المستشارية الثقافية للجمهورية الاسلامية الايرانية في بيروت تقيم ندوتها الرابعة ضمن سلسلة “جدليات كورونية” – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

المستشارية الثقافية للجمهورية الاسلامية الايرانية في بيروت تقيم ندوتها الرابعة ضمن سلسلة “جدليات كورونية”

IMG-20200510-WA0052

 

 

مقاربة فكرية إثر التداعيات التي ولدتها جائحة كورونا حول مفهوم القرية الآمنة بعد تصدع مفهوم القرية الكونية ونظريات نهاية التأريخ وصدام الحضارات.

 

نظمت المستشارية الثقافية للجمهورية الاسلامية الايرانية في بيروت بالتعاون مع وكالة  أنباء “إيكنا” ندوتها الفكرية الرابعة التي أقيمت ضمن سلسلة “جدليات كورونية”عبر الفضاء الالكتروني تحت عنوان “كورونا- القرية الكونية والقرية الآمنة الآمنة” (مقاربة فكرية حول مفهوم القرية الآمنة بعد تصدع مفهوم القرية الكونية ونظريات نهاية التأريخ وصدام الحضارات إثر التداعيات التي ولدتها جائحة كورونا).

أقيمت الندوة عصر الجمعة 8 نسيان 2020 وشارك في نسختها  الرابعة كلّ من:

الكاتب والباحث المغربي الدكتور ادريس هاني متحدثا عن “كورونا ومصير القرية الكونية العالمية ـ نهاية التأريخ وصدام الحضارات؛ ما الذي تغير ـ”.

الأستاذ في الحوزة العلمية في قم المقدسة الشيخ صادق أخوان الذي  تطرّق إلى “أزمة الهوية العالمية في ظل جائحة كورونا وسقوط نظريات المدارس الوضعية”.

عضو المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى ورئيس جمعية الفتوة الاسلامية في لبنان الشيخ الدكتور “زياد الصاحب” الذي تحدّث عن “القرية الآمنة وشريعة رب العالمين”.

الباحث الاسلامي والأستاذ الجامعي الشيخ الدكتور “محمد شقير” متكلّماً عن “إنهيار القرية الكونية والطريق الثالث”.

وأدار الندوة استاذ علم الكلام والفلسفة في الجامعة اللبنانية الدكتور خضر نبها.

وفي بداية الندوة، تحدث المستشار الثقافي للجمهورية الاسلامية الايرانية  في لبنان الدكتور عباس خامه يار فاعتبر أنه منذ الأيام الأولى لوصول الضيف غير المرغوب به ، غردتُ بأن “تبعات جائحة كورونا العالمية وعدم قدرة العالم على إدارتها ستستمر مع عواقب وخيمة على الاقتصاد والعلوم والثقافة والبيئة وأسلوب الحياة وحتى مستقبل الفكر البشري”. “وواصلت القول إنّ “كوكبنا سيكون مختلفًا بشكل واضح ما قبل وبعد كورونا”.

أضاف خامه يار ” اليوم، بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر على انتشاره، لم يكن بوسع أحد أن يتخيل أن عواقبه الجَمّة ستكون سريعة وساحقة لدرجة أن العالم الغربي المليئ بالمطالبات سوف يكون عرضةً بشكلٍ ساحقٍ إلى هذا الحد! لقد اكتشف كل من المُنظّرين والباحثين هذه الظاهرة من زاوية، ولكن المهم هو تأثير كورونا على النظام النيوليبرالي وعولمته وتمزق القناع عن الوجه الحقيقي لهذه المدرسة الفكرية وما يُسمّى بالنظام الدولي الحديث، و القرية الكونية المعبّر عنها بمصطلح العولمة”.

المستشار خامه يار  قال ” تمكنت كورونا من ضرب ما يسمّى بالحضارة الناشئة و الحديثة، و استهدافها بدقةٍ وبقوة استثنائية وذكاء هائل و إبداع مبتكر. أعاد هذا الحدث إلى السطح، نظريات “نهاية التاريخ والإنسان الأخير” لفرانسيس فوكوياما و “صراع الحضارات” الذي ألقاه صموئيل هنتنغتون، وهو نظرة غربية استعلائية علی البشرية جمعاء، ونتيجة لانهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991 و الشغف الذي حصل بعد ذلك. لقد شوهت مفاهيم مثل الديمقراطية، وحقوق الإنسان، و التكنولوجية المتفوقة التي بَنى الغرب ادعاءاته عليها، وكشفت المفاهيم غير الواقعية لهذه المدارس ورؤيتها الخادعة للإنسان و عرضتها بشكل مخزٍ جداً.

وأشار خامه يار ايضا الى أن كورونا  ضربت عمق القاعدة الفولاذية علی ما يبدو والهيكل الفكري والسياسي والاقتصادي والمالي للقرية العالمية بطريقة تستغرق الكثير، للعودة إلى وضعها الأصلي.

خامه يار شدد على ان هذا الوباء أظهر  وجود مرضٍ متجذّرٍ في النسيج العقلي وخللٍ عميقٍ في النظام الرأسمالي اللاإنساني ، وهو أكثر خطورة ورعباً بكثير من فيروس الكورونا نفسه. على غرار قطيع من الأغنام الذي وضَعه الغربيون في جدول أعمالهم لمرضى القلب المصابين بكورونا ، و لكي ينتشر الفيروس إلى معظم الناس في المجتمع ، و يتم إرسال المسنين الذين لا يستطيعون دفع تكاليف العلاج والذين يعتبرون عبئًا على المجتمع، إلى القبور؛ حتی يبقی الأصغر سناً والأكثر قدرة، على قيد الحياة و ينجو من المرض و يحصل لديهم المناعة، لكي يكونوا قادرين على تحريك العجلة الاقتصادية الرأسمالية؛ فماذا يعني هذا ؟ غير أنه يكون قانون الغابات و قانوناً ضد البشرية في صراع البقاء الحديث من وجهة نظر داروين؟ وهو معروض أيضًا بأبشع صوَره اليوم. و أظهر الداروينية الاجتماعية الحديثة التي تُذكّرنا بأيديولوجية هتلر العنصرية و قتله للمتخلفين عقليًا و إبادته للطبقات الاجتماعية وغير المنتجة في المجتمع بوحشية. وهذه المشاهد تذكّرنا بالسياسات التي يُسمّيها فوكو “إدارة الموت”.

المستشار خامه يار توقف عند تدعيات كورونا فقال  إنّ ما يحدث اليوم هو النتيجة الطبيعية للعولمة والنظام الرأسمالي المتمرد والحداثة، التي يفتقر إلى القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية. لا تزال كورونا في مهدها، والآن تم إزالة أقنعة النفاق عن مؤسسي ومديري الحداثة الجامحة واحداً تلو الآخر، وتم عرض وجوههم الحقيقية والمُرعبة. يبدو أننا في خضم ولادة عالم جديد. هذا العالم ليس عالم “رعاة البقر” الذي يفرض إرادته على الآخرين بإطلاق النار، ولا العالم الذي تمتلك فيه القوى المهيمنة السيطرة وحدها، ولا العالم الذي يمكن فيه إنكار التراث الإنساني. هذا “العالم الجديد” هو نتاج حرب صعبة وغير متكافئة مع عدو مجهول سيضرب دون أن يُرى، وسيجبر “إمبراطورية الهيمنة” و قريتها الكونية على الاستسلام..

واعتبر ان السؤال الأكثر إلحاحاً اليوم هو: ما قيمة الحرية وما تأتي بها ومفهومها،عندما يتم دفع أفواج الناس إلى حُفر المقابر، أو يتركون في جانب الأرصفة وشوارع في واشنطن وروما و باريس ليموتوا؟ و هم محرومون من الحد الأدنى من الخدمات الصحية و العلاجية و الكرامة الإنسانية أيضاً ؟!

الدكتور خامه يار ختم كلامه بالقول “اليوم أكثر من أيّ وقت مضی نحتاج إلی الإيمان بالقرية الآمنة التي أشار القرآن الكريم إليها: «وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ ءَامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ» و لا نكون من الذين كفروا بأنعم الله كما عبّر عنهم القرآن: فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ.

وبدوره، ألقى الكاتب والباحث المغربي الدكتور ادريس هاني محاضرة بعنوان “كورونا ومصير القرية الكونية العالمية ـ نهاية التأريخ وصدام الحضارات؛ ما الذي يغير” مشيرا الى أن هناك مقاربات لبعض فلاسفة الیمین المحافظ الذي هو الآن یقود مصیر الحداثة السیاسیة والإقتصادیة فی العالم ویشکل فلسفة المرکز أو مرکز المراکز فی العالم الیوم وهو أن هناك أمراً واحداً یجمع بین مارکس ونیتشه کلاهما یهدف الی النهایة أي کلاهما یتحدث عن النهایة واحد یتحدث عنها برسم الحتمیة أنه حتما ستنهار الرأسمالیة ونیتشة یتحدث یتوقف الأمر عنده علی الإرادة بناء علی مفهوم الإرادة عن شوبنهاور وکلاهما یتجه نحو المستقبل وأن یکون الرجل الأخیر أو السوبرمن.

وقال  هاني : أرید أن أذکر بأمور بالدرایة لأنها منهجیة بالنسبة لی بعضها یتعلق حینما نرید أن نعاقر موضوعاً حساساً الآن أصبح له علاقة حتی بالهواء الذی نتنفسه یقال أنه دعنا من الأفکار المثالیة ولنتنفس هواء الواقع وطبعاً هذه الأمور تصدر من نوایا طیبة ولکنها خطیرة.

اضاف :وما نحن بصدده هو تفکیك للفلسفات المؤسسة لهذا الطغیان والإستکبار العالمي. ان السیاسة إن لم تمارسها تمارس علیك وأیضا المفاهیم أیضاً ما لم تفهمها وتتفهمها فإنها لن تفهمك وستمارس علیك لأن هذه الفلسفات وهذه الأفکار تتحول الی برامج ثم یأتی منفذوها.

الدكتور ادريس هاني اعتبر ان “مشکلة الحداثة کما یقول أحد کبار منظری الیمین المحافظ هي مشکلة وإشکالیة الفسلفة السیاسیة الحدیثة ونجد هذا یتکرر فی کل نصوصهم حتی “هانتینغتون” من غیر کتاب صدام الحضارات : نظام سیاسی فی مجتمع متحضر یتحدث قائلاً: کلما تعصرن المجتمع ساد العنف وهکذا. إذن نتجه نحو قریة غیر آمنة.

هاني شدد على أنه “حینما نضیق عن المفاهیم والأفکار المؤسسة سوف ننظر أو سوف نقع فی نظریة المؤامرة بطریقة ربما لاتخدمنا أبداً لذلك أنا أدعو الی تهذیب فکرة المؤامرة أنا حقیقة أطلع علی کل ما ینتجون من هذا الفکر التآمري وأجد أن بعضهم عندهم قدرة علی التنسیق وطرح المقدمات وهی مقدمات صحیحة ولکن الإستنتاج قد یکون خاطئا ولکن فی نفس الوقت لانستطیع أن نطرح بمعنی أن نترك نظریة المؤامرة لأن العالم قائم علی هذا النوع من الظلم، الظلم الذی غدى فی صلب النظام الدولی.

وختم إدریس هانی بالقول هذا یعنی إننا أمام موجبات إنهیار هذه الحضارة وهذه القریة التی سوف تنقلب علی عروشها ولکنهم یریدون أن یهربوا بأکیاس الربح.

من جهته، ألقى عضو المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى ورئيس جمعية الفتوة الاسلامية في لبنان الشيخ الدكتور “زياد الصاحب” محاضرة بعنوان “القریة الآمنة وشریعة رب العالمین”  فقال “الغرب المؤمن بالقریة العالمیة أصبح یفتش عن السعادة خارجة قریته وفي الإسلام”

الشيخ الصاحب اشار الى ان فیروس کورونا المستجد أظهر ضعف الغرب، وعلينا أن نعلم جمیعاً بأن العالم بعد کورونا لیس هو العالم قبل کورونا، بمشیة الله إهتز العالم وبإرادة الله الدول التی إهتزت هی الدول الکبری أی الدول التی هي صاحبة العولمة والقطبانیة وهی الدول الکبری.وکل هذه الدول الکبری والعملاقة لم تستطع فعل شیئا بل عجزت کل العجز أمام هذا الفیروس الذی لایری بالعین المجردة وهذه قدرة الله سبحانه وتعالی.وهنا إشارة ربانیة ورسالة إلهیة للبشریة کلها لکل أهل الأرض تفید بأنکم اذا ما حصل عندکم الغرور والغطرسة والإستکبار فأنتم ضعفاء أمام قدرة رب العالمین.

الشيخ الصاحب بيّن انه  فی ناحیة معینة وفی نقطة مرکزة عظمة الإسلام ولنفتخر بدیننا الإسلامی وسنة نبینا (ص) حتی أصبح الغربیون یشعرون أنه البدیل مؤکدا ان إنتشار الإسلام فی الغرب لم یبدأ مع الکورونا إنما بدأ فی الخمسینات وهذه الصحوة الإسلامیة فی الغرب تزید یوما بعد یوم.وان الغربیین أصبحوا یفتشون عن السعادة الروحیة والنفسیة التی توصلوا الی أنها لا تتحقق الا بالإیمان والغذاء الروحی والغذاء القلبی کما قال تعالی “أَلاَ بِذِکْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”.

الشيخ الصاحب قال “وکلنا نری إنتشار الأمراض النفسیة وخاصة فی الغرب حیث تنتشر الأمراض بکثرة ومن هنا أرکز أن الإسلام هو البدیل لأن شریعة رب العالمین هی المعصومة وهی الشریعة السمحة الربانیة والتی ذکرها سیدنا رسول الله (ص).ومن ناحیة الأمن الصحی لعلکم سمعتم بما نشرته 15 آذار مجلة “نیوزویك” الأمریکیة وهی تعتبر أشهر مجلة أمریکیة من تقریر طبی لدکتور ذکر عظمة رسول الله (ص) عندما تحدث عن الکورونا وعلاج هذا الوباء. قال “أن أخصائي الاوبئة علی المستوی العالمی وذکرهم بالإسم قال إن هؤلاء یوصون بالنظافة وغسل الیدین فیتساءل الکاتب فی المجلة هل هناك من یعرف من أوصی بهذا العلاج قبل هؤلاء الأخصائیین؟ إنه محمد رسول الله (ص) منذ 1400 سنة”.

وقال النبی (ص): “إذَا سمِعْتُمْ الطَّاعُونَ بِأَرْضٍ، فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإذَا وقَعَ بِأَرْضٍ، وَأَنْتُمْ فِيهَا، فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا متفقٌ عليهِ” فیقول الکاتب أن ما أشار الیه رسول الله (ص) هو الحجر الصحی.

وفي الإسلام فی أي مناسبة فیها زحمة لدینا الإغتسال وهو عمل محبب علی سبیل المثال قبل صلاة الجمعة یقوم المسلم بالإغتسال وبعد الجنابة یقوم المسلم بالإغتسال وعند صلاة العید یقوم المسلم بالإغتسال وعند أداء مناسك الحج یقوم المسلم بالإغتسال.

الشيخ زياد الصاحب  ختم كلامه بالقول  ان المدارس القيمية كالمدارس المنتسبة الى الديانات الالهية تعطي للانسان كرامة ذاتية.

ومن جانب آخر، ألقى الأستاذ في الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة، “سماحة الشيخ صادق اخوان” مداخلو بعنوان  ” أزمة الهوية العالمية في ظل جائحة كورونا وسقوط نظريات المدارس الوضعية” جاء فيها:

“حقيقة نحن لما نشاهد المدارس الوضعية خصوصاً في القرون المتأخرة نشاهد أن تعاملها مع حقيقة الانسان وهوية الانسان إنما هو تعامل آلی يعني تتعامل معها كأدوات الانتاج وتتعامل معها باعتبارها أدوات تنفع الفائض الاقتصادي أكثر مما تتعامل مع هويتها على أساس أن لها قيمة ذاتية، وهذا لم یکن الا تحقیراً فاضحاً لهویة الانسان.

الشيخ اعتبر ان المدارس القيمية كالمدارس المنتسبة الى الديانات الالهية ,نشاهد أنها تعطي للانسان كرامة ذاتية كما قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ” وكذلك قال “إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً” يعني أنّ الانسان یُمنح الکرامة الذاتیة وبها یصل الی مقام الخلافة الالهية العامة.

اضاف الشيخ اخوان “اذا قسنا هاتین الرؤیتین فنحن نشاهد نقائص جلیّة بارزة فی  المدارس الوضعیة التی قامت علی اُسس نفعية متبنیة اصالة المادة.هذه و ان کانت ذات جذور تاریخیة ولکنها قد اجتاحت الثقافة الغربیة من بعد الثورة الثقافیة بحیث خیمّت المدرسة التجريبية المحضة کمدرسة فرانسیس بیکن ودیفید هیوم و جون لوک بل حتی غیر المتمحضة فی المادّیة کمدرسة دیکارت و غیره من الفلاسفة الغربیین فی القرون الاربعة المصرمة علی جمیع مساحات الثقافة والتعلیم و المجتمع.حتى یصل الدور الی  “هيجل” فیعمل انقلابا فی اسلوب التفکیر و طرقه بعرض منطق جدید متفاوت عن المنطق الصوری المتجانس مع البتّیة والیقین و الدلیل والبرهان المتحکم فی حقول العلوم البشریة مذ عشرات القرون.

فالمنطق الجدلی الذی عرضه هیجل اضاف الشيخ اخوان  شیّد ودعم المدرسة المادّیة بفصلها الکامل عن المعنویة و الروحانیّة حتی آل الأمر الی تاسیس المدرسة المارکسیة و الاشتراکیة بواسطة تلامیذه.و اما مادّیة الاخلاق فالمشهود الیوم أن التفکیر الحاكم علی مجالات الاخلاق الاجتماعی والسیاسی فی العلاقات العامة والدولیة انما متقوّم علی دعم سلطوية قهریة للمجتمع الغربی بثقافاته و وطقوسه و انماط حیاته على جمیع المجتمعات  والثقافات بصورة ماکیافیلية يعني حکومة المدرسة التي تتركز على اصالة النفع الذاتي و انه فی جمیع مجالات الحیوة الغایة تُبَرّر الوسیلة.

وشدد الشيخ اخوان على ان ” هذه الجائحة التي تشهدها العالم منذ ثلاثة أشهر أوجدت زلزالاً أممیاً في شتی مجالات الحیاة من الاسس النظریة للحضارة المدنیة الی الاسالیب الاجتماعیة فی ادارة المجتمع حتی الوصول الی نمط حیوة المجتمع الغربی بل العالمی.

مهما حاول بعض زعماء الاستكبار العالمي التستُّر علی هذا التحوّل والانقلاب الذی ینبئ عن دق النواقیس للإعان عن انهیار القیم و المعاییر الغربیة وعدم جدارتها لکی تکون هی الممتازة والأمثل و الأسوة فی المسرح العالمی.

وأردف الشيخ أخوان  قائلا”:فالفشل الذریع للمدارس و النُخَب الاجتماعیة الغربیة فی مواجهة جائحة کرونا، مع ما کانت تذیع من ادعاءات و مبالغات فی ساحة نمط الحیوة وحلّ الأزمات المادّیة والروحیّة بصورة تکون هی وحدها الجدیرة بالتحکّم و التدخّل فی المدارس والجامعات الأوروبية والأمريكية بل العالمیة.

الشيخ اخوان اعتبر ان هذا الوباء قبل أن يصل الى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، قد اجتاح الكثير من الدول الاسلامية والشرقية منها الجمهورية الاسلامية الايرانية، ولكن لم نشهد ولا نسمع بعشر ما شهدنا جزءً قلیلاً و زوایة صغیرةً من التوحش الفضیع و الهمجیة عبر الکلیبات ووسائل الاعلام العالمیة عمّا جری فی تلک المجتمعات الغربیة.

وسأل الشيخ اخوان عن الفرق بين المجتمع الاسلامی بل الشرقی والمجتمع الذي يدعي بأنه متحضر وصاحب الحضارة  والثقافة ونمط الحیاة المتمیّز الذی يجب أن تذوب فيه جميع الحضارت والثقافات؟

لماذا تلك الشعوب الهادئة والمنظمة، والسلمية والمسالمة تنقلب فی طرفة عین الى وحوش کأنّها تصول وتجول فی ساحات القتال والنهب؟

الشيخ اخوان  الذي توجه الى الله تعالى  وببركة هذا الشهر الفضيل أن يعَجِّل في زوال هذه الكارثة الانسانیة بأكملها.

وقال :

انما العصر الذي نستقبله في ما نعبر عنه بعصر بعد كورونا يكون عصر انهيار القیم و المعاییر والمقاییس المفروضة من قبل الغرب علی العالم فی شتّی مجالاته .

فلایکون انهیار بحت بل انّما یتقارن هذا الانهیار مع ظهور وبزوغ مدارس جديدة و انما تکون تلک المدارس قيميتاً و تحمل معاییر ومقاییس عقلانیة حکیمة رسالیة.

تلک المدارس التی في ظلها تتجلّی و تظهر و تتسلط القیم  المعنوية والخلقية، المعايير غير النفعية المتمحورة علی نفع الذات.نحن الیوم نشاهد بوارق ظهور هذه المدارس والرؤی حتى في المجتمع الغربي، حتى في معاهد البحث العلمي التابعة للجامعات الغربية.فهناک اصوات قد اعتلت ورسالات قد بدت تلوح معالمها وسماتها انما هي تأتي بمعايير متفاوتة لتحقيق ما عُبِّر عنه بالقرية الآمنة.. انما الذي يليق بهذا العنوان وسيكون آنذاک انما تطوّر هذه القرية الآمنة الى مرحلة البلد الأمين الذي يتوخاه وینتظره العالمون.

 

بدوره تحدث في الندوة، الباحث الإسلامی واستاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانیة الشیخ  الدكتور محمد شقیر” حول “إنهیار القریة الکونیة والطریق الثالث” فاعتبر ان موضوع الندوة هو عبارة عن إشارة الی التفکیر بطریقة ثالثة ونحن کـ متدینین وإسلامیین نتحرك بهذا الإتجاه وقد کتبت مقالین فی هذا السیاق الأول حول الرأسمالیة والثانی حول المارکسیة.

وقال: لعلنا جمیعا نتفق علی هذه النتیجة الدالة علی إنهیار أطروحة الرأسمالیة بجمیع تعبیراتها وخصوصا فیما یرتبط بالـ نیولیبرالیة التی سخرت أمرین هما “الدیموقراطیة” التی هی أداة من أدوات النیولیبرالیة و”اللیبرالیة” أیضا بمفهومها السیاسی والإجتماعی والفردی التی کانت ومازالت من أدوات النیولیبرالیة.

واضاف: الحل بعد إنهیار الرأسمالیة  قال الشيخ شقير “لن یکمن فی العودة الی المارکسیة. ولو لدی البعض نوع من الحنین المارکسي”.وهناك الإشتراکیة الدیموقراطیة وهناك الإشتراکیة المارکسیة الأولی طبقت فی بعض الدول الإسکاندینافیة وهي تتماشی مع مفهوم ومعنی العدالة بالمفهوم الدینی والإسلامی.

اضاف الشيخ شقير وهناك الطریق الثالث والحرکات الإسلامیة التي  ترفع شعار الإسلام هو الحل ولکن أعتقد أنه لیس شعار فحسب إنما نحن ننظر له بمثابة بدیل حضاری علی المستوی الکونی وما یرتبط بما تعاني منه العولمة وعلینا أن نقدم أطروحة متکاملة هذه الأطروحة یمکن أن تستجیب للهواجس والأزمات الکبری التی تطرح.

و ختم الشيخ شقير كلامه بالقول “بتقدیری إذا إستطعنا أن نفهم دیننا وأن نقدم أیدیولوجیة عدالة وأن نتجاوز طغیان البعد الفقهی والکلامی فی الدین برأیی سوف نسلك الطریق الصحیح لأننا الآن نحاول أن نقدم أنفسنا کـ بدیل حضاری وهذا الخیار البدیل هو خیار أخلاقی یرتکز علی الأخلاق بشکل أساسی وهذا یحتاج الی أن نعید فهم الدین ونعید التوازن بالأبعاد المعرفیة القائمة فی الدین.

بعد ذلك قُدمت  مدخلات لكل من الأستاذ  في الاعلام الدكتور حسن حميّد فقال: هل نصّدق باننا في قرية كونية؟.هل هذا الامر حقيقي؟ في رأيي ان هذا العالم لم يكن ولا في لحظة من اللحظات قرية كونية. هذه فكرة طوباوية مثالية ، مع الاسف الشديد كلنا نحاول سواء من جهة الاقتصاد او السياسة او من جهة الدين او العلاقات او من الجهة القيميّة ، نحاول ان نجعل هذا العالم قرية كونية.

الباحث السیاسی د. ناجي أمهز قال :

الظاهر هناك فهم خاطئ للقرية الكونية، القرية الكونية هي ليست قرية افلاطون الفاضلة ، القرية الكونية هي ان هناك نظام من العالم يحاول ان يسيطر على كل مفاصل هذا العالم ، ومثل ما تفضلتم سعادة المستشار ، قد نكون في مكان ما قادرين ان نبعد عنها ، لكنها موجودة ومفروضة ، مثل هذا التواصل بيننا وبينك ، اليوم في عقوبات تُفرض على الدول بكبسة زر ، مما يدل على ان العالم في سنة 1700 بدأ النظام العالمي بالبحث عن خلق قرية كونية لكي يسيطر عليها وعلى كل مفاصل قوتها واقتصادها والهيمنة على قرارها السياسي والاجتماعي

المفارقة ان جائحة كورونا اتت لتلتهم هذه القرية الكونية، اتت ودمرّت جميع هذه المفاصل، لان الدول التي عانت من جائحة كورونا بسبب النظام العالمي الذي يسيطر على مفاصل التجارة والصناعة حوّل هذه الدول الى اسيرة تستعطي، حتى الكمامات التي سرقها ترامب هو

الدكتورة ليلى شمس الدين قالت :

عندما نتكلم عن منظومة فكرية جديدة تربوية، ثقافية، سياسية، اقتصادية،  اعلامية، منظومة متكاملة لكي نصل إلى القرية العادلة الآمنة المركزة على العدالة، نحن يجب بداية ان نتفق على كل هذه المفاهيم.

اريد ان اطرح سؤالا اشكاليا، ماذا ينفع اذا انتقلنا من سياسة قطب واحد يحكم هذا العالم، إلى سياسة قطب آخر يحكم هذا العالم، البحث يجب أن يكون في جوهر هذا القطب، لأننا امام اشكالية كبيرة ترتكز على لا عدالة الحاكمية السائدة في هذا العالم، في كل قطاع العالم.

يذكر ان الندوة الخامسة ستكون في الخامس عشر من  ايار  بعنوان:

وسيشارك فيها : “كورونا: جدليات الهوية الإنسانية”

و  إمام الجالية اللبنانية في السنغال ورئيس المؤسسة الإسلامية الإجتماعية الشيخ عبد المنعم الزين

الكاتب والأستاذ الجامعي الجزائري د. نور الدين ابو لحية

الباحثة والكاتبة إيمان شمس الدين

رئيس أساقفة صور وتوابعها للروم الكاثوليك المطران ميخائيل أبرص.

المصدر: موقع المنار

رأيكم يهمنا

شاركوا معنا في إستبيان دورة برامج شهر رمضان المبارك