عقدت اللجنة المركزية لوحدة النقابات والعمال في حزب الله اجتماعًا لها حضره مسؤول الوحدة الحاج هاشم سلهب، وشارك فيه عضو كتلة الوفاء للمقاومة وعضو لجنة الصحة النيابية الدكتور علي المقداد، وخصص الاجتماع لمناقشة أوضاع القطاع الصحي في لبنان في مناحيه المختلفة طبابة واستشفاء وأدوية.
النقاش الذي تناول مختلف النواحي البنيوية والعملية الأخلاقية والقانونية أفضى إلى نتيجة واحدة، وهي أن القطاع بمجمله مرمي في فضاء التيه والضياع والتضييع للقدرات وللحقوق، وأن لا فائدة من المعالجات الموضعية والظرفية، وبات لبنان بحاجة إلى إعادة النظر بكل ما هو معتمد، وبحاجة لرسم وإقرار نظام رعاية صحية متكامل، وبحضور مركزي وأساسي للدولة تكون فيه هي الضامنة للصحة العامة بكامل المسؤولية الوطنية القانونية والأخلاقية، يحكمها العقد الاجتماعي الدستوري القائم بين الدولة والشعب اللبناني.
وقد استهل مسؤول وحدة النقابات والعمال المركزية في حزب الله اللقاء بالاشارة إلى أن “أنظمة الرعاية الصحية المعتمدة في العالم معيار أساس لممارسة الحكم، ولمقبولية الشعوب لمن يتولى السلطة، وما نشهده في لبنان هو أن القطاع الصحي مرمي في فضاء التيه والضياع من طبابة واستشفاء ودواء، والمسؤوليات مجهولة في مجمل أنواع وأشكال العلاجات التي يحتاجها الإنسان في أمراضه وابتلاءاته الجسدية والنفسية والعصبية”.
وأضاف: “على الرغم من أن قطاعات الرعاية الصحية هي الأكثر خطورة من غيرها، إلا أنها الأكثر تضييعًا وفلتانًا واهمالًا، لا نرى فيها على مستوى المؤسسات والآنظمة والقوانين تلك الشفافية، وذلك التركيز، والتعاطي الأخلاقي المحكوم بالضمير، كما يقال في عالم الطب والتمريض والمداواة”.
وأوضح أنه “في قطاع الصحة هناك أنواع من الخلل البنيوي والتشوهات المهنية بمختلف مجالات الرعاية الصحية، فلا مجال لانكار التشوهات التي نعاني منها في الطبابة والاستشفاء والدواء والضمان الصحي والجهات الضامنة، وكأن لا أنظمة حاكمة ولا قوانين، وبعبارة واحدة الأمن الصحي مفقود، والمحاسبة معدومة”.
وسأل سلهب: “لماذا الدواء في لبنان غير آمن، رغم الغلاء الذي يطال معظم أصنافه؟”، مردفًا أن “محدودية قدرة المستشفيات الحكومية يفتح الشهية في هذا القطاع على جمع المال وتكديس الأرباح، والأخطر من ذلك ما تقوم به السفارات عبر مجموعات الـ NGOS بالدخول غير الأخلاقي والمستثمر لمعاناة والام الناس في حصولهم على سرير وطبيب، ولا دولة توفر استشفاء، ولا دولة توفر حماية من ابتزاز، بل تفتح أبواب ومكاتب رسمية لتسهيل الابتزاز وتحقيق أهدافه السياسية”.
وأضاف سلهب: “منذ العام 2019 وحتى اليوم الجهات الضامنة معدومة الحيلة، لا المضمون على الضمان الاجتماعي مضمون، ولا تعاونية موظفي الدولة تستطيع أن توفر الرعاية اللازمة، ولا طبابة الأسلاك الأخرى قادرة على القيام بواجباتها، والمصيبة الكبرى عندما يضطر المضمون لدخول المستشفى أو مراجعة طبيب، ونرى الابتزاز وعدم قبول أي مضمون من أي جهة ضامنة، والدوائر المعنية باتت دوائر إدارة سمسرات ورشى وفتح ملفات الاستثمار في القطاع الصحي، والنتيجة شعبنا، عمالنا، مزارعونا، أفراد الجيش، قوى الأمن، موظفو القطاع العام، المتقاعدون، والكل في لبنان بات مبتلى بنظام صحي غير آمن، والبلاء الأكبر في أن لغة التمويه والتضليل سائدة بدل الإقرار بالواقع من المسؤولين والذهاب للمعالجة، التي لا يمكن أن تكون الا بتحمل الدولة مسؤولياتها والعودة السريعة إلى دورها في الرعاية الصحية والاجتماعية الشاملة لكل اللبنانيبن، وإقرار البطاقة الصحية الشاملة، وتعزيز وتمكين المستشفيات الحكومية، واستعادة مراكز الرعاية الصحية للدولة، وعودة العمل لمكتب الدواء، واعتماد المعالجات الصحيحة لقصور الجهات الضامنة، وتطوير وتفعيل أنظمة الرقابة والمحاسبة في كل ما يرتبط بالقطاع الصحي.
المقداد
من جهته، اعتبر عضو لجنة الصحة النيابية الدكتور علي المقداد أن “التواصل مع النقابيين ومع ممثلي العمال في القطاعات الانتاجية والمختلفة أمر بالغ الأهمية في تحسين جودة تشريع القوانين، ويسهم إلى حد بعيد في ضمان شمولية وحسن التنفيذ ، فهم يمثلون 80 % من الشعب اللبناني، وخصوصًا أننا في طور مناقشة مشروع البطاقة الصحية الشاملة التي تستهدف هذه الشريحة من اللبنانيين، والتي يجب أن يحمل قانونها حلًا بنيويًا للعديد من المشاكل الموجودة في القطاع الصحي، وأن تتعاون كل الكتل النيابية لإيجاد حل لعقدة تمويلها”.
ولفت المقداد إلى أن “هم حزب الله بعد الهم الأمني والاقتصادي هو الموضوع الصحي الذي تفاقمت مشاكله بعد العام 2019 لأن المواطن اذا جاع يمكن في اليوم التالي أن يجد رغيفًا، أما من لا يجد حبة دواء فلا يوم تالي له”.
ورأى المقداد أن التقسيم الطائفي الحاكم على توزبع دعم الاستشفاء يمنع من إقامة نظام عدالة في توفير الرعاية الصحية على حسب الحاجة الواقعية.
وقال: “نحن نعيش على مستوى الوهم بالقطاع الصحي، ومحكومون بالهواجس، فالمزارع لماذا لا يتم ضمانه، وكذلك الصياد ومربي الأسماك، وعمال البلديات والبناء وكل الحرفيين والمهنيين الآخرين، فالضمان يهمه أن يزيد نسبة المشتركين”.
وأشار المقداد إلی “دور الـ NGOS الذين جاؤوا إلى وزارة الصحة وقالوا إننا نريد أن نقدم مساعدات لكن ليس عبر الدولة، إنما عبر الجمعيات، وهنا تكمن الخطورة في دخول الخارج على القطاع الصحي في الاستثمار السياسي وتوسيع الشروخات بين اللبنانيين”.
وأضاف: “ما هو مسموح للسفارة الأميركية أن تأتي به إلى لبنان أو أن تمنع الاتيان به ليس مسموحًا لغيرها، حتى إنها تتدخل في السماح بدخول هذا الدواء، وتمنع دخول دواء آخر”. وقال إن “إيران تبيع 13 نوعًا من الدواء لدول أوروبية، بينما لا يمكننا أن نستورد من إيران حبة دواء”.
وکشف المقداد أن “البطاقة الصحية الشاملة التي يسهم قانونها اذا استطعنا انجازه في دعم وإحياء عمل المستشفيات الحكومية، ويعيد مراكز الرعاية الصحية الرسمية إلى دورها في مختلف المناطق اللبنانية، يواجه عقبة التمويل، في حين واجهت العديد من اقتراحات مصادر التمويل رفضًا غير مبرر لها، وما زالت الجهود قائمة لتجاوز عقبة التمويل هذه، وسيكون لنا جولة على الكتل النيابية للتعاون على ايجاد الحلول”.
وتابع “الوضع الصحي سيء جدًا ونأمل بما أعطي بموازنة 2024 لوزراة الصحة أن نخفف 50 % من معاناة الناس والمرضى، وأن يتمكن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من رفع نسبة التغطية الاستشفائية لمضمونيه من العمال والمستخدمين وإلا سيكون هناك تسرب من الضمان الى وزارة الصحة”.
وختم المقداد أنه من دون استراتيجية رعاية صحية متكاملة للبنانيين تكون الدولة فيها هي الراعية والضامن لصحة وسلامة اللبنانيين، وتتحمل فيها كامل مسؤولياتها التشريعية والتنفيذية والتمويلية، ولا يمكن أن يكون هناك أمن صحي وسلامة صحية في لبنان، وتبقى البطاقة الصحية الشاملة هي الخطوة الأولى من الخطوات التي يجب إقرارها كي نعيد الدولة إلى دورها المطلوب في القطاع الصحي وإلى دورها في الرعاية الصحية، وانعاش المستشفيات الحكومية، والمراكز الرسمية للرعاية الصحية.
المصدر: موقع المنار