09-04-2025 04:34 PM بتوقيت القدس المحتلة

وقائع جلسات مؤتمر إصلاح السياسات الإجتماعية في لبنان من تنظيم المركز الإستشاري‏

وقائع جلسات مؤتمر إصلاح السياسات الإجتماعية في لبنان من تنظيم المركز الإستشاري‏

نظم المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق مؤتمر إصلاح السياسات الإجتماعية في لبنان

نظم المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق مؤتمر إصلاح السياسات الإجتماعية في لبنان..

وقائع المحور الأول تحت عنوان : الأجور وتوزيع الدخل

الجلسة الأولى يرأسها الدكتور جورج قرم

الدكتور قرم : أحيي مبادرة المركز الإستشاري للدراسات وأحيي جهود مدير المركز الدكتور عبد الخليم فضل الله وأعتقد أنّ  المبادرة أتت في الظرف المناسب خاصة بعدما شهدته الساحة السياسية والإجتماعية من صعوبات في سياسة تحديد زيادة الأجور.

آلية تحديد الأجر بمفهوميه النقدي والإجتماعي بين مخاطر التضخم ومتطلبات الإنتاجية :

ـ أمين عام جمعية المصارف الدكتور مكرم صادر  : كيف نحدد الأجور ليس فقط بالشكل العلمي بل أيضا في الحيز الإقتصادي اللبناني، هناك محددات رئيسية للأجور في لبنان الأول الخصائص الذاتية للعمالة وسوق العمل والمحدد الثاني هو إعادة التوزيع من خلال السياسية المالية للدولة والثالث هو السياسة النقدية والإستقرار النقدي وانعكاسه على الأجور.
بالنسبة للأول ونظراً لقلة الإحصاءات المنتظمة لا نستطيع أن نستخرج رقم دقيق ولكن كأمين عام جمعية المصارف ولنا دراسات منجزة أربع مرات على مدى عشرين عاما لوضع العاملين في  القطاع المصرفي نرى بدقة كيف تحدد الأجور والعوامل الأساسية التي تحددها في القطاع من جهة الوظائف وحسب المستوى التعليمي والأقدمية وغيرهما. إنّ خاصية المهارات مهمة جدا في تحديد الأجر ومستواه  كما للمستوى العلمي، العاملون في القطاع المصرفي جلهم من الجامعيين وفيهم نسبة كبيرة من النساء، وهناك فروقات بسطية بين أجور النساء وأجور الرجال في القطاع المصرفي مرتبطة بالمهارات وبالوظيفة .
النقطة الثانية في المحدد الأول والتي يجب الأخذ بها هي قدرة المؤسسات على خلق الوظائف وأَأْخذ مثلا القطاع المصرفي حيث عدد موظفي القطاع منذ عام 2000 ارتفع إلى 22 ألف موظف أي زادت العمالة نحو سبعة آلاف، أيضا مدى انفتاح الأسواق الخارجية والدولية لسوق العمل اللبناني يؤثر على مستوى الأجور.

المحدد الثاني في تحديد الأجور هو الإنفاق العام في البلد وليس فقط إنفاق الموازنة الذي يشكل أقل من ثلث الدعم، اليوم حجم عمالة القطاع العام اللبناني متضخمة أربعين بالمئة، وعندما تساهم الدولة في الضمان الإجتماعي وتمول الخدمات الصحية والرعاية الصحية والنقل العام فهذه الخدمات العامة تشكل جزءا من الأجور وهذا يحتاج إلى دراسة أدق من قبل وزارة المالية لنرى هذا النوع من الإنفاق ولنرى حصة الأجراء من هذا الدعم. هناك أيضا دعم مستتر من خلال دعم الكهرباء فكل الناس مدعومة حيث عمليا دافع فاتورة الكهرباء يستفيد من الدعم الذي تناله الكهرباء، متسائلا عن قدرة واستمرار الدولة في هذا الإنفاق الضخم ، ومشيرا إلى كثير من الهدر الذي يحتاج إلى تنظيم .
أضاف : إذا لم يكن هناك مصداقية للدولة وقانون انتخابي يراعي التمثيل الصحيح فالدولة في وظيفتها الرعائية التي نطلب منها أن تكون شاملة لن تقدر على تأمينها.

الدكتور نقولا شماس رئيس جمعية تجار بيروت
أنا قلبي على المجتمع وعقلي على الإقتصاد، وكون الجمعية واكبت موضوع تصحيح الأجور أود أن أشارككم في حيثيات الولادة القيصرية في الأشهر المنصرمة لزيادة الأجور. نحن نعتبر أن الجمعية مؤتمنة على النظام الليبرالي المفعم بالحس الإجتماعي، والإعتبار الثاني أننا لم ننسَ ذوبان القدرة الشرائية في الثمانينيات والتسعينييات عندما أعطينا زيادة في الأجور.
ورفض شماس إحداث انشقاقات أفقية إضافة إلى الإنشقاقات العامودية الموجودة أصلا وتصوير ما دار في الفترة الأخيرة كانشقاقات طبقية، مؤكدا أنّ ما يجري في سوريا يؤثر على الإقتصاد اللبناني، كما أنّنا ننظر إلى ما يجري في البلدان الأورويبة واقتراب دول منها إلى الإفلاس بعين الإعتبار.
إنّ الدولة مسؤليتها تكبير حجم الكعكة الإقتصادية، وعندما كنا في لجنة المؤشر قاربنا موضوع انعكاس زيادة الأجور على الموضوع المالي، فالإنتاجية متدنية في الإقتصاد اللبناني ولا مجال لزيادة الأجور بغض النظر عن الإنتاجية في الصناعة والتجارة .
نحن ندعم اليوم إعادة النظر بتركيبة نظام نهاية الخدمة في الضمان الإجتماعي والعبور إلى ما يسمى ضمان الشيخوخة وإيجاد سبل ترشيد إنفاق الضمان ككل لسد حاجات الأسر اللبنانية. وبموضوع النقل العام وضعنا قدراتنا بتصرف الدولة لإيجاد نقل محترم لتخفيف العبء علن المواطنين.
ورأى شماس أنّ البعض أدخل البلاد في منعطف خطير مع إثارته لموضوع تصحيح الأجور على أنه الإجراء الأنجع لمكافحة غلاء المعيشة، وتساءل عن جدوى التلاعب بآليات العرض والطلب برفع الأجور عنوةً في ظرف إقتصادي عصيب للدولة والمؤسسات والأسر، وكان الأحرى بالدولة أن تتبصّر منذ زمن في إدارتها للملف الإجتماعي، وتعي التحديات المتتالية تلافياً لإتخاذ قرارات مؤلمة دفعة واحدة قد تودي بأحد شركاء الإنتاج أو بكليهما معاً.
وإذا لا بد من تصحيح إستلحاقي وطارىء للحد الأدنى للأجور تجاوباً مع بعض المطالب العمالية، فينبغي أن يأتي مُحكماً، حجماً وتوقيتاً. وأن يندرج ضمن إستراتيجية إجتماعية– إقتصادية شاملة تُكثّف إيجابياته وتحدّ من وطأة سلبياته، معدداً خمسة معايير لتصنيف الأوضاع المُرتقبة وتسليط الضوء على مقوّمات إستراتيجية، ألا وهي: الإستهلاك، الإنتاجية، التضخم، مالية المؤسسات، وفرص العمل.
وختم بالمطالبة بأن يعود ملف تعزيز القدرة الشرائية الشائك إلى مكانه الطبيعي، أي المجالس الثلاثية التكوين وعلى رأسها لجنة المؤشر، كي تنكبّ على معالجته بحكمة ودراية وهدوء، وبرعاية الدولة كوسيط نزيه وعادل. فلا تجتزئه وتقرأه على طريقة " لا إله " ، ولا تتجاهله وترسله إلى الحفظ في الأدراج، لما لهذا الملف من أهمية في الإنتظام العام. فالأجر يمثّل دين ممتاز على صاحب العمل، وينبغي تحديده بدقة متناهية كي يتسنّى لصاحب العمل تسديده حتى في أصعب الظروف.

ـ الأستاذ علي طاهر ياسين رئيس اتحاد الوفاء لنقابات العمل والمستخدمين في لبنان وعضو هيئة المكتب التنفيذي للإتحاد العمالي:
تساءل ياسين عن نسبة المواطنين اللبنانيين الذين يتقاضون أجورا في لبنان؟ وقال لو أن التعريف واضح في القانون اللبناني والمفاهيم اللبنانية لكانت أزمة الأجور أفضل ولخفّت الأزمة قليلا لكن السلطة التنفيذية لم تول الموضوع اهتماما كافيا.
أضاف : إنّ الوضع الإقتصادي الحالي يمكن اختصاره برأي مجلس شورى الدولة أنّ على السلطة التنفيذية تحديد نسبة الحد الأدنى من الأجور وكيفية تطبيقه، لكن للأسف التجربة التي مررنا بها دائما تثبت أنّ مقولة الأرقام في لبنان هي وجهة نظر، مشيرا إلى أنّ الأسعار في البلد غير واضحة فمؤشر لجنة المؤشر غير مؤشر مصرف لبنان وغيرها من المؤشرات ، مطالبا بعمل مؤشر حقيقي فعلي للأسعار .
تاريخيا في لبنان المفاوضات مستمرة وبشكل دائم لتحديد الحد الأدنى العادل للأجور وأنا أقول أنّ لا حد إنساني لها في لبنان فالقانون يقول أن الحد الأنى للأجور يجب أن يكون كافيا لسد حاجات العامل اللبناني وعائلته، مؤكدا أنّ التقديمات الإجتماعية هي حق دائم للمواطن على الدولة ومشددا على أهمية الضمان الإجتماعي ، لافتا إلى أن تجربة تصحيح الأجور مع الوزير شربل نحاس أظهرت أن هناك فهما جديدا لتحديد الأجور.

الدكتور غسان ديبا رئيس قسم الإقتصاد في الجامعة اللبنانية الأمريكية :
رأى الدكتور ديبا أنّ تصحيح الأجور لا يؤدي إلى زيادة الأسعار إلا إذا كانت السياسة النقدية منفلتة، والقول أن زيادة الأجور سوف تؤدي إلى التضخم غير صحيح إلا في ظروف محددة،  وفي لبنان أظن أننا نمر بمرحلة ـ وعلى الرغم من الأزمة الإقتصادية ـ  أصف فيها الإقتصاد اللبناني أنه في حالة كنزية وهو ليس في مرحلة انتفاء الأرباح حيث زيادة الأجور تؤدي إلى انتفاء الأرباح.
أضاف : ليس علينا النظر إلى أكلاف المعيشة فقط بل ايضا علينا النظر إلى الإنتاجية عندما نريد تصحيح الأجور وهذا أمر مهم، وتساءل هل نصحح الأجور مركزيا أم عبر عقود جماعية أو تفاوض جماعي وهذه الطرق كلها مهمة، وإذا نظرنا إلى لجنة المؤشر نرى لها دورا مركزيا، وحيث أنه في لبنان لا يوجد تفاوض جماعي، فإما أن نتبع مركزية تعميم الأجر أو نتبع تعميم العقود الجماعية في سوق العمل وهذه الآلية تسمح بتحديد الأجور بشكل دقيق.

نقاش مفتوح :
تركز النقاش المفتوح على تنفيذ مشاريع مهمة في لبنان من مثل المشروع الأخضر وتحرير قطاع النفط وتنفيذ برامج الإصلاح والمحاسبة وعدم تسمية الإرتكابات بـ "الهدر" والمطالبة بتعزيز القدرة الشرائية بالليرة اللبنانية والمطالبة بحركة نقابية تمثل حقيقة الناس وتوحيد المؤسسات الضامنة ومراقبة الأسعار وتخفيف عبء الضرائب ولحاظ تمايز القطاع العام عن القطاع الخاص حيث الأول محمي وفيه برنامج أجور مركب وإنجاز صيغة واحدة للأجور بالقطاعين العام والخاص للخروج من الوضع الراهن.

الجلسة الثانية
اعتذر وزير المالية محمد الصفدي عن عدم حضوره لمشاركته في الجلسة الوزارية المنعقدة في مجلس النواب منيبا عنه في رئاسة الجلسة الثانية لمستشاره انطوان قسطنطين
ـ الدكتور قسطنطين : القدرة الشرائية في لبنان متدنية لأنّ الأجور متواضعة والخدمات الأساسية متوفرة جزئيا وليس بالشكل الصحيح وليس بالشكل اللازم، متمنيا دورا فاعلا ومطلوبا للمجلس الإقتصادي الإجتماعي، أضاف : إنّ كلفة رفع الأجور في القطاع العام تقدر بمليار دولار أمريكي سنويا يضاف إلى أعباء المالية أيضا، متسائلا هل من المطلوب فصل أجور القطاع العام عن أجور القطاع الخاص
إنّ تنمية الإقتصاد اللبناني تحتاج لصياغة رؤية جديدة تأخذ بالإعتبار تطبيق سياسية إجتماعية فعلية من شأنها الحد من الفقر ودعم الأسر الفقيرة .

توزيع الدخل : آليات إعادة التوزيع المنصف قطاعيا وبين عناصر الإنتاج

الدكتور توفيق كاسبار:
من المفارقات التي حدثت في المناقشات الأخيرة لتصحيح الأجور عدم التطرق لعاملين أساسيان بتاتا، الأول هو السؤال : هل يا ترى الحد الأدنى يقارب ما يسمى الحد الأدنى المعيشي الإجتماعي، أي أنه يكفي لعيشه بحدٍ أدنى؟ لقد جرت دراسات في لبنان منذ الستينات ، وفي نهاية المطاف لم يجر التطرق لهذا الأمر ، العنصر الثاني هو الإنتاجية ، هل نزيد الأجور إذا زادت الإنتاجية وهي أساس، أيضا لم يجرِ  نقاش لهذا الأمر . ولفت إلى أن نسبة نمو الأجور في ا لقطاع العام أعلى بنسبة 35 بالمئة من القطاع الخاص، إنّ عدد الأجراء الكلي يناهز النصف وجزء كبير منهم في القطاع العام، إجمالا الأجراء في القطاع الخاص يقارب الثلث وهذه التركيبة منذ الإستقلال في لبنان وهذا من الاسباب الرئيسية لعدم النمو في لبنان، في أي مكان في العالم عندما تجري نقلة نوعية في الإنماء تترافق معها ظاهرة أساسية وهي أن تركيبة الإنتاج تتغير فمثلا تزيد حصة الصناعة أو الصناعات المتقدمة وتهبط قطاعات أخرى مثل الزراعة .
إنّ التركيبة الإقتصادية في لبنان لم تتغير وقد هبطت الإنتاجية بشكل كبير وهناك رقم يخيف أي مسؤول في لبنان، إذا أخذنا رقم انتاجية العامل في آخر سنتين مقارنة بإنتاجية العامل قبل الحرب هي أقل من 20 بالمئة ، وبأحسن الأحوال الإنتاجية الآن تقارب الإنتاجية قبل الحرب فهذا اقتصاد غير منتج.
وتساءل عن نسبة الأسر التي تستطيع أن تدخر في لبنان مؤكدا أنها 15 بالمئة وهي نسبة متدنية جدا، لافتا إلى أن لا حياة إقتصادية وثقافية واجتماعية خارج الوسط اللبناني وهذه الظاهرة منذ الإستقلال، مبديا اعتقاده أن أولوية أي سلطة سياسية في لبنان مواجهة هذه الظاهرة ، مقترحا إنشاء سكة حديد إلى خارج لبنان تخلق نشاطا اقتصاديا خارج الوسط التجاري.

الدكتور جاد شعبان:
بداية لفتني أمران الأول أن لا فوارق طبقية في لبنان والثاني أن لا دولة لدينا، لكني أقول أنه لدينا فوارق كبيرة جدا ولدينا دولة تخدم هذه الطبقية. إنّ الطبقة الوسطى في لبنان انقسمت إلى ثلاثة طبقات منذ ثلاثين عاما ، وثلاثين بالمئة من اللبنانيين دون خط الفقر ، لافتا إلى أنّ أغنى الأسر اللبنانية ونسبتهم 20 بالمئة يستهلكون نصف الإستهلاك اللبناني، معبترا أنّ رصيدنا في إعادة توزيع الدخل هي صفر وبرأيي أنّ الدولة تعمل بشكل فاعل على تركز الدخل عبر الضرائب والرسوم وسياسات مالية أخرى.
وقدم الدكتور شعبان إحصاءات أجريت في الجامعة الأمريكية تظهر مداخيل الضرائب المباشرة والضرائب غير المباشرة والـ TVA   والضرائب على الأرباح والضرائب العقارية وغيرها والتي تظهر التفاوت المعيشي بين الطبقات.
واعتبر أنّ فشل السياسة الكهربائية يغذي كرتيلات النفط الموجودة في لبنان، مشيرا إلى غياب أي سياسات في القطاع الصحي من توعية مسبقة، وأكّد أنّ الدعم على الشأن الزراعي لا يستفيد منه المزارعين معتبرا أنّ السياسة الزراعية سياسة غير عادلة
ورأى أنّ إعادة توزيع الدخل هي أولوية للنمو ولإحلال السلم الأهلي وليس العكس، مطالبا بالبدء بخطة معالجة الهدر في القطاع العام ، وإصلاح شامل للنظام الضريبي جديد تصاعدي على أرباح الشركات المالية.

 

المحور الثاني : مكافحة الفقر والبطالة 

الجلسة الثالثة

الأطر والبرامج  الفاعلة لمحافحة الفقر .. قيود الواقع وحدود التجربة

اعتذر وزير الشؤون الإجتماعية وائل أبو فاعور عن حضور وترأس الجلسة الثالثة وأناب عنه الدكتور عصمت بشير الذي ألقى كلمة الوزير ومما جاء فيها :
لقد أدرجت مسألة مكافحة الفقر كهدف أساسي في المؤتمرات الدولية المنعقدة في العقدين الماضيين التي اعتبرته عائقا أمام التنمية المستدامة ، واعتبر الفقر الهدف الأول من أهداف الألفية التي أقرتها الأمم المتحدة للقرن الحالي . إنّ تنفيذ البرامج الموجهة نحو الفئات الفقيرة يمكن أن تساهم في ادماج تلك الفئات في عملية التنمية إن قامت وعدلت وإلى نفاذها من عزلتها إن صاحبها تطوير آليات توعية لزيادة مستويات التمكين في صفوف الفئات المعرضة. من هنا يأتي برنامج دعم الأسر الأكثر فقرا كخطوة من نوع التدخل الحكومي الإجتماعي وهو أيضا خطوة مؤسسة وضرورية لتطوير الوزارة نفسها لتصبح بؤرة للعمل التنموي والإجتماعي والإقتصادي بعد أن افتقدت المبادرة ردحا من الزمن واقتصر نشاطها على توزيع الخدمات لسنوات طويلة ولدراسات أدت دورا كبيرا في الترعف على الواقع لكن دون أن يرافقها ما يخفف من صعوباته. إنّ فترة برنامج خدمة الأسر الفقيرة حددت حتى آخر عام 2012 وهي في طور التمديد حاليا يتم من خلالها توزيع المساعدات للمحتاجين وتحديد نسب الأسر الفقيرة وإعادة النظر المستمرة بالخدمات التي ستقدم إليها ، علما أنّها للمرة الأول تأسس قاعدة بيانات لكل الفقراء في لبنان .
إنّ سياسات الحماية الإجتماعية والتدخلات الناجمة عنها لا يمكنها أن تحل محل النمو الإقتادصي المستمر لكن بإمكانها أن تخفض مخاطر الفقر وتخفف على المدى القصير من تأثيرات الأزمات الإقتصادية. والخطوة المقبلة التي تتطلع إليها الوزارة هي تبني برنامج تنمية اقتصادية اجتماعية ويحيل الوزارة مؤسسة راعية للأنشطة التنموية في لبنان .
وبهذه المناسبة ألفت نظركم أن ورشة عمل عربية ستنعقد مطلع الصيف بدعوة من مجلس وزراء الشؤون الإجتماعية العرب للبحث في منهجيات إعداد الفقر في العالم العربي بناء على طلب وجهته وزارة الشؤون اللبنانية في دورة مجلس وزراء الشؤون الإجتماعية العرب الذي انعقد في بيرون أواخر العام المنصرم.


ـ الدكتور أديب نعمة مستشار إقليمي ـ الإسكوا : أسئلة التنمية الإجتماعية في لبنان
أكّد الدكتور أديب نعمة على عدم كفاية مقاومة الحرمان فقط في لبنان، فإذا كانت الجهات المعنية بالشأن الإجتماعي من حكومة ووزارة ستكتفي بموضوع مكافحة الحرمان فمصيرهم إلى الفشل لأنّ الأمر لا يتعلق بخفض الفقر فقط، إنّما يتعلق بتحقق التنمية الإجتماعية وكل استراتيجية بمعزل عن هذا الأمر مصيره الفشل، وقال إنّ ما سمعناه في جلسات ما قبل الظهر يؤكد أن السياسة الإجتماعية تبدأ بسياسات إقتصادية تبدأ ولا تزيد المشاكل الإقتصادية، مؤكدا أن تطوير نقل عام فعال يخفف عشرة بالمئة من إنفاق الأسرة وقِسْ على ذلك.
وقال : نحن نعيش في الدول الغنائمية، وهو مصطلح أبعد من مفهوم الفساد، الفكرة التي أدافع عنها هي أنّ الدولة هي الطرف الأضعف ويجب أن تعلب دورا أكبر وقد أصبح هناك اجماع أنه ينقصنا مبادرات ولا ينقصنا صناديق ودراسات، يأتي أحدهم بمبادرة جديدة هي نوع من صندوق ضامن جديد لكن نحن نريد توحيد الصناديق وبذا نكون نسير بالإتجاه الخاطيء، بالنسبة لي ـ وهذا من المبالغة المقصودة ـ أي شخص يقول أريد عمل مشروع وبرناج دعم أقول له بدأت بالخطأ، هناك خطر كبير أن نبدأ بخطوة غير محسوبة التنفيذ التي تدمر الخطوات اللاحقة، داعيا إلى وضع الخطط والبرامج الموجودة للمناقشة لفترات إضافية قبل تنفيذها، متسائلا عن المسؤول عن تفعيل مجلس إدارة الضمان.
ورأى ان واقع المراوحة او التقدم البطيء والمجزأ في الاتفاق على رؤية موحدة وتشاركية للشأن الاجتماعي في لبنان، وفي أعداد الاستراتيجية الوطنية للتنمية الاجتماعية، لا يساهم في تحفيز المساهمات الفردية والجماعية على ابتكار افكار جديدة وحلول خلاقة للمشكلات الاجتماعية، ولا على اختبار الافكار التي طرحت سابقا على ارض الواقع. وهذا يجعل التقدم بطيئا وملتبسا، لإننا لا نستطيع ان نتحقق في الممارسة من صوابية الموجة الجديدة من الافكار المتداولة لإصلاح السياسات الاجتماعية منذ منتصف التسعينات حتى اليوم. وبالتالي فإننا ننتقل من مقاربة الى اخرى استنادا الى الاجتهادات الذاتية للجهات الوطنية اللبنانية وبالتفاعل مع شركاء دوليين متعددي الإتجاهات، دون وجود معيار واقعي لمدى ملاءمة الافكار والسياسات المطروحة للبنان سوى المعيار الذهني، والتأويل الذي تقدمه الاطراف المعنية للتجارب العالمية والوطنية، وهي ليست مناسبة بالضرورة.
وأشار إلى ان الاقتصار علي وضع استراتيجية لمكافحة الفقر في لبنان يبقى في اطار مقاربة الحرمان ومعالجة الظاهرات السلبية. واذا توسعت الاستراتيجية لتشمل تحقيق مستويات اعلى من المساواة الإجتماعية والمناطقية، ولتشمل ايضا تحقيق الرفاه الإجتماعي ورفع مستوي معيشة السكان عموما، وتمكين الناس من ممارسة حقوقهم وخياراتهم الفردية والجماعية بشكل حر وخلاق يحققون ذواتهم من خلالها، نكون قد انتقلنا من مقاربة الحرمان الى مقاربة التنمية. أضاف : إن التدخل وفق مسارات زمنية قصيرة ومتوسط وبعيدة يحيلنا الى ضرورة التخطيط العلمي وتحقيق الترابط والاستمرارية في السياسات ومواكبتها لمستوى التقدم وللتغيرات التي تحصل. كما تجدر الاشارة الى أن الامتداد الزمني بين مباشر وبعيد لا يعني على الاطلاق تأجيل البدء في الخطط التي لها طابعا متوسط او بعيد المدى، اذ لا تصح مقاربة التعاقب في التدخلات هنا والتي هي في كل حال تفسير خاطئ للتدرج. ان العمل يجب ان يبدأ بشكل متزامن في الخطط ذات المدى الزمني المتفاوت، والآجال المباشرة او المتوسطة او البعيدة تتعلق بالآثار الناجمة عنها ولا تتعلق بتاريخ البدء بوضعها موضع التنفيذ. لا بل ابعد من ذلك، فإن اتضاح الرؤية البعيدة لأهداف التنمية الاجتماعية هو من الشروط التي يستحسن توفرها مسبقا من اجل تصميم تدخلات فورية ناجحة وتنسجم مع الأهداف التنموية وكي لا يجري الشروع في تنفيذ تدخلات ومشاريع تخالف الاهداف العامة او تكون غير قابلة للإستمرار بعد مرور بعض الوقت، وحيث يصبح التراجع عنها صعبا او يختلق اشكالات جديدة.
وأوضح نعمة أنّ كل التجارب الناجحة تشير الى ان احصاء الفقراء وتحديد عددهم وافتراض انهم فئة يمكن معالجة مشكلاتهم من خلال تخصيصهم بسياسات خاصة معزولة عن السياسات الاخرى هو امر خاطئ تماما. والتجارب تفيد ان النجاح في خفض الفقر انما يتم بالدرجة الاولى من خلال التزام سياسي عام يترجم في سياسات عامة مناسبة، ومن خلال استراتيجيات متعددة المكونات. وعدا ذلك، فإن الامر لا يعدو كونه نجاحا جزئيا او موضعيا او مؤقتا او مجرد تسحن حسابي في الارقام على الورق لا يعبر عن الواقع. ان التوجهات المعاصرة تشدد على مقاربة الحق، وعلى التغطية الشاملة، وعلى التدخل المتكامل.
ولفت إلى أنّ المشكلة هي في غياب الترابط فيما بين البرامج المتعددة وفي عدم اندراجها في اطار استراتيجي اشمل. ما يخالف الدروس المستفادة والاتجاهات الجديدة التي تدعو اكثر فأكثر الى اعتماد سياسات اجتماعية متكاملة والى خطط لمكافحة الفقر تتعامل مع الابعاد المحورية في الفقر دفعة واحدة. وفي هذا الصدد يمكن القول ان التدخل الاستراتيجي في مجال واحد من مجالات مكافحة الفقر  والذهاب فيه الى النهاية قد يكون اقل تأثيرا من حزمة تدخلات مباشرة ومتوسط المدى تنفذ في الوقت.
وأشار نعمة إلى قطاع الإسكان في لبنان الذي لا يحظى بالأهمية التي يستحقها، وبشكل عام ينظر الى القطاعين الصحي والتعليمي بصفتهما المكونين الاكثر اهمية في السياسات الاجتماعية الى جانب ما يدخل ضمن نطاق الشؤون الاجتماعية من رعاية وحماية لبعض الفئات الاجتماعية والسكانية، وخدمات اجتماعية، وبرامج خاصة بالمسنين او المعوقين او النساء ربات الاسر وما الى ذلك مما نجده في برامج العمل الوزارات المعنية.
ولا بد في هذا الصدد من العودة مجددا للتذكير بالدور المحوري الذي يفترض ان يلعبه المجلس الاقتصادي والاجتماعي بصفته الاطار المؤسسي الدائم للحوار الاجتماعي، الى جانب كل الهيئات المثلثة التمثيل بدءا من لجنة المؤشر الى مجلس ادارة الضمان الاجتماعي الى مجلس العمل التحكيمي الى لجنة الاهل الشريكة في ادارة المدرسة. وهذه الهياكل بعضها موجود وغير مفعل، وهي ليست مؤسسات شكلية ومن شأن تفعيلها اعطاء نتائج بالغة الإيجابية في تحسين نوعية الخدمات وتحسين التغطية اضافة الى تحقيق وفورات كبيرة في الانفاق الاجتماعي تخفف اعباء عن الموازنة وتعفي المسؤولين من السعي الى طلب اي تمويل اجنبي اضافي للوصول الى نتائج يمكن تحقيها دون كلفة من خلال المشاركة الفعلية.

الدكتور هيثم عمر مدير صندوق التنمية الإجتماعية :
تركز النمو جغرفيا في الوسط التجاري وقطاعيا في قطاع الخدمات ما شكل أحزمة بؤس حول بيروت، ورأى أنّ 80 بالمئة من سكان لبنان يعيشون على الخط الساحلي وأصبح هناك تفاوت اجتماعي في المناطق .
منذ عام 1960 ومسوحات بعثة "إيرفد" لا تزال جيوب الفقر هي ذاته في المناطق اللبنانية ، عكار والبقاع والجنوب وبيروت فلماذا استمرت الأحوال الإجتماعية بالتدهور : هي أسباب تشريعية ومؤسسة وأسباب بنيوية، وهي السياسة الإقتصادية المتعاقبة المبنية على المزايا التفاضلية التي قرر لبنان أنها في الخارج فصار لبنان مصرف دول النفط وجامعة العرب ومستشفى العرب ومصرف العرب ومركز سياحة العرب "سويسرا الشرق"، بينما الحاجة اليوم لمقاربة متعددة الأبعاد واستثمار الموارد البشرية ، مشيرا إلى تفوق دبي والإمارات العربية المتحدة على لبنان في المجالات المذكورة.
إنّ لبنان يعتمد كاملا على الإستثمارات الخارجية، ومنذ العام 2000 ركزت الدولة على الشأن الإجتماعي فتبنّى لبنان اهداف الألفية وأنشأت الدولة صندوق التنمية الإجتماعية والإقتصادية وغيرها من الاعمال ، لكن هل أعطى هذا الأمر مردودا كما يجب، حُكي عن أحجام كبيرة وإنفاق بالمليارات على الشأن الإجتماعي، فبناء المدارس والمستشفيات دون تجهيزات ودون مدرسين ووضع الإنفاق عليها ضمن خانة  الإنفاق على الشأن الإجتماعي كعناوين منفقة في هذا المجال هو غير صحيح. ورأى أنّ لدينا تشريعات تعيق التنمية في البلديات وقانون الجميعات والتعاونيات، فقانون البلديات لا يعطي أهمية للبلديات الموسعة والمطلوب من البلدية إدارة الموار بوقت لا تقدر على جباية هذه الموارد ، وحتى أنها مرتبطة بموظفين معينين مثل قائمقام والمحافظ ، هذا الأمري يجب أن يكون اللبنة الأولى في التنية ، أمّأ التعاوينات تبنى على أنها ذات طابع عام وغير متخصصة وتكون على صعيد قرى وليس مناطق ،
إن ّالمعالجة الحقيقة هو فعل إرادة سياسية جادة تعتمد على التدخل ولا ترتكز على عفوية السوق ، يجب أن يكون هناك تدخلا جادا من الدولة وإعادة النظير بالسياسيات الإقتصادية "الماكروية"، يجب أن تعد هذه السياسية لجان أهلية واختصاصية .
عادل منصور المدير التنفيذي ونائب رئيس جمعية مؤسسة القرض الحسن عادل منصور / القروض الصغيرة : التجربة والآفاق
قدّم المدير التنفيذي ونائب رئيس جمعية مؤسسة القرض الحسن عادل منصور مداخلة عن تجربة القروض الصغيرة في المؤسسة وفي لبنان والعالم. وأكّد أن اجمالي الفروع 23 فرعا واجمالي الموظفين 250 موظف والمصروف 875 ألف قرض واجمالي عدد المستفيدين أكثر من نصف مليون مقترض، والحد الأقصى للقروض الصغيرة خمسة آلاف دولار .
وأكّد منصور أنّ التقييمات الإدارية تجرى في مؤسسة القرض الحسن لقياس رضا الزبائن ، لكن بموضوع تقييم الإستفادة عند المقترضين فنحن نتميز في المؤسسة أننا نعطي قروضا اجتماعية لغايات اجتماعية واقتصادية وليس لغايات إنتاجية ولهذا سبب معين، فنحن ندّعي أننا مؤسسة لا تعتمد على مصادر تمويل من جهات خارجية أو منح خارجية ، نحن من الناس إلى الناس، فالمشترك نأخذ منه المال وندينها للناس لغايات اجتماعية لذلك لا تقييم انتاجي لدينا.
الدكتور بطرس لبكي :
قدّم الدكتور لبكي نبذة تاريخية عن نشأة مصارف التسليف الصغير في لبنان ، وأكّد أن التسليفات صغيرة الحجم بدأت في السبعينات ومطلع الثمانينات في لبنان وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر منها جمعية التضامن المهني، جمعية غوث الأولاد، تسليف رابطة كاريتاس، وأواخر الثمانينات وأوائل التسعينيات عمت هذه المؤسسات المناطق اللبنانية كافة .
وروى أنّه عندما التقى مدير مؤسسة US AID في البقاع قلت له أنّ مؤسستنا لها صندوق تسليف صغير فهل يمكن لكم مساعدتنا، سألني ما هي نسبة الفائدة لديكم، فقلت 7 أو 8 بالمئة فأجاب نحن لا نساعد مؤسسات تقل فائدتها عن 25 بالمئة وهي نسبة تقرب إلى الربا.
أضاف : منذ بعض السنوات اجريت دراسات عن المستفيدين من شركات التسليف وتبين أن 80 بالمئة من المستفيدين يبقون فقراء. لقد أطلقت مؤسسات صندوقا مطلع التسعينات دعمنا فيه عودة المهجرين في الجنوب والشمال والبقاع ومصارد تمويلنا جهات لبنانية وأوروبية متنوعة، والفائدة المذكورة أعلاه لا تغطي تكاليف عملنا، إنّ 72 بالمئة صرحوا بأنها ساهمت في عودتهم إلى قراهم . مكافحة الفقر لا تأتي إلا من التنمية المستدامة لكن ما يجري الآن في مجال التسليف الصغير ليست في هذا الوارد. وأكد لبكي أن حجم مؤسسته يبلغ واحد في المئة من مؤسسة القرض الحسن، مشيرا إلى أنّ هناك فئات قليلة نقدم لها منحا بسبب وضعها الذي لا يسمح لها بأخذ قرض؟

الجلسة الرابعة يرأسها الدكتور فضل شلق

عنوان مكافحة البطالة : الأبعاد المؤساتية والعملية .. عوامل الإخفاق وشروط النجاح
رأى الدكتور فضل شلق أنّ الطبقة السياسة التي تحكم البلد جميعها وكلها تقول بأنها تريد خطة لكن الخطط موجودة وقدمت إلى مجلس الوزراء لكن السؤال لماذ رفض مجلس الوزراء هذه الخطط في العهود الماضية؟، هذا يدلنا على هوية هذه الدولة اللبنانية التي ما زالت مستمرة حتى اليوم، نحن نعيش حربا أهلية متقطعة. لقد جرت محاولتين إصلاحيّتين في التسعيينات أيام رفيق الحريري وفي الستينييات أيام فؤاد شهاب وما عدا ذلك نحن بتصرفنا اليومي نمثل حالة إنكار الدولة حيث الدولة ليست متجذرة في وعينا
أضاف : النقطة الأساسية أن الدولة غير موجودة في وعينا، نحن في لبنان لأسباب دينية أو غير دينية، طائفة المقاومة وطائفة مقاومة المقاومة، وكل طائفة لا تسال عن الدولة ولا أحد منهم يريد الدولة وكل واحد منهم يريد الحلول مكان هذه الدولة. لقد استغربت تكلم أحدهم عن عدم وجود رؤية موحدة، البلد منذ خمس أو ست سنوات لا موازنة فيه ، لماذا لا يوجد قطع حساب، إنّ قطع الحساب يعمل في أسبوعين لكن لماذا لا يتظاهر اللبنانيون والجواب لأنّ أحدا لا يريد أن يكون هناك دولة .
وتساءل: هل ناقش أحدهم الدين العام الذي يدفع بالكامل دون مناقشة، لماذا؟ غير صحيح أنه ليس هناك رؤوية بل هناك رؤية قائمة على خلق العجز في الكهرباء وفي كل شيء وفي الموازنة، ولا أدري إذا كان هناك غرفة سرية تدير الأمور وراء الموجودين. من يقول أنه لا يوجد كهرباء ولا يوجد شبكة، أنا لا أثق بكل هذا الكلام، لماذا لا نناقش الوضع المالي و الـ 60 مليار دولار، أكثر من نصف الدين العام فوائد بل أكثر، 40 مليار دولار فوائد و20 مليار دولار أصل الدين، كيف تراكمت هذه المبالغ، بكل بساطة هذه المبالغ تضخ من الفقراء إلى الأغنياء، هذا ما آلت إليه هذه التركيبة أنها تضخ المال من الفقراء إلى الأغنياء، وأنا لا أعتقد أنّ البنوك تضخمت مودعاتها من الأموال الخارجية بل تضخمت من أموال اللبنانيين التي تضخها الدولة من أموال الفقراء إلى الأغنياء ، وهي ستبقى كذلك بسبب هذا الوعي الذي نتمتع به!
وختم بالتأكيد أنّ هذه التركيبة في لبنان  والعلاقة بين الطبقة السياسية المقسومة والمصارف هي علاقة بغرض خلق مزيد من البطالة ومزيد من التهجير، أصبحنا بلد نفقس شبابا للهجرة والباقين منهم في البلد نحولهم إلى التسول والمؤسسات الإجتماعية، لكن الذي يمحي البطالة والفقر هو الإقتصاد المنتج والصناعة والزراعة، ونحن للاسف نقضي على الزراعة ونقضي على الصناعات بسبب هذه البنية لهذه الدولة التي لا نفهمها والوضع الطائفي الذي لا يجعلنا نفهمها.

الدكتور نجيب عيسى :
سأل الدكتور نجيب عيسى ماذا نستطيع أن نقول عن سوق العمل في لبنان؟  لا يمكننا أن نقول أنّ المشكلة مشكلة بطالة تقنية ولا بطالة ظرفية ولا ناتجة عن عجز أنظمة التدريب وتمكين سوق العمل أو عن مرونة سوق العمل، يمكن التأكيد أن المشكلة من طبيعة بنيوية.
أضاف : إن ارتفاع سعر صرف الليرة وزيادة تكاليف الانتاج المحلي للسلع والخدمات أدت إلى ارتباط النمو عندما يحدث بقطاعات غير مولّدة لفرص عمل مجدية مثل السياحة والمضاربات وغيرها، إنّ سوق العمل يعاني اختلالات تتمظهر في انخفاض الطلب على اليد العاملة التي تتمتع بالمهارة لأنها مكلفة، ووضع قسم كبير من هذه اليد العاملة أمام الهجرة أو البقاء في البطالة هربا من الأجور المنخفضة المعروضة، ودخول قسم من اليد العاملة اللبنانية الأقل مهارة بمنافسة مع اليد العاملة الوافدة.
إنّ اقتصاد المعرفة لا يعني فقط معرفة قطاع الإتصالات والتكنولوجيات ولكن يعني تغلّل المعلومات التكنولوجية الحديثة في الإنتاج السلعي وغير السلعي، هناك الكثير من المؤشرات التي تؤشر إلى تأخر لبنان عن هذا الرَكب قياسا إلى العديد من البلدان النامية الشبيهة والتي أوضاعها تشبه أوضاع لبنان كماليزيا. إنّ طريق اقتصاد المعرفة تقوم على ثلاثة عوامل : قطاع خاص يلعب دور القيادة وحكومة تلعب دور التحفيز وقطاع أكاديمي يلعب دوره المفقود، والذي ينقص دوره في لبنان هو حضور الحكومة المحرّض، لكن للإنصاف قامت الحكومات المتعاقبة بإنجاز خطوات أولية على هذا الصعيد تمثلت بوضع استراتيجيات نامت في الأدراج والمطلوب سحبها ووضعها موضع التنفيذ من مثل الإستراتيجية الرقمية الوطنية التي وجدت عام 2003 ، مخطط التكنولوجيا والإبداع ، مخطط لبنان الأفق 2014 ، مجتمع المعلومات الذي صدر عن وزراة الإتصالات وهذا على سبيل المثال لا الحصر .

الدكتور جورج قصيفي  :
رأى الدكتور جورج قصيفي أنّ ما نتكلم عنه هنا هو البطالة السافرة وليست المقنعة وكل الإحصاءات تركز على القياس الحالي للنشاط الإقتصادي ولا يوجد دراسة إقتصادية تعطينا نسبة العمالة الهامشية لأن المسوحات تعتمد على النشاط الإقتصادي الحالي، وبذلك لا نرى قضايا البطالة المستترة.
إنّ الخطوة الأولى لوضع ورسم  سياسية تنموية أن نتفق على رؤية، لكن من يضع هذه الرؤية في لبنان؟ الشرط الذي أطرحه أن تكون الجهة المسؤولة عنها أن يكون عندها نفوذ في مختلف الوزارات المعنية بشكل خاص، وقد يقال أنّه نتيجة الخصخصة وأننا اقتصاد ليبرالي طيرنا وزارة التخطيط، لكن أين المؤسسة التي ستعطينا الرؤية، من هي؟ إذا المطلوب أن يكون هناك مؤسسة تحتضن الرؤية المتفق عليها وأن يكون لديها سلطة على بقية الوزارات.
أضاف : السياسة القطاعية يجب أن تربط بالسياسات الكلية الفوقية، هل نترك السياسة القطاعية لوزارة العمل أم نضعها في مجلس الوزراء أم في مجلس الإنماء والإعماء. وطالب الدكتور قصيفي بترشيد هجرة اللبنانيين إلى الخارج وخاصة إلى الخليج، مشيرا إلى أنّ الدولة العربية الوحيدة التي كانت تهتم بالأيدي العاملة المهاجرة كانت تونس، فالتونسيون هم الوحيدون الذين اهتموا بهذا الموضوع.
وطالب الدكتور قصيفي بأن لا تبقى الدراسة المقدمة من المركز الإستشاري بين أيدي المثقفين فقط، بل يجب أن ترسل لوزارة العمل وللمكتب العربي ILO.