3 أصدقاء يدخلون إلى مقهى؛ يتجه أحدهم إلى مجموعة من الغرباء، وينطلق في محادثة صاخبة، بينما يجلس الثاني بعيداً للحظات قبل أن ينضم إليهم (في حين يحنّ إلى شيء أكثر خصوصية). أما الثالث، فيُبقي رأسه منخفضاً ويبدو منعزلاً.
يقول كيم فيلمنغهام، أستاذ علم النفس السريري “: إن الشخص الذي يعاني اضطراب القلق الاجتماعي ستدور بعقله، في هذا الموقف عباراتٌ، من قبيل “لن يتحدث معي أحد” أو “سيعتقدون أنني ممل”، وأضاف أنهم أكثر وعياً بالقلق الذي يعانونه، ومن ثم فهم أقل انخراطاً في المحادثة الفعلية، ويمكن دون قصد أن يظهروا غير مندمجين مع الأشخاص الآخرين الذين بدورهم قد يسحبون أنفسهم من هذا التفاعل.
يشكل التمييز بين الانطوائية والخجل والقلق الاجتماعي سؤالاً، كثيراً ما يُطرح في علم النفس السريري؛ إذ يمكن الخلط بينها بسهولة.
يوضح فيلمنغهام أن هناك فرقاً بين مدى الخجل والانطوائية التي يمكن أن يكون عليها الشخص، والمدى الذي تصير عنده اضطراباً سريرياً.
يتميز اضطراب القلق الاجتماعي (أو SAD) بالخوف من النقد أو الرفض من قبل الآخرين، ويُشخَّص عندما يصير هذا الخوف مزمناً ومُنهِكاً.
ويقول فيلمنغهام إن الأشخاص الذين يعانون الحزن يطورون إدراكاً سلبياً للغاية عن أنفسهم في المواقف الاجتماعية.. وهو العامل الرئيسي الذي يؤدي بهم إلى الخوف من تقييمات الآخرين السلبية، والأمر يتخطى الشعور بالخجل أو الانطوائية ، الفرق الأساسي هو أن الخجل والانطوائية أنماط أو صفات طبيعية في الشخصية.
وقد يشعر الشخص الخجول بعدم الارتياح إذا كان في دائرة الضوء، أو قد لا يحب الشخص الانطوائي المحادثات الصاخبة. ولكن هذا لا يسبب لهم بالضرورة إجهاداً شديداً، وفي أحيان كثيرة يمكن أن يُنظر له بشكل إيجابي، ويمكن تشخيص اضطراب القلق الاجتماعي على وجود مستويات شديدة من القلق، يمكنها أن تؤدي إلى جعل الشخص يتجنب المواقف الاجتماعية.
وعن ذلك، يقول أستاذ علم النفس السريري: “يمكن أن يستمر ذلك سنوات عديدة يصير الشخص فيها منعزلاً اجتماعياً فعلاً، وقد يرفض أي تفاعل يقابله، وهو ما يمكن أن يسبب ضيقاً متزايداً واضطراباً وظيفياً”
وعندما يتعلق الأمر برصد الخجل، يصير الفارق غير واضح، يشرح فيلمنغهام قائلاً: “يظهر اضطراب القلق الاجتماعي أكثر في مرحلة أواخر سنوات المراهقة وحتى بداية العشرينات، وكثير من الناس الذين يذهبون إلى العيادات يذكرون أنهم دائماً ما كانوا خجولين”.
إذا كنت قد وصلت إلى مرحلة متقدمة من الخجل، والتي قد ترتبط ببعض القلق والمزيد من العواطف السلبية، فيمكن أن يكون ذلك عاملاً خطراً يُسهم في الإصابة باضطراب القلق الاجتماعي، وفقاً لفيلمنغهام، ويعود هذا إلى الاضطراب الوظيفي.
كيف يمكن علاجه؟
نظراً لدور العمليات المعرفية التي تحافظ على القلق الاجتماعي، يُعد العلاج السلوكي المعرفي (CBT) علاجاً فعالاً.
ويقول فيلمنغهام، نحن ندرب الناس لتحديد أفكارهم السلبية عن أنفسهم ومقاومتها، وكذلك معالجتهم لما قبل وبعد المواقف الاجتماعية، ونحن نؤدي تجارب سلوكية، حيث نجعل الناس يتغلبون على تجنبهم للمواقف بطريقة تدريجية، ويذهبون إلى مواقف اجتماعية لاختبار معتقداتهم فعلاً، قد تستغرق هذه العلاجات وقتاً أطول إذا كانت تلك القواعد راسخة، إلا أنها فعالة”.
المصدر: هافينغتون بوست