كان الإمام الهادي عليه السلام أطيب الناس بهجة، وأصدقهم لهجة، وأملحهم من قريب، وأكملهم من بعيد، إذا صمت علتهُ هيبة الوقار، وإذا تكلّم سماه البهاء[1]، وإذا دخل على الناس ترجّلوا له احتراماً وتقديراً، فقد روى أبو هاشم الجعفريّ: أنّ بعض الناس كانوا في مجلس بانتظار قدوم الإمام الهادي، فقالوا: لِمَ نترجّل لهذا الغلام وما هو بأشرفنا، ولا بأكبرنا ولا بأسنّنا ولا بأعلمنا؟ والله لا ترجّلنا له، فقال أبو هاشم: والله لتترجّلنّ له صغرة إذا رأيتموه، فما هو إلا أن أقبل وبصروا به حتّى ترّجل الناس كلهم.
فقال لهم أبو هاشم: أليس زعمتم أنّكم لا تترجّلون له؟ فقالوا له: والله ما ملكنا أنفسنا حتّى ترجّلنا[2].
وكان شديدة العبادة لله عزّ وجلّ، متفرّغاً لها، مقبلاً للعبادة لا يفتر ساعة، دائم التبسّم، دائم الذكر لله عزّ وجلّ[3]، وكان من تسبيحه الدائم لله عزّ وجلّ قوله: “سبحان من هو دائم لا يسهو، سبحان من هو قائم لا يلهو، سبحان من هو غنّي لا يفتقر، سبحان الله وبحمده”[4].
وكان شديد الزهد، فكان يلبس جبّة صوف، وكانت سجّادته من حصير[5].
ومن كلماته ومواعظه للناس ما روي عن أبي هاشم الجعفريّ قال: أصابتني ضيقة شديدة فصرت إلى أبي الحسن عليّ بن محمّد عليه السلام فأذن لي فلمّا جلست قال: “يا أبا هاشم أيّ نعم الله عزّ وجلّ عليك تريد أن تؤدّي شكرها”؟ قال أبو هاشم : فوجمت فلم أدر ما أقول له.
فابتدأ عليه السلام فقال: “رزقك الإيمان فحرّم بدنك على النار، ورزقك العافية فأعانتك على الطاعة، ورزقك القنوع فصانك عن التبذّل، يا أبا هاشم إنّما ابتدأتك بهذا لأنّي ظننت أنّك تريد أن تشكو لي من فعل بك هذا، وقد أمرت لك بمائة دينار فخذها”[6].
قبس من علومه عليه السلام
اعتبر المؤرّخون وأصحاب السير الإمام الهادي عليه السلام علماً بارزاً من أعلام عصره في العلم والمعرفة، فإنّ مائة وخمسة وثمانين تلميذاً وراوياً أخذوا ورووا عن الإمام الهادي عليه السلام، وحفلت كتب الرواية والحديث والفقه والمناظرة والتفسير وأمثالها بما أثر عنه، واستفيد من علومه ومعارفه. وكان من تلامذته ورواته وأصحابه: عبد العظيم بن عبد الله الحسني، أيوب بن نوح بن دراج، والحسن بن علي الوشاء، وعبد الله بن جعفر الحميري، ومحمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، أحمد بن إسحاق بن عبد الله الأشعري، علي بن مهزيار الأهوازي، الفضل بن شاذان النيشابوري، عثمان بن سعيد العمري صاحبه وسفير الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف[7].
كما أنّ للإمام عليه السلام رسائل في مختلف العلوم والأمور، منها: رسالته في الردّ على الجبر والتفويض، وإثبات العدل، والمنزلة بين المنزلتين، وغيرها.
[1] ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب، ج3، ص505.
[2] م.ن، ص511.
[3] قطب الدين الراوندي، سعيد بن عبد الله، الخرائج والجرائح، ج2، ص901.
[4] قطب الدين الراوندي، سعيد بن عبد الله، الدعوات، ص94.
[5] قطب الدين الراوندي، سعيد بن عبد الله، الخرائج والجرائح، ج2، ص901.
[6] الشيخ الصدوق، محمد بن علي، الأمالي، ص498.
[7] الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، رجال الطوسي، ص383، وللاطلاع أكثر يراجع كتب علم الرجال.
المصدر: شبكة المعارف الاسلامية