمة»، وتخصص حلقات تكشف عن الجانب الفكري والثقافي لشخصية السيد نصر الله، وانحيازه إلى أحرار العالم.

في المقابل، بدأت «المنار» مواكبة الحدث قبل أيام من موعده بتجميد برمجتها العادية وعرض مشاريع تلفزيونية خاصة بالمناسبة للوقوف على سيرة الشهيدين. أما يوم التشييع، فتفتح القناة هواءها للبث المباشر بدءاً من ساعات الصباح الأولى، وتتوقف عند آراء المشاركين في الحدث. وستستمر القناة في تغطيتها حتى بعد انتهاء التشييع، لتتوقف عند النقاط الأساسية في الحدث الأليم. كما جُهِّز استديوان: الأول في حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية، مكان استشهاد السيد نصر الله، أما الاستديو الثاني، فبالقرب من مكان استشهاد السيد صفي الدين في المريجة في الضاحية أيضاً.

زحمة مؤثرين

شهدت ضاحية بيروت الجنوبية زحمة مؤثرين من مختلف الجنسيات العربية الذين قاموا بجولة اطّلعوا فيها على الدمار الذي سببه العدو الإسرائيلي. دخل أولئك المؤثرون لبنان عبر تأشيرة سياحية لا إعلامية، خوفاً من التضييق عليهم في بلادهم. من بين المؤثرين المعارض الأميركي المعادي للصهيونية جاكسون هينكل الذي يتواجد حالياً في بيروت لحضور التشييع، وقد نشر صوراً له من مكان اغتيال السيد نصر الله. وكان هنكل قد أثار الجدل على منصة X بعدما واكب حرب الإبادة على غزة. كما كان لافتاً حضور الناشط العماني محمد نبيل المعروف بمواقفه المؤيدة للمقاومة. ونشر المؤثر اليمني مالك المداني مجموعة فيديوهات من زياراته في الضاحية.

صفحات جديدة

يشهد الفضاء الافتراضي ولادة عدد من الصفحات الداعمة للمقاومة التي تلقي الضوء على سيرة الشهيد نصر الله. انطلقت صفحتا «طريق 82» و«إنا على العهد» بقوة على منصة إكس. تعرض الصفحتان تقارير صُوِّرت مع عوائل الشهداء، وتسجيلات فوكس بوب من قلب الضاحية، وتوقفت عند آراء المواطنين بيوم الوداع. من بين الأسئلة التي طرحت: «هل أنت جاهز لتشييع السيد»؟ ليأتي جواب الناس في الشارع مليئاً بالعاطفة التي امتزجت بالدموع بوداع الشهيد الذي انحاز إلى المظلومين حول العالم.

حضور فنّي… سرّي

لن يقتصر تشييع السيدين على الحضور السياسي والإعلامي، بل ستشارك باقة من الفنانين اللبنانيين والعرب. يتكتم المشاهير حول مشاركتهم، خوفاً من تعرضهم للإقصاء من قبل شركات الإنتاج التي تحاصر المؤيدين للمقاومة. ويحاول بعض الفنانين التهرب من السؤال حول مشاركتهم التي ستكون سرّية نوعاً ما.

لجنة الاقتصاد تحيل أمين سلام إلى القضاء: عقود مشبوهة ومخالفات واختلاسات

للمرة الثالثة على التوالي، امتنع وزير الاقتصاد السابق أمين سلام عن حضور اجتماع لجنة الاقتصاد النيابية التي طلبت الاستماع إليه، أولَ أمس، في موضوع شركات التأمين، وأبلغ رئيس اللجنة النائب فريد البستاني، في رسالة صوتية عبر «واتساب»، بأنه لن يحضر.

و«لأننا لن نتراجع في هذا الموضوع ولا يمكن أن نغلق هذا الملف»، وفق البستاني، أجمع أعضاء اللجنة على تحويل ملف الوزير السابق إلى النيابة العامة التمييزية والنيابة العامة المالية.

ولفت البستاني إلى أن أعضاء اللجنة هم من انتماءات طائفية وحزبية مختلفة، ما يؤكد أن لا غطاء على سلام، ومما يفرض على القضاء أيضاً الإسراع في التحقيق، إذ إن هذه ليست المخالفات الأولى في سجلّ سلام، بل إن الوزير السابق موضوع تحقيق قضائي مع شقيقه كريم، وسبق لمحكمة الجنايات في بيروت برئاسة القاضي سمير عقيقي أن خلصت إلى أن الشقيقين ومستشار الوزير سلام، فادي تميم، متورّطون في عمليات استغلال سلطة لابتزاز شركات تأمين متعثّرة مالياً (راجع «الأخبار» الثلاثاء 9 تموز 2024).

غير أن هذا التحقيق الذي ختمه عقيقي وأحاله إلى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم للتوسع فيه لا يزال يسير ببطء شديد، رغم الأدلة «الدامغة» التي يتضمّنها، ورغم تجميد هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان كريم سلام، بما فيها تلك التي يحرّكها بموجب وكالة ومن ضمنها حسابات شقيقه (راجع «الأخبار» الخميس 5 كانون الأول 2024).

وقد دأب الوزير السابق على ربط التحقيق في المخالفات التي يرتكبها وشقيقه في الوزارة بـ «الاستهداف السياسي الشخصي» له بذريعة أنه كان «مرشحاً جدّياً لترؤس الحكومة»، ولرغبته بالترشح إلى النيابة.

ويتعلق الملف الذي أحالته لجنة الاقتصاد النيابية إلى التحقيق بلجنة مراقبة هيئات الضمان في وزارة الاقتصاد التي أَذنَ سلام لنفسه بالتصرّف بصندوقها المالي كما «يراه مناسباً»، متعمّداً عدم تعيين رئيس لها قبل أن تفرض عليه لجنة الاقتصاد ذلك.

أنفق سلام 50 ألف دولار و2.5 مليار ليرة «مصاريف مكتب»!

وهو استغلّ سلطة الوصاية الممنوحة له وفق قانون الضمان لإحكام قبضته على اللجنة بمشاركة شقيقه كريم الذي عيّنه مستشاراً اقتصادياً ومالياً في الوزارة إلى جانب عمله في مصرف «فرنسبنك». وتؤكد مصادر اللجنة أن في حوزتها «أدلّة ومستندات حول كل العمليات المخالفة للقانون، ومنها عقود تشغيلية مبالغ فيها وصرف أموال الصندوق على منافع شخصية».

وأضافت أن سلام الذي كان يمتلك وشقيقه كل مفاتيح لجنة مراقبة هيئات الضمان، دأب على ابتزاز شركات التأمين المضطرة وفقاً للقانون إلى إيداع نسبة معينة من قيمة بوالصها كسيولة لدى اللجنة بما يشبه الاحتياط الإلزامي وإلا تُسحب تراخيصها منها، و«الحديث هنا عن مئات آلاف الدولارات سنوياً التي لم تكن تدخل في صندوق الهيئات الضامنة، بل تنتهي في جيوب المنتفعين».

وأشارت المصادر إلى أن الوزير السابق «استخدم أموال الصندوق براحة تامة كما لو أن شركات التأمين كانت تودع هذه المبالغ في حسابه المصرفي الخاص». فعلى مدى أكثر من عامين ونصف عام «دفع نحو 50 ألف دولار ومليارين ونصف مليار ليرة تحت بند مصاريف مكتب، من دون تفنيد وجهة إنفاق هذه المبالغ، كما أنفق نحو 1000 دولار شهرياً على استئجار سيارات خاصة به رغم امتلاك الوزارة سيارات يمكن استخدامها». ويتحدث نواب اللجنة عن «فضيحة عقد تدريب مع شركة ماليزية بقيمة 640 ألف دولار لقاء برنامج تدريب للموظفين مدته أسبوعان على برنامج باور بوينت»!

وقد استمعت اللجنة إلى نقيب خبراء المحاسبة إيلي عبود الذي استدعاه عقيقي إلى التحقيق سابقاً أيضاً كونه يعمل مدقّقاً لدى بعض شركات التأمين. وأورد عقيقي في ختام تحقيقه أن عبود «أدلى بشهادته أمام المحكمة بشكل يثير الالتباس والضبابية حول الوقائع، ما يقتضي التحقّق من توافر شروط كتم المعلومات وفقاً لما نصّت عليه المادة 408 من قانون العقوبات».

وقد سألت اللجنة عبود عن عقود التدقيق الجنائي التي كُلّف بالقيام بها في شركات التأمين والحسومات التي كان يمنحها إياها بطلب من سلام. ولدى الطلب منه إبداء رأيه كخبير محاسبي حول عقد أعدّته لجنة مراقبة هيئات الضمان بقيمة 200 ألف دولار سنوياً مع إحدى الشركات مقابل التدقيق في بعض الحسابات، قال عبود إن مهمة مماثلة كهذه لا تتجاوز تكاليفها 75 ألف دولار سنوياً مع احتساب هامش الربح! كما تبيّن أن سلام عيّن محامياً لهذه اللجنة براتب يصل إلى 75 ألف دولار سنوياً رغم عدم حاجتها إلى محامٍ.
وقد وثّقت لجنة الاقتصاد النيابية كل هذه المخالفات والاختلاسات لتقديمها في دعوى واحدة أمام القضاء المختص في واحدة من المرات النادرة التي يؤدّي فيها النواب دورهم الرقابي لمحاسبة الوزراء ومراقبة عملهم. ويبقى أن يقوم القضاء بواجبه أيضاً لحماية المال العام والاقتصاص ممن تثبت عليهم التهم.

إتمام التبادل السابع | المقاومة للعدو: لا أفق لتجديد الحرب

غزة | سلّمت الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية، صباح أمس، جثامين أربعة من أسرى الاحتلال في الدفعة السابعة من المرحلة الأولى لصفقة التبادل، وهم ممّن أسرتهم «سرايا القدس» و«كتائب المجاهدين» أحياء في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، قبل أن يُقتلوا في قصف جوّي إسرائيلي برفقة آسريهم في الشهر الثاني من الحرب. وحملت مراسم التسليم رسائل عدّة، إذ وُضعت صورة لرئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، والدماء تسيل من فمه، إلى جانب عبارة باللغتين العربية والإنكليزية، هي: «قتلَهم مجرم الحرب».

وشاركت فصائل المقاومة كافة في المراسم، بما فيها «كتائب شهداء الأقصى»، الذراع العسكرية لحركة «فتح»، و«الجبهة الشعبية»، حيث استعرضت المقاومة قطع سلاح غنمتها خلال «طوفان الأقصى»، وعمليات ميدانية لاحقة. وسُلّمت الجثامين في توابيت سود مغلقة بأقفال، نقلها «الصليب الأحمر»، ليزعم الاحتلال لاحقاً أن المفاتيح لا تتطابق مع الأقفال. كذلك، استعرض مقاومو «القسّام» الأسلحة التي استخدموها في التصدّي لجيش الاحتلال، بما فيها العبوات الناسفة والقذائف المضادّة للدروع. في المقابل: من المقرّر أن يفرج الاحتلال غداً عن كل الأسرى الأطفال دون 19 عاماً والنساء من سجونه، إلى جانب إدخال المزيد من الكرفانات والآليات الثقيلة للمساهمة في إزالة الركام.

وأثارت مراسم التسليم ضجّة في الإعلام الإسرائيلي، واستجرّت تصريحات وتهديدات باستئناف الحرب، إذ قال وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن «قلب الأمة كلها في حداد اليوم، وسندمّر حماس التي قتلت واختطفت، وسننتقم من أعدائنا ونؤمّن مستقبلنا»، بينما نقلت «القناة 14» العبرية عن مصدر سياسي تهديده بأنه «لن تكون هناك مرحلة ثانية من صفقة التبادل، بل سيتمّ تمديد المرحلة الأولى لاستعادة أكبر عدد ممكن من الأسرى الأحياء، ثم العودة إلى الحرب».

تعمل المقاومة على تعزيز الإدراك الإسرائيلي لفشل الخيار العسكري

وفي السياق نفسه، ركّز الإعلام العبري على رمزية موقع التسليم، إذ قالت «يديعوت أحرونوت» إن «حماس تعمّدت إقامة المراسم قرب مقبرة بني سهيلا في خانيونس، حيث نفّذ الجيش عملية عسكرية واسعة قبل عام بحثاً عن جثث الأسرى». وذكّرت الصحيفة بأن الاحتلال استخرج آنذاك جثثاً تبيّن لاحقاً أنها تعود إلى فلسطينيين، وليس إلى إسرائيليين. أما المفارقة الأبرز في عملية التسليم، فكانت مطالبة «الصليب الأحمر» بـ«احترام حرمة الأموات»، على رغم أن المنظّمة ذاتها لم تعترض على احتجاز جيش الاحتلال أكثر من 450 جثماناً لشهداء فلسطينيين خلال الحرب، قبل أن يعيدها في حاويات معدنية وأكياس زرقاء من دون التعريف بهويات أصحابها.

وفي ظلّ تصاعد التهديدات الإسرائيلية باستئناف الحرب، استغلّت المقاومة مشهد التسليم، للإشارة إلى أن الضغط العسكري أدّى إلى مقتل أسرى أحياء، وقد يؤدّي إلى مقتل المزيد، حيث لا تزال تحتجز 69 أسيراً، يُقدَّر أن أكثر من نصفهم أحياء. وبدورها، دعت «هيئة عائلات الأسرى» الإسرائيلية إلى «الإسراع في التفاهمات الخاصة بالمرحلة الثانية من الصفقة، والتي من شأنها ضمان وقف الحرب والبدء بالإعمار وتحقيق هدنة طويلة الأمد».

وفي مواجهة دعوات الانتقام الإسرائيلية، تعمل المقاومة، من خلال عمليات التبادل، على تعزيز الإدراك الإسرائيلي لفشل الخيار العسكري وعدم قدرته على تحقيق «الانتصار المطلق»، ولا على تحرير الأسرى. وهي تعمّدت في كل عملية تسليم كشف فشل الاحتلال في القضاء على قادة عسكريين كبار سبق أن أعلن «الشاباك» اغتيالهم خلال الحرب، وآخرهم قائد الكتيبة الشرقية في مدينة خانيونس بـ«كتائب القسام». وهو ما يضع المؤسّستين الأمنية والسياسية في إسرائيل أمام استحقاق مواجهة الإخفاقات، سواء في عملية «طوفان الأقصى»، أو في تحقيق أهداف الحرب بعد 15 شهراً من القتال، استنفد فيها جيش الاحتلال مخزونه من الذخائر والأسلحة، وخسر مئات الجنود والضباط بين قتيل وجريح، فيما تعرّض الاقتصاد الإسرائيلي لأكبر أزمة منذ تأسيس الكيان عام 1948.

اللواء:

جريدة اللواءإعادة الإعمار على الطاولة.. والبنك الدولي لتأسيس الصندوق والإنفاق الشفَّاف

عون لملاحقة الفاسدين.. والإحتلال على خروقاته.. والأنظار على مشاركات الأحد

وُضع ملف إعادة إعمار ما هدمه العدوان الاسرائيلي خلال الحرب التي لم تتوقف فصولاً لأشهر، مع استمرار احتلال 5 نقاط استراتيجية عند القرى الحدودية، على جدول الاهتمام الحكومي، الملحّ، قبل مثول الحكومة أمام المجلس النيابي يومي 25 و26 الجاري لنيل الثقة.

ولئن كانت الممارسات العدوانية، ما تزال تحتل الاهتمام المطلوب لدى رئيسي الجمهورية والحكومة، وسائر الجهات الرسمية، فإن التركيز الداخلي بدأ يلامس القضايا الداخلية، لا سيما إعادة امول المودعين.

وعلى خط آخر، يشيع حزب الله امينيه العامين السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين، بعد غد الاحد، والاثنين، في بيروت ودير قانون النهر، في خطوة يطمح الحزب من ورائها الى ايصال رسائل متعددة، ابرزها قوة الحضور الشعبي والتمثيلي.

وسيطر الهدوء امس على مناطق الجنوب وتمكّنت الفرق المختصة في الدفاع المدني أمس، من انتشال أشلاء شهيد في بلدة الخيام ونُقلت إلى مستشفى مرجعيون الحكومي، تمهيداً لإجراء الفحوص الطبية والقانونية اللازمة، بما في ذلك فحوص الحمض النووي (DNA)، تحت إشراف الجهات المختصة لتحديد هويته. فيما حافظ الاحتلال الاسرائيلي وبرغم مرور ثلاثة ايام على انتهاء مهلة تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار والانسحاب، على بعض النقاط داخل بعض القرى او عند اطرافها مثل اطراف حولا والعديسة وكفركلا وعيترون والخيام وميس الجبل ومارون الراس ويارون وغيرها في القطاع الغربي وقطع الطرقات بين بعض هذه القرى، ما حال دون تمكن الاهالي من الوصول الى املاكهم وارزاقهم ودون تمركز الجيش اللبناني في بعض المناطق.

وتعوّل السلطات اللبنانية على المساعي الدبلوماسية والاتصالات واللقاءات مع اعضاء لجنة الاشراف الخماسية على تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار، لا سيما الجانب الاميركي منها، لكن مصادر رسمية افادت لـ«اللواء» ان الكلام الذي نسمعه من الاميركي جميل لكن المهم ان نلمس شيئاًعلى الارض، ولذلك ننتظر تحقيق الوعود الاميركية ولانملك خياراً آخر حتى الان.

وفي هذا المجال، تؤكد مصادر دبلوماسية لـ «اللواء»، ان الاتفاقات الجانبية بين اميركا واسرائيل اقوى وافعل من اي اتفاقات او التزامات اخرى ولو رعتها الامم المتحدة، والاتفاق الجانبي واضح في تبني الادارة الاميركية لسياسات اسرائيل ليس في لبنان فقط بل وفي سوريا ايضاً، حيث تقوم قوات الاحتلال بتثبيت نقاط لها داخل الاراضي السورية، برغم الحديث الاميركي عن ضرورة حفظ استقرار وامن سوريا وسيادتها كما استقرار لبنان وامنه وسيادته.

اضافت: لكن ما يميز فرنسا عن اميركا في لبنان بحسب المصادر الدبلوماسية، انها «لاعب غير مباشر ايضاً خارج اتفاق وقف اطلاق النار، وهي بموازاة الانحياز الاميركي لإسرائيل، تحاول ان تحقق نوعاً من التوازن السياسي بانحيازها غير المباشر للبنان وتبنيها لكل مطالبه وتوجهاته حتى لا يكون مستفرداً».

وتوضح المصادر ان فرنسا ساهمت من خلال وجودها في لجنة الاشراف ومن خلال آلية المراقبة الموضوعة في معالجة 250 حالة تخالف اتفاق وقف اطلاق النار في الجنوب منذ بدء تنفيذه في كانون الاول من العام الماضي، كما ساهمت بشكل غير مباشر عبر تبنيها لمطالب لبنان في تصليب موقفه ليكون صارماً وحازماً في مواجهة الانتهاكات الاسرائيلية للاتفاق والدعم الاميركي له. لكن بما ان القرار الفعلي بيد اميركي عبر دعمها المفتوح للكيان الاسرائيلي ما زال لبنان يركن الى الوعود الاميركية لتحقيق الانسحاب.

سياسيا، مع اقتراب موعد جلسة الثقة النيابية بالحكومة يومي الاربعاء والخميس المقبلين، لم تتضح بعد توجهات بعض الكتل السياسية لا سيما التي تم استبعادها من التمثيل الحكومي. ويبدو انها تركت القرار الى ما قبل الجلسة بيوم او ربما بساعات.

مكافحة الفساد

ورأى الرئيس جوزف عون ان الفساد اصبح ثقافة، ولن يتوقف اذا لم تكن هناك محاسبة، مضيفاً، لبنان ليس مفلساً بل دولة منهوبة، تحكم به اشخاص اساؤوا ادارة مقدراته. وقال: الكل تحت القانون بدءا من رئيسا لدولة.

وقال الرئيس عون امام عشائر بعلبك- الهرمل: انتم اولاد الدولة، وما جرى لا يستهدف الطائفة الشيعية، فهي مكوِّن اساسي في لبنان.

وعبّر البطاركة والاساقفة الكاثوليك في ختام اعمال دورتهم السنوية عن فرحتهم بإنهاء الفراغ الرئاسي بإنتخاب العماد جوزف عون رئيسا للجمهورية وتكليف نواف سلام برئاسة الحكومة اللذين يحظيان بثقة اللبنانيين. ودعوا الرئيسين عون وسلام للعمل مع الحكومة الجديدة والمجلس النيابي على تحقيق الاصلاحات المطلوبة واعادة بناء المؤسسات.

اجتماع السراي: مقاربة الأضرار
وترأس الرئيس نواف سلام في السراي الكبير اجتماعا لدراسة الاضرار التي خلفتها الحرب ضد لبنان.

وشرح الوفد الدولي في اجتماع السراي الوسيلة الانجع من اجل التوجه الى المجتمع الدولي، لطلب المساعدة في اعادة الاعمار، وبضرورة تأسيس صندوق من اجل اموال اعادة الاعمار، بالتزامن مع اصلاحات تظهر الشفافية في استخدام هذه الاموال، وانطلاقا من ذلك التوجه الى المجتمع الدولي والدول المانحة.

وكشفت مصادر وزارية ان التقديرات الاولية للبنك الدولي للاضرار والخسائر بلغت 14 مليار دولار، اضافة 12 مليار دولار تحت مسمى احتياجات.

وقال وزير المال ياسين جابر ان موضوع اعادة اعمار البنى التحتية وازالة الردم مهم جدا، كل هذه الامور بحاجة الى الاستثمار بها من جديد.

وعشية تشييع الشهيدين السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين بعد غد الاحد، بدأ احتساب الجهات التي ستشارك والتي لن تشارك، فيما المشاركة الشعبية الضخمة محسومة ومن كل مناطق لبنان تقريباً، عدا الوفود من نحو 79 دولة، في حين إن المشاركة الرسمية مقتصرة حتى الان على رئيس المجلس نبيه بري الذي قد يمثل نفسه والرئيسين عون وسلام والدولة وقد تكون له كلمة في المناسبة، ما لم يطرأ قرار بإيفاد ممثلين عن الرئيسين. كما سيشارك عدد النواب والوزراء ويمتنع اخرون.

وبالنسبة للقوى السياسية، وفي وقت دعت حركة «امل» والحزب السوري القومي الاجتماعي واحزاب اخرى والعديد من النقابات والهيئات الاهلية في بيانات مناصريها الى اوسع مشاركة، أعلن الحزب التقدمي الإشتراكي مشاركته عبر ممثلين عنه، واصدر بيانا امس، مما قال فيه: أمام مشهدية الاستشهاد يوجّه الحزب التقدمي الإشتراكي التحية لأرواح الشهداء الذين قضوا على مدى التاريخ الطويل في المواجهة مع العدو الإسرائيلي، ويدعو في هذا السياق جميع اللبنانيين إلى لحظة وطنية في يوم تشييع الشهيد السيد حسن نصرالله والشهيد السيد هاشم صفي الدين، اللذين تشكل شهادتهما تكريساً لمسارهما في المقاومة فوق كل الاختلافات.

وامتنع تيار «المستقبل» عن المشاركة كما اعلن امينه العام احمد الحريري، وفي ما خص مشاركة الشخصيات السياسية المسيحية فلم تحسم أيضاً بعد ولم يتقرّر ما إذا كانت هذه المشاركة ستكون على المستوى الشخصي أو عبر ممثلين من الدرجة الثانية أو الثالثة أو لا مشاركة، علما ان بعض القوى المسيحية تلقى دعوة للمشاركة كالتيار الوطني الحر، وقوى اخرى لم تتلقَ دعوة كالقوات اللبنانية والنائب كميل شمعون.

وافادت معلومات (المركزية) انه قبل 24 ساعة من موعد اختتام أعمال مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك اليوم، طُرِحَ موضوع المشاركة في التشييع، وتقرر بعد مداولات عديدة عدم المشاركة الرسميّة في التشييع، بحيث لن يحضر أيٌّ من رؤساء الكنائس الكاثوليكيّة أو من يمثّلهم.

واكد النائب علي فياض (عضو كتلة الوفاء للمقاومة) ان الرئيس نبيه بري سيحضر في التشييع، ويمثل الرئيس جوزف عون، ووصف المناسبة بالطائفة الشيعية بل هي مناسبة وطنية.
وحسب اللجنة المنظمة، فإن الوفود المشاركة تقدر بـ: 140 الف (العراق)، 106 (ايران)، 18 الف (الكويت)، 9 آلاف (البحرين)، 9 آلاف (عمان) و27 الف (اليمن).

ويواصل العدو ممارساته الاستفزازية وانتهاكاته، بعد عدم الانصياع لراعيي اتفاق وقف النار: (الولايات المتحدة وفرنسا)، في محاولة لشل عودة الاهالي واعادة نبض الحياة الى القرى المدمرة.

ميدانياً، تمكّنت الفرق المختصة في الدفاع المدني أمس، من انتشال أشلاء شهيد في بلدة الخيام ونُقلت إلى مستشفى مرجعيون الحكومي، تمهيداً لإجراء الفحوص الطبية والقانونية اللازمة، بما في ذلك فحوص الحمض النووي (DNA)، تحت إشراف الجهات المختصة لتحديد هويته.

البناء:

صحيفة البناءحافلات مفخخة في تل أبيب بعضها انفجر وبعضها مُعدّ للتفجير… والردّ في الضفة

انتفاضة المسافرين في مطار بيروت دفاعاً عن حقهم برفع صور السيد نصرالله

حملة شائعات لمحاصرة التشييع وزرع الفتن والردّ بنفي بطريركيّ ودعوة اشتراكيّة

كتب المحرّر السياسيّ

بينما تتمّ غداً الخطوة الأخيرة في عمليّات تبادل المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وسط تساؤلات عن مستقبل التفاوض حول المرحلة الثانية، ضجّت وسائل الإعلام العبريّة بخبر انفجار حافلات إسرائيليّة لنقل المستوطنين في تل أبيب واكتشاف حافلات أخرى مفخّخة بعبوات معدّة للتفجير، ولم تصل التحقيقات إلى أي خيوط تُحدّد جهة التنفيذ، فيما سارع قادة الكيان إلى الإعلان عن تصعيد الحملات العسكرية والأمنية في الضفة الغربية، وهو توجّه يخدم معادلة الأمن الاستراتيجي لكيان الاحتلال، بعد فشل الحرب في غزة وجنوب لبنان بتأمين عودة الحياة إلى جنوب وشمال فلسطين المحتلة وبات المدى الجغرافي الفعلي للكيان محصوراً بين حيفا شمالاً وعسقلان جنوباً، وصارت الضفة الغربية مصدر الأمن الحيوي لإسرائيل الصغرى.

في لبنان، تواصلت عمليات الشحن والتحريض التي تستهدف بيئة المقاومة، ووسط الإجراء غير المفسّر للحكومة بمنع هبوط الطائرات الإيرانية في مطار بيروت، بعدما سقطت مزاعم العقوبات الأوروبية بظهور مطارات دوليّة عديدة تحت المظلة الغربية تتعامل مع الشركات الإيرانية ذاتها من دون قيود. ومع عودة المسافرين الذين احتجزوا بسبب تعطّل خط الطيران الإيراني إلى مطار بيروت واجهت بعضهم تحرّشات من عناصر زعمت انتسابها للأجهزة الحكومية تطلب منهم عدم رفع صور السيد حسن نصرالله، فكانت انتفاضة بدأتها شابّة وقفت وسط الجموع رفعت صوتها بلغة وطنيّة قويّة وواضحة أسكتت المتحرّشين، وما لبثت صرختها أن تحوّلت الى هتاف مدوٍّ في صالات المطار للسيد نصرالله، وقد طرحت أسئلة عما إذا كان التصرّف الأرعن وغير القانوني في المطار يعبر عن قرار رسميّ، أم أنه تصرف حاقد يعبّر عن استغلال الصفة من قبل صاحبه، وفي الحالتين لا يزال الأمر بانتظار توضيحات لم تصدر.

مع اقتراب موعد تشييع السيد حسن نصرالله يوم الأحد، شهدت الساحة الإعلامية حملة تحريض وشائعات، فتحوّل بعض الشاشات إلى مصدر إطلاق الأكاذيب وترويج معلومات مفبركة لثني المشاركين عن الذهاب للتشييع، ومنها محاولات لدعوة تيار المستقبل لدعوة مناصريه لمقاطعة التشييع، ردّ عليها مسؤولون في التيار بأنهم ليسوا وقوداً لتنفيذ سياسات عدائيّة للبعض ومَن يريد قتال جمهور المقاومة، فليفعل ذلك بجمهوره ولا يحلم باستعمال جمهور الحريريّة لهذه الغاية، بينما أصدر الحزب التقدمي الاشتراكي بيان تحية لشهادة نصرالله وموعد تشييعه، وأصدرت البطريركيّة المارونيّة بيان نفي لما نُسب إليها من تعميم يدعو لعدم المشاركة في التشييع.

فيما يواصل العدو الإسرائيلي عدوانه على لبنان، تتجه الأنظار الى يوم الأحد المقبل الذي سيشهد حفل تشييع الشهيدين السيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين في المدينة الرياضية في بيروت، حيث تتوالى الدعوات الموسّعة للمشاركة بالتشييع الوطني المهيب، وتستمر التحضيرات على قدم وساق.

وأفادت مصادر «البناء» عن حشود غفيرة من خارج لبنان من دول عربية وإسلامية وأجنبية عدة ستصل خلال اليومين المقبلين إلى بيروت وتقدر بعشرات الآلاف للمشاركة في التشييع، كما أفادت بأن الجمهورية الإسلامية في ايران ستتمثل بوفد رفيع.

وأفادت مصادر قناة «الجديد» إلى أنه من المرجّح حضور رئيس مجلس النواب نبيه بري التشييع يوم الأحد ممثلاً الدولة اللبنانية الرسمية، وإلقاؤه كلمة في هذه المناسبة الوطنية. كما سيكون خلال الحفل كلمة للأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم.

وعلمت «البناء» أن الأجهزة الأمنية كافة ستتخذ يوم الأحد إجراءات مشدّدة في كامل أنحاء بيروت لا سيما في الضاحية الجنوبية والمدينة الرياضية لمواكبة مراسم التشييع وضبط الأمن.

ووصل أمس، إلى مطار بيروت اللبنانيون العالقون في إيران بسبب منع الحكومة اللبنانية الطائرة الإيرانية من الإقلاع من مطار طهران الى مطار بيروت بعد تلقي لبنان تهديدات إسرائيلية بقصفها، وذلك برحلة عبر طيران الشرق الأوسط.

ودعا المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في بيان «اللبنانيين بعامة وأبناء الطائفة الشيعية بخاصة، إلى أوسع مشاركة في مراسم تشييع الأمينين العامين لحزب الله، الشهيدين الكبيرين سماحة السيد حسن نصر الله وسماحة السيد هاشم صفي الدين»، واعتبر «هذه المشاركة مناسبة تاريخية لتأكيد وحدة الموقف تجاه الشهداء الذين ضحّوا بأرواحهم في سبيل لبنان، وتأكيداً جامعاً على إدانة العدوان الصهيوني وتمسكاً حازماً بالإنسحاب الكامل لقوات الاحتلال من الأراضي اللبنانية».

بدوره، وجّه الحزب التقدمي الإشتراكي التحية لأرواح الشهداء الذين قضوا على مدى التاريخ الطويل في المواجهة مع العدو الإسرائيلي، ودعا أنصاره الى المشاركة في التشييع، كما دعا جميع اللبنانيين إلى لحظة وطنية في يوم تشييع الشهيد السيد حسن نصرالله والشهيد السيد هاشم صفي الدين، اللذين تشكل شهادتهما تكريساً لمسارهما في المقاومة فوق كل الاختلافات».
وأضاف: «وإذ يتمسك الحزب التقدمي الاشتراكي بتراثه والتزامه النضالي في هذا السياق، مستذكراً التاريخ المُقاوم الذي جمعه بالحركة الوطنية والمقاومة الوطنية وحركة أمل والمقاومة الإسلامية، يجدّد تعازيه بالشهيدين الراحلين، ويشدّد على روح التضامن الوطني التي تجلّت في مراحل العدوان الإسرائيلي على لبنان، وأن تتكرّس أكثر في الخطاب والأداء السياسي في هذه المرحلة الجديدة التي تتطلب تكاتف وتعاون الجميع على قاعدة الشراكة والتفاهم لمنح لبنان واللبنانيين الفرصة التي يستحقون، وإعطاء الشهداء معنى إضافيًا لاستشهادهم».

من جهته، شدّد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين الحاج حسن أنه «لن يمنعنا أحد من تشييع السيد حسن نصر الله وسيتجلى حبّ الناس للسيد بحضورهم يوم الأحد ومن يمنعه ظرفه من الحضور سيكون حاضرًا بقلبه»، لافتًا إلى أن السيد حسن نصر الله سيبقى في قلوب المحبين والمستضعفين وأحرار العالم.

وأكد الحاج حسن أن حزب الله ما زال موجودًا وقويًا ومستمرًا كما كان بعد أن تلقى الضربات.

وفي حديث لقناة «المنار»، شدّد الحاج حسن على أننا سنتسمك أكثر بالوفاء والطريق والدرب والدين والولاية والوطن والأرض بعد شهادة الشهيد الأقدس السيد حسن نصر الله والسيد الهاشمي هاشم صفي الدين، مردفًا: «سيتحوّل حزننا إلى غضب وأشواقنا إلى ولاء وكل ما فينا إلى ولاية وإخلاص وعهد».

وأضاف: «السيد حسن نصر الله كان له عدد من المؤسسات التابعة له المخصّصة للناس، منها التقديمات الصحية، وتقديمات الزواج وغيرها»، مشيرًا إلى أن السيد حسن نصر الله كان متواضعًا ولديه كاريزما تاريخية ويملك قوة الخطاب». وقال: «إنه ليس من مصلحة أحد عرقلة عملية إعادة الإعمار»، مؤكدًا أنه «لدينا الوسائل ولكل مقام مقال ولكل تطور موقف وهذا عهد والتزام».

إلى ذلك، تمثل الحكومة الجديدة أمام المجلس النيابي لنيل الثقة على أساس بيانها الوزاري الأسبوع المقبل، ووفق معلومات «البناء» فإن البيان الوزاريّ سيخضع لبعض التعديلات وربما الإضافات بناء على كلمات النواب والمناقشات، وتوقعت أوساط نيابية لــ»البناء» أن تنال الحكومة الثقة بأكثر من ثمانين نائباً، على أن تنطلق بورشة عمل واسعة في كافة المجالات السياسية والمالية والاقتصادية والإصلاحية لا سيما استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وتطبيق القوانين الإصلاحية التي أقرّها مجلس النواب في السنوات الماضية، إضافة الى إصلاح الكهرباء والاتصالات والمطار. كما علمت «البناء» أن الحكومة تحضّر سلة تعيينات في المواقع الأمنية والعسكرية والقضائية والإدارية وقد تأخذ باقتراح رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون باعتماد المداورة في هذه المواقع وأن لا تبقى وظيفة حكراً لطائفة.

وشدّد الرئيس عون أمام الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أن «الفساد بات، وللأسف، ثقافةً… ولن يتوقّف إذا لم تكن هناك مُحاسبة». وتوجه الى الوفد بالقول: «لا تتردّدوا في تطبيقِ القانون، وليكنِ الحكَم ضميركم وأخلاقكم، ولا تخضعوا للضغوط من أيّ جهةٍ أتَت».

وأوضح وزير المال ياسين جابر بأن هناك طريقتين لتعطيل قانون إمّا عدم إصدار المراسيم أو عدم تعيين الهيئة الناظمة، وشعار «وزارة المال للحرامية» يُحفّزنا على العمل وسنثبت أن الطائفة الشيعية مليئة بالكفاءات وكما نجحتُ بوزارات أخرى سأكرر ذلك في المالية، والأهم أن نكون صادقين مع أنفسنا ومع الناس.

وأوضح جابر في حديث تلفزيوني أن المقاومة وِجدت لأنها كانت ضرورة وطالما الاستقرار والأمن موجودين، ستشعر الناس بالأمان. وذكر بأن واشنطن لن توقف مساعداتها للجيش اللبناني وهذا الأمر يجب أن ينسحب على الجميع، وكلنا وراء الجيش وأحييه وأثني على جهده الكبير الذي يقوم به وسنكون إلى جانبه لتأمين كل ما يحتاجه.

وأردف «طالما تأمّن الأمن والاستقرار في الجنوب فلا أظّن أن أحدًا يريد أن يُقتل أولاده»، و»بتنوجد المقاومة لما يكون في احتلال»، وسيكون هناك عمل دبلوماسي لإخراج إسرائيل من النقاط الـ5 التي تتمركز فيها.

وشدد جابر على أن مطار بيروت لكلّ اللبنانيين وليست هناك رغبة لإثارة مشكلة مع إيران، وعند وجود تهديدات لأمن المطار اضطرت الحكومة عبر وزارة الأشغال لاتخاذ قرار بمنع الطائرة الإيرانية من الهبوط والجهود مستمرّة لإيجاد حلّ.
قضائياً، فسخت الهيئة الاتهامية في بيروت قرار قاضي التحقيق الأول في بيروت بِلال حلاوي، بترك المحاميَين مروان عيسى الخوري وميشال تويني، اللذين كانا أوقفا مع الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة في ملف حساب الاستشارات في المصرف، مقابل كفالة مالية. وأعادت الهيئة الملف إلى القاضي حلاوي، طالبةً توقيف المحاميَين ولم يتخذ حلاوي بعد أي قرارٍ في هذا السياق.

وكان المدعي العام المالي علي إبراهيم استأنف قرار الترك المتخذ من قبل حلاوي أمام الهيئة الاتهامية في بيروت.

على صعيد آخر، أفاد مصدر قضائي فرنسي، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، عن «إرجاء إصدار القرار بشأن الإفراج عن الناشط اللبناني جورج عبدالله حتى 19 حزيران».

وتجدر الإشارة إلى أن محكمة الاستئناف الفرنسية كانت ستصدر اليوم في العشرين من شباط قرارها بشأن الحكم الصادر بالإفراج عن جورج عبد الله، والذي جرى استئنافه.
وكان قد وقع عدد من النواب عريضة بمبادرة حيث وجّهت العريضة إلى الحكومة الفرنسية للمطالبة بالإفراج عن الناشط جورج إبراهيم عبدالله المعتقل تعسفًا في السجون الفرنسية منذ 41 عامًا بتهمة التواطؤ في اغتيال دبلوماسيين أجنبيين.

المصدر: صحف