فاطمة والادوار المثالية
الشيخ دعموش: التفاهم هو الطريق الوحيد لإحداث الخرق المطلوب في جدار الاستحقاق الرئاسي.
أشار نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش إلى أنَّ ما يتطلع إليه اللبنانيون على أبواب السنة الجديدة هو أن تكون لديهم دولة حقيقية ورئيس للجمهورية يتعاون مع الجميع لانقاذ البلد، فالبلد بحاجة إلى تعاون حقيقي بين أبنائه لاخراجه من أزماته، وعدم الرهان على الخارج الذي لم يقدِّم شيئًا في معالجة المشاكل التي يعاني منها لبنان، بل إنَّ بعض الخارج يعرقل الحلول ويزيد من تفاقم الأزمات من خلال تدخله بالشؤون الداخلية وتحريضه اللبنانيين على بعضهم البعض واثارته الفتن”.
وخلال خطبة الجمعة، قال الشيخ دعموش: “التعثر القائم في انتخاب رئيس للجمهورية، وغياب المعالجات المطلوبة للأزمات، وفوضى التعاميم غير المدروسة الصادرة عن مصرف لبنان، باتت تزيد من تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية في البلد”، معتبرًا أنَّه لا يمكن معالجة الأزمات والقيام بالاصلاحات المطلوبة من دون رئيس للجمهورية وحكومة كاملة الصلاحيات تكون قادرة على وقف الانهيار وايجاد حلول جذرية للمشكلات.
وأوضح أنَّه “عندما يكون هناك تعثّر وعجز وانسداد في الأفق السياسي ولا يوجد أي فريق يمكنه إيصال مرشحه، يصبح المطلوب هو التفاهم لأنه الطريق الوحيد لإحداث الخرق المطلوب في جدار الاستحقاق الرئاسي”.
ورأى الشيخ دعموش أنَّ “الفريق الآخر يعطل انجاز الاستحقاق ويضيِّع الوقت عندما يصرّ على فرض مرشحه وعلى رفض الحوار والتوافق، وقد آن الأوان كي يعترف بفشله ويمتنع عن المكابرة والعناد، ويتحلى بالواقعية والجدية في مقاربة هذا الاستحقاق”.
وشدَّد على أنَّ من يكون جادًا في انجاز الاستحقاق الرئاسي لا يرفض الحوار والتوافق، لأنَّ الجدية في الملف الرئاسي تكمن في التوافق على شخصية تجمع اللبنانيين وتحمل كل المواصفات المطلوبة التي تتناسب مع ظروف المرحلة والتحديات التي يواجهها البلد.
وأكَّد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله أنَّ حزب الله دعا منذ البداية إلى التوافق الداخلي وعدم الرهان على الخارج لأنَّه لا يُنتج حلًا بل يزيد الأمور تعقيدًا، خصوصا أنَّ أميركا ليست مستعجلةً على الحل وهي تراهن على تعب اللبنانيين من أجل فرض شروطها والاتيان برئيس يعمل على تحقيق مصالحها، وهذا ما لا يمكن أن يتحقق على الاطلاق.
نص الخطبة
من يتتبع سيرة الزهراء(عليها السلام) سيجد أنها جمعت بين عدة ادوار ولم يقتصر دورها على متابعة شؤون بيتها كزوجة وأم وربة منزل، فهي كانت تقوم بكل ما تتطلبه الحياة الزوجية وادارة شؤون العائلة والبيت وتربية الاسرة، ولكنها في نفس الوقت لم تغفل عن مسؤولياتها الرسالية والاجتماعية والجهادية بل كانت تقوم بالعديد من الأدوار المثالية على هذه الصعد، ونحن نستعرض هنا بعض الادوار البارزة في مسيرتها الرسالية.
الدور الاول: هو الدور التبليغي، فقد كانت الزهراء تحمل هم الدعوة الى الإسلام ونشر قيمه ومفاهيمه والترويج لاحكامه وتشريعاته، كانت تعلم النساء القرآن والأحكام والقيم، وقد ورد في الكثير من الروايات بأن النساء كانت تأتي لفاطمة وتتعلم منها، مما يدل على انها كانت تمثل مرجعية لنساء المدينة يرجعن اليها في ابتلاءاتهم ونزاعاتهم ومشكلاتهم لفضها وحلها.
فقد روي عن الامام الحسن العسكري (عليه السلام): ان امرأة جاءت الى فاطمة(عليها السلام) وقالت : إن لي والدة ضعيفة، وقد لبس عليها في أمر صلاتها شيء، وقد بعثتني إليك أسألك. فأجابتها فاطمة (عليها السلام) عن ذلك، ثم ثنت، فأجابت، ثم ثلثت، فأجابت إلى أن عشرت فأجابت، ثم خجلت من الكثرة، فقالت: لا أشق عليك يا بنت رسول الله. فقالت فاطمة (عليها السلام): هاتي وسلي عما بدا لك، أرأيت من اكترى يومًا يصعد إلى سطح بحمل ثقيل، وكراؤه مائة ألف دينار، أيثقل عليه؟ فقالت: لا. فقالت: اكتريت أنا لكل مسألة بأكثر من ملء ما بين الثرى إلى العرش لؤلؤًا، فأحرى أن لا يثقل علي، سمعت أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إنَّ عُلماءَ شِيعتنا يُحشرُون، فيُخْلعُ عليهم مِن خِلَعِ الكرامات على قدْر كثرةِ عُلومِهم، وجِدّهم في إرشادِ عباد الله، حتَّى يُخلَعُ على الواحد منهم ألف ألف خلعة من نور.
اليوم يجب ان تتعلم المرأة المسلمة من الزهراء(ع) كيف تكون عنصر هداية للمجتمع، وان لا يقتصر دورها على متابعة شؤون عائلتها وبيتها بل يجب ان تعلم ابناء المجتمع قيم الدين واحكام الدين وتربطهم بالله سبحانه فهذه المسؤولية مسؤولية هداية الناس ودعوتهم الى الله والخير والحق والالتزام بالاحكام والحلال والحرام وكذلك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هي مسؤولية الجميع والمرأة يمكن ان تلعب دورا بارزا على هذا الصعيد ليس مع اهل بيتها واسرتها وعائلتها فقط بل مع جيرانها واصدقائها وابناء مجتمعها ومع كل من تستطيع ان تؤثر في عقولهم وقلوبهم.
الدور الثاني: الدور الاجتماعي ، فقد كانت الزهراء(ع) تعيش هموم مجتمعها، كانت تشعر بآلام الناس ومعاناتهم، ولم تبخل الزهراء (عليها السلام) بكل ما يساهم في تحسين أوضاع المجتمع الاسلامي من دعم مادي او معنوي ، فقد كان بيتها(عليها السلام) مأوى وملاذاً لكلّ المحتاجين، فما كان أحد يقصد بيتها ثم يعود خائباً وإنما كان يعود وقد قضيت حاجته وهو محفوظ الكرامة.
وكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إذا قصده صاحب حاجة بعثه إلى دار الزهراء (عليها السلام) لعلمه أنها لا تردّ أحداً، وقصّة عقدها المبارك الذي تصدّقت به للمحتاج خير شاهد على ذلك، فضلاً عن قصّتها في إطعام الطعام على حبّه للمسكين واليتيم والأسير، وتصدّقها بثوب زفافها، وغير ذلك مما يطول المقام بذكره.
لقد كانت الزهراء (عليها السلام) معيناً للمحتاجين من أبناء المجتمع الإسلامي آنذاك ، تنفق في سبيل الله وتعتق العبيد وتعين الضعفاء، وهناك شبهاجماع بين المفسرين على نزول قوله تعالى : (ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً ، إنّما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً) في أهل البيت (عليهم السلام) في علي وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام) حينما تصدقوا بطعامهم رغم خصاصتهم على المسكين واليتيم والأسير.
ففي صحيفة الإمام الرضا(عليه السلام) عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) قال: حدثتني أسماء بنت عميس ، قالت : كنت عند فاطمة جدتك ، إذ دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي عنقها قلادة من ذهب، كان علي بن أبي طالب(عليه السلام) اشتراها لها من فيءٍ له ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله):لا يغرّنك الناس أن يقولوا :بنت محمد، وعليك لباس الجبابرة؛ فقطعتها وباعتها، واشترت بها رقبة فاعتقتها، فسُرّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك .
وهنا ايضا يجب ان تكون الزهراء (ع) قدوة واسوة للرجال والنساء في العطاء والبذل وامتلاك الحس الانساني تجاه المحتاجين والمبادرة لمساعدة الناس ورفع الحرمان عنهم والتخفيف من الامهم ومعاناتهم خصوص في اوقات الازمات.
الدور الثالث الدور الجهادي: فقد كانت السنوات الثلاث الأخيرة التي سبقت الهجرة مملوءة بالأذى والمرارة والمعاناة؛ بسبب الحصار والعقوبات والمضايقات التي فرضها أعداء الاسلام على النبي والمسلمين من اجل ابعادهم عن دين الله والقضاء على الإسلام والمسلمين، فكانت فاطمة في تلك المرحلة بالرغم من انها لم تبلغ من العمر الكثير تبادر للدفاع عن رسول الله ضد المشركين ، وهذا ما يدل على عظم تفكيرها وحسن تدبيرها وهي تلك الفتاة العالمة غيرالمعلمة التي نشأت وتربت في بيت النبوة .
كانت فاطمة (عليها السلام) تمسح التراب عن رأس أبيها وهي تبكي، عندما كان المشركون يلاحقونه في شوارع مكة ويرمونه بالاوساخ ويضعون التراب على رأسه ، وكان رسول اللّه(صلّى الله عليه وآله ) يهدء من روعها و يقول لها: قول الواثق بنصر الله: لا تبكي يا بنية، فإنّ اللّه مانع أباك .
كانت تنقل لرسول الله كل ما كانت تسمعه من المشركين عندما كانوا يحيكون المؤامرات عليه ليذر النبي من مكائدهم .
فقد روى ابن عبّاس: أنّ قريشاً اجتمعوا في الحِجر، فتعاقدوا باللاّت والعزى ومناة لو رأينا محمداً لقمنا مقام رجل واحد ولنقتلنّه، فدخلت فاطمة (عليها السلام) على النبي ( صلّى الله عليه وآله) باكيةً واخبرته بما قالوه وما يدبرونه ضده، فقال: يا بنية، أعطني وضوئي، فتوضأ وخرج إلى المسجد، فلمّا رأوه قالوا: هاهو قد اتى ولكنهم لم يصلوا اليه ولم يستطيعوا النيل منه ، بل ان النبي خذ قبضةً من التراب ورماهم بها، وقال : شاهت الوجوه فما أصاب التراب رجلاً منهم إلاّ قُتل يوم بدر.
وتؤكد لنا الروايات أنّها كانت الوحيدة التي دافعت عن رسول الله (صلى الله عليه واله)عندما رمى عليه أبو جهل روث البقر، وهو قائم يصلي مع أصحابه عند الكعبة، فلم يجرؤ أحد على التدخل، لكنّها خرجت هي وأسمعت أبا جهل ما منعه من الاستمرار في السخرية من النبي (صلّى الله عليه وآله ).
وفي معركة أحد، عندما جرح رسول الله(صلّى الله عليه وآله) حيث كُسرت رباعيته وشُجّ جبينه، أقبلت فاطمة (عليها السلام)، وهي صغيرة السِن من المدينة إلى أحد سيراً على الأقدام؛ لتقوم بمداواة جراح رسول الله حيث قامت بغسل وجهه المبارك وإزالة الدم عن وجهه الشريف، لكن الجبين لم يزل ينزف . عندها قامت بحرق قطعة من الحصير، ثمّ وضعت رماده، على مكان الجرح فانقطع النزيف، والأعجب من ذلك أنّها كانت تهيّئ لأبيها السلاح في المعركة التي جرت في اليوم التالي.
وايضا في معركة الأحزاب التي هي من أهمِّ المواجهات التي خاضها النبي(ص) والمسلمون،كانت الزهراء(ع) تمد رسول الله (ص) بالخبز والطعام بعد أن بقى أياماً بدون طعام، وفي أحداث فتح مكة عندما سيطر النبي والمسلمون عل المدين وعلى بيت الله وازالوا منه الأصنام التي كانت تلوّثه، نجد الزهراء (عليها السلام) كيف كانت تقف الى جانب أبيها، لتُهيّئ له ماءً ليستحم ويغتسل، حتى يزيل عن جسده المبارك غبار الطريق، ويرتدي ثياباً نظيفة يخرج بها إلى المسجد الحرام.
كل ذلك يدل على عظم تفكير هذه السيدة العظيمة التي تحملت المسؤولية من صغر سنها دفاعاً عن دينها وعن رسول الله فاستحقت ان تكون ام ابيها ون تكون المرأة المجاهدة التي كانت تحمل هم الدفاع عن الاسلام بكل ما اوتيت من قوة.
الدور الرابع: الدور الرسالي الذي تجسد في إصرار الزهراء(ع) على المطالبة بأرض فدك، فأرض فدك هي ارض واسعة بين المدينة وخيبر، فيها نخيل مترامي الأطراف ، وكان هذا النخيل من أكبر الموارد الاقتصادية لأهل المدينةنظرا لكثرته وكثرة ثماره ونتاجه، وفدك هي من الفيء، لأنها لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، يعني الارض التي فتحت صلحًا ولم تفتح بالحرب والسلاح، وكل أرض تفتح صلحًا فهي خالصة للنبي كما يقرر القرآن الكريم، ﴿مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ﴾وفدك حصل عليها المسلمون بغير الحرب فهي خالصة لرسول الله(ص)، وقد وهب النبي فدكًا في حياته للزهراء وبقيت لديها إلى أن توفي رسول الله وبعد وفاة النبي وضعت السلطة يدها عليها وحرمت الزهراء منها وهنا اقامت الزهراء دعوى لدى القضاء لمطالبة بها كهبة وهبها لها أبوها وأشهدت على ذلك أمير المؤمنين والحسنين عليهم السلام كما أشهدت أم أيمن، فرد القضاء جميع هذه الشهادات ورفض ارجاع الحق للزهراء(ع).
لكن الزهراء أصرت على ان فدك حقها، وقد أرادت الزهراء بالمطالبة بفدك وإصرارها على ذلك تحقيق هدف أساسي وهو أن فدك كانت رمزًا للخلافة وللقيادة، وهذا ما صرّح به أئمة اهل البيت (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) حيث ان هارون الرشيد لما استلم الحكم أراد أن يظهر ولاءه لأهل البيت في بداية أمره، فعرض على الإمام الكاظم تسليمه فدكًا، وانه على استعداد لأرجعها له بتمامها، فكتب إليه الإمام الكاظم : إذا أردت أن ترجعها فإن فدكًا من شمال إفريقيا إلى سيف البحر ومن الشام إلى اليمن،(اي هي كل العالم الاسلامي انذاك). قال: ما سمعنا أن فدكًا بهذه المساحة وبهذا المقدار.
الإمام الكاظم يعرف ان مساحة فدك ليست كل هذه المساحة ولكنه أراد أن يقول له: ان فدك ليست أرضًا، وليست نخيلًا، وليست ثروة مادية، فدك هي الخلافة والقيادة، إذا أردت أن تسلم فدك ففدك كانت رمزًا للخلافة، يعني أن تسلم الخلافة إلى أهلها الحقيقيين وهم أئمة اهل البيت (صلوات الله وسلامه عليهم) هذه هي فدك.
الزهراء ما جادلت ولا دافعت ولا نهضت إلا لأجل المطالبة بحق أمير المؤمنين في الخلافة والقيادة .
ابن أبي الحديد يسأل أستاذه علي بن المفارقي : ما ضر فلانًا لو أعطى فدكًا لفاطمة؟ ماذا كان يضره؟ قال: لو أعطاها اليوم فدك لجاءت في اليوم الثاني تطالب بخلافة زوجها منه، فأراد أن يقطع عليها الباب من أول الأمر. إذن من الواضح أن الجميع كان ملتفتًا إلى أن مسألة فدك هي مسألة شكلية، وهي مسألة صورية، وأن الهدف الأساس وراء ذلك هو المطالبة بالخلافة. التي انحرفت عن مسارها الذي رسمه النبي قبل وفاته.
هذه الادوار العظيمة التي قامت بها الزهراء هي خير دليل على ان المرأة المسلمة وان كانت تمارس دورا اساسيا داخل الاسرة الا انها لا ينبغي ان تهمل الادوارالاخرى العامة التي تستطيع ان تكون مؤثرة فيها وان تساهم من خلالها الى جانب الرجل في تطوير الحياة واحقاق الحق ومواجهة التحديات.
نحن على ابواب سنة جديدة والانسان المؤمن رجلا كان اوامرأة عليه ان يتطلع في سنته الجديدة نحو الافضل، فيتطور ويتقدم ويسعى نحو القمة والدرجات العليا، سواء في طاعته لله وفي عباداته واعماله الصالحة وفي شؤونه المختلفة في الحياة، عليه ان يكون دائماً في خطٍّ تصاعدي فلا تكون سنته الجديدة كسنته السابقة، بل افضل واحسن في جميع اموره وشؤونه، بأن يكون أكثر المؤمنين ايمانا والتزاما ، وأشدّهم وقوفاً عند حدوده واحكامه، وأشكرهم لنعمه والطافهواكثرهم سعيا نحو معالجة المشكلات والازمات والخروج منها
فنحن نقرأ في الدعاء المأثور: اللَّهُمَّ اجْعَلْ مُسْتَقبَلَ أمري خيراً مِنْ مَاضيهْ وَخَيْرَ أَعْمَالِيْ خَوَاتِيمَها وَخَيْرَ أَيَّامِي يَوْمَ أَلْقَاكَ فِيهَ ..
فيكون كلّ يوم أفضل من سابقه، وتكون سنته الجديدة افضل من سابقتها ، والمستقبل أفضل من الماضي، ليصل الإنسان إلى الله على أفضل حال يجب أن يكون عليها أحدٌ من عباده .
لذلك ليلة راس السنة يجب ان تكون ليلة التفكر والتأمل والمراجعة والتقييم، ليلة جردة الحساب، لا ليلة اللهو والمجون والتحلل، وليس ليلة التفلت من الضوابط والقيم الاخلاقية، والتفلت من القانون واطلاق الرصاص بشكل عشوائي وتعريض الناس للخطر .
في ليلة راس السنة يجب ان يعود الناس الى الله وان يتضرعوا الى الله، ليغير سوء حالهم الى احسن حال، وليعينهم على مواجهة تحديات المستقبل وتجاوز المشكلات والازمات.
ما يتطلع اليه اللبنانيون على ابواب السنة الجديدة هو ان تكون لديهم دولة حقيقية ورئيس للجمهورية يتعاون مع الجميع لانقاذ البلد، فالبلد بحاجة الى تعاون حقيقي بين ابنائه لاخراجه من ازماته ، وعدم الرهان على الخارج الذي لم يقدم شيئا في معالجة المشاكل التي يعاني منها لبنان، بل ان بعض الخارج يعرقل الحلول ويزيد من تفاقم الازمات من خلال تدخله بالشؤون الداخلية وتحريضه اللبنانيين على بعضهم البعض واثارته للفتن.
اليوم التعثر القائم في انتخاب رئيس للجمهورية وغياب المعالجات المطلوبة للازمات وفوضى التعاميم غير المدروسة الصادرة عن مصرف لبنان باتت تزيد من تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية في البلد، ولا يمكن معالجة الازمات والقيام بالاصلاحات المطلوبة من دون رئيس للجمهورية وحكومة كاملة الصلاحيات تكون قادرة على وقف الانهيار وايجاد حلول جذرية للمشكلات.
وعندما يكون هناك تعثر وعجز وانسداد في الافق السياسي ولا يوجد أي فريق يمكنه إيصال مرشحه يصبح المطلوب هو التفاهم لانه الطريق الوحيد لإحداث الخرق المطلوب في جدار الاستحقاق الرئاسي.
اليوم الفريق الاخر يعطل انجاز الاستحقاق ويضيع الوقت عندما يصرعلى فرض مرشحه وعلى رفض الحوار والتوافق، وقد آن الاوان كي يعترف بفشله ويمتنع عن المكابرة والعناد، ويتحلى بالواقعية والجدية في مقاربة هذا الاستحقاق.
من يكون جادا في انجاز الاستحقاق الرئاسي لا يرفض الحوار والتوافق لان الجدية في الملف الرئاسي تكمن في التوافق على شخصية تجمع اللبنانيين وتحمل كل المواصفات المطلوبة التي تتناسب مع ظروف المرحلة والتحديات التي يواجهها البلد.
ولذلك حزب الله دعا منذ البداية الى التوافق الداخلي وعدم الرهان على الخارج لانه لا ينتج حلا بل يزيد الامور تعقيدا، خصوصا ان اميركا ليست مستعجلة على الحل وهي تراهن على تعب اللبنانيين من اجل فرض شروطها والاتيان برئيس يعمل على تحقيق مصالحها، وهذا ما لا يمكن ان يتحقق على الاطلاق .
المصدر: بريد الموقع