ضياء أبو طعام
آذار 2011، كانت سوريا على موعد مع بدء حربٍ لم تشهدها في تاريخها، فقد كانت ترسانة هذه الحرب قنواتٌ إعلامية وأموالٌ طائلة وإداراتٌ استخباراتية وقنواتٌ دبلوماسية. نسيَ الناسُ ربّما كيف بدأت تلك الحرب، ومن هي وجوهها وأبطالها، وأي جرائم ارتُكبت باسم الثورة والحرية، لكن أبشعَ ما في الصورة يحصل بعد 12 عاماً من جرائم إلقاء جثث موظفي البريد وعناصر الدرك من أعلى المباني في ريف دمشق وجسر الشغور، حيث يعيدُ بعضُ الإعلامِ الناطق باللغة العربية اليوم إعادةَ تفعيلِ الغرفِ السوداء نفسها، وهذه المرة لإعادة كتابةِ القصة بمعايير الألماني غوبلز: “إكذب إكذب حتى يصدّقون”.
موقع المنار الإلكتروني يضع بين أيدي متابعيه الأعزّة حلقات تحقيقٍ استقصائي وثقت فيه المنار قبل سنوات من صفحات تنسيقيات المسلحين أنفسهم الرواية الكاملة، دون أي تعديل أو توليف، فقط من خلال تتبع الأشخاص والأحداث، وربط المنشورات الرقمية بعضها ببعض، وصوصلاً إلى الخروج باستنتاجات واضحة. فكيف بدأت القصة؟ وما السرّ في عسكرة “الثورة” تحت مسمّى الضباط الأحرار، قبل إعادة التدوير ليصبح “الجيش الحر” الذي انخرط في تحويل سوريا إلى “جحيم”؟ التفاصيل في الرابط التالي (مدة الفيديو 29 دقيقة)
رابط الجزء الأول من تحقيق جحيم الخطة ب
لم يتوقف الأمر عند حدود العمل بتوجيهات السفارة الأميركية في سوريا، فخرائط تحرك المسلحين المنضوين تحت مسمّى “الجيش السوري الحرّ” وجدت في حمص القديمة منطلقاً لما أسموه “الثورة”، لكن اختيار الجبهة الجنوبية في سوريا على حدود الجولان المحتل مكاناً لإطلاق “علم الثورة” لم يكن بريئاً. فقد أثبتت الأحداث التي تبعت، بأن العمالة مع كيان الإحتلال الإسرائيلي – العدو الأول لسوريا – كانت غايةً مُعلنة، وبهذا يمكن معرفة الأهداف التي سعى إليها “ثوار” الحرّ. الرابط التالي يحمل كل الأدلّة (مدة الفيديو 27 دقيقة)
رابط الجزء الثاني من تحقيق جحيم الخطة ب
وهكذا، تحوّل المنتَج العسكري الأميركي التوجيه، الخليجي التمويل، الإسرائيلي الرعاية، إلى منتجٍ واضح المعالم: جيشٌ يعمل ضمن نظريات “حروب التماثل” في حروب الجيل الخامس. ولكن..سرعان ما اكتشفت غرف العمليات التي تمسك بهذا المُنتَج أنه مخلوقٌ من مواد فوضوية تسعى إلى تحقيق أهدافٍ شخصيةٍ ضيّقة عنوانها إشباع شهوة المال والشهرة والسلطة. وبما أن الإتجاهات “الدينية” أصبحت أرضيةً خصبةً لاستقبال المقاتلين المضلّلين بسيلٍ من داتا الإعلام المزوّرة، فإن استبدال “التشليح بالتكفير” هو أكثر ملاءمة لاستمرار فترة صلاحية “المُنتَج”، بل ويفسح المجال لاستقطاب التيارات التي خرّجتها المدارس الوهابية حول العالم للالتحاق في ركب “الذبح” داخل الأراضي السورية. هذا المسار واضح في الرابط التالي (مدة الفيديو 33 دقيقة)
رابط الجزء الثالث من تحقيق جحيم الخطة ب
إذاً، أصبحت المجموعات التكفيرية سيّدة “ساحة الثورة”، وإذا كان الجلدُ بالسياط عقوبةً على كل من يتأخر في الإنتقال من البيئة المجتمعية العلمانية، فإن ما حدث لاحقاً كان أكثر خطورة. قادة الثوار الذين صنّعهم الإعلام صاروا صنفين: إما فاسد وإما جلّاد، وهكذا بدأتِ الفضائح والتصفيات تأخذُ شكل الخط المتوازي الثاني في خط سكّة الحديد، المفترض أن توصل قطار الأميركيين ومن معهم إلى سوريا الجديدة. إرتكابات وفظائع لم يلتفت إليها الكثير من الناس نظراً لازدحام الأحداث، جزء منها موّثقٌ في الرابط التالي (مدة الفيديو 31 دقيقة)
رابط الجزء الرابع من تحقيق جحيم الخطة ب
هي خيبةُ أملٍ دفع ثمنها من أمسكوا بطاقات شرفهم العسكري ليقولوا أمام الهواتف المحمولة “أعلن انشقاقي”، واكتشف كثيرٌ منهم أن حلم “المنصب والإمارة” لم في الحقيقة سوى كابوس “قبر وتابوت” حفره لهم من كانوا يبتسمون لهم خلف الشاشات، ساحرين آذانهم وعقولهم بمصطلحات “البطل، الثائر، الزعيم، القائد…”، في الرابط التالي مصير أولئك الذين ظهروا في شريط الرابط الأول يعلنون تأسيس “الجيش السوري الحر”(مدة الفيديو 37 دقيقة)
رابط الجزء الخامس من تحقيق جحيم الخطة ب
إنتهت القصة، ولا أحد يعلمُ ممن اغتيلوا أو أُعدموا أو تواروا عن الأنظار داخل مخيمِ لاجئين أو في دولةٍ بعيدةٍ باسمٍ مزوّر، أن معظم الدول التي أيدّتهم، تقف في العام 12 بعد بدء الحرب على سوريا أمام أعتاب دمشق برئيس البلاد ومؤسساتها وعلمها ذاته منذ أيام الوحدة العربية.
لكننا الآن نعلمُ أكثر أن الكذبَ داءٌ لا دواء له. فمن اعتاد على مدى 12 عاماً على الكذب، لم يعد بسيرته الذاتية هذه صالحاً لنقل “الحقيقة”، فهذا أسوأ بكثير ممن تنطبق عليهم الآية الكريمة من سورة الحجرات “إن جاءكم فاسقٌ بنبأٍ فتبيّنوا”.. فطالما أن القصة – أي قصّة – هي على لسان هؤلاء، فهذا يعني أنها قصةٌ فاسدة، تفوح منها رائحة التضليل النتنة. ودمتم سالمين.