الصحافة اليوم 30-10-2019: هل أطاح الحريري التسوية الرئاسية وانضم الى المعارضة؟ – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 30-10-2019: هل أطاح الحريري التسوية الرئاسية وانضم الى المعارضة؟

الصحف اللبنانية

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الأربعاء 30-10-2019 في بيروت العديد من الملفات المحلية والإقليمية، أبرزها إعلان سعد الحريري استقالته في ظل ضبابية المشهد في الشارع…

الأخبار
هل أطاح الحريري التسوية الرئاسية وانضم الى المعارضة؟

الاخبارتناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “دخلَ لبنان مرحلة شديدة الخطورة مع إعلان سعد الحريري استقالته. أزمة سياسية ومالية غير مسبوقة تواجهها البلاد بعد انصياع رئيس الحكومة للضغوطات الخارجية والمشاركة في الإنقلاب على العهد في ظل ضبابية المشهد في الشارع.

هل أطاح سعد الحريري بالتسوية السياسية الناظمة لاداء فريق السلطة منذ العام 2016؟ استقال هذه المرة من بيته وأرضه، لكن البعض تذكر معالم وجهه التي ظهرت عليه يومَ أُجبِر في الرياض على التنحي. خطوته ذكرت بخطوة الرئيس الراحل عمر كرامي حين استقال في أصعب أزمة سياسية ومالية مرت بها البلاد عام 2005. خطوة فاجأت وأربكت شركه في التسوية الرئيس ميشال عون (والوزير جبران باسيل ضمناً). اما حزب الله، فعلم بقرار الاستقالة، من الحريري، في الليلة السابقة لإعلانها. وأبلغ الحزب الرئيس نبيه بري بقرار الحريري، قبل أن يبلغ رئيس الحكومة رئيس المجلس بنيته الاستقالة أمس. أما حليفا الحريري، أي «القوات اللبنانية» والحزب الإشتراكي، فتصرفا على ان الاستقالة تصب في مصلحة مشروعهما السياسي.

منذُ ساعات الصباح الأولى ليوم أمس، كانت بيروت على وقع سجال بين مؤيد ومعارض لاستمرار قطع الطرقات، وسط انكفاء الجيش والقوى الامنية عن القيام بدورها، لكن النقاش السياسي كان يجري في وقت سابق، قبل ان تنتشر المعلومات عن نية الحريري بالاستقالة. ولم يتأخر الوقت حتى اعلن الحريري نفسه الإستقالة عصراً، ومن ثم سلّمها خطياً إلى عون في لقاء بينهما لم يستمرّ أكثر من عشر دقائق، خرج بعده الحريري والتوتر واضحاً عليه.

المحتجون الذين كانت قلة منهم لا تزال متواجدة في الساحات تصرفوا انهم امام انتصار. لكن الرعب ظل مخيما على الجميع، إذ لا احد يملك الجواب عن مآلات الايام المقبلة، في ظل استمرار صراعات اهل الحكم على كيفية التعامل مع الوضع، وتعثّر تشكيل حكومة جديدة.

وبحسب معلومات مصادر معنية، فإن ملف التغيير الحكومي صار بحكم الامر الواقع، مع خطاب الرئيس عون الخميس الماضي. وهو قرار تم التفاهم عليه بين القوى الرئيسية. وكان النقاش حول الشكل والتوقيت والاهم حول المضمون. وبقي الخلاف قائما حول حصول تعديل وزاري كبير او تغيير شامل للحكومة. وتفاوتت الطروحات بين خروج الممثلين السياسيين للقوى من الحكومة واستبدالهم بشخصيات اقرب الى التكنوقراط، مع اضافة وجوه يعتقد انها تلقى قبول الناس، وبين تغيير شامل يخرج الممثلين المباشرين للقوى السياسية من الحكومة التي يفترض ان تكون مصغرة. وكان الحريري يضغط مع الوقت لانجاز الامر. لكن الوزير جبران باسيل رفض الخروج من الحكومة، وهو الموقف الذي غطاه الرئيس عون ولم يعترض عليه حزب الله.

رئيس الحكومة لم يكُن يعمل على خط واحد، بل اعتمد سياسة اللعب على الحبال. ففي وقت واصلَ فيه عقد لجان وزارية، رافضاً كل تمنيات القوى السياسية عقد جلسة للحكومة، أقله لإظهار جدية في تنفيذ بنود الورقة المالية – «الإصلاحية» بهدف تنفيس الإحتقان في الشارع، كانَ يعقُد اجتماعات سرّية يومية مع مجموعات في الحراك للبحث في خيار حكومة التكنوقراط والطلب اليها وضع أسماء مقبولة في الشارع. ويتهم خصوم الحريري رئيس الحكومة بأنه كان يسعى الى مد جسور مع الناشطين على الارض، بقصد الظهور انه الى جانبهم وانه يؤيّد مطالبهم تمهيداً لاستقالة تجعله خارج شعار «كلن يعني كلن». لكن الاخطر، اعتبار قوى التسوية ان الحريري عمل على تلبية رغبة خارجية باستكمال الإنقلاب الهادف الى تغيير موازين القوى في السلطة.

وقالت أوساط بارزة في 8 آذار إن «الحريري كان يتذاكى في موضوع الورقة الإصلاحية التي وقعها كل أهل السلطة على بياض، فيما كان هو يستثمر في الحراك مانعاً التعرض للمتظاهرين وفتح الطرقات، كما اصر على استبعاد باسيل واخراجه من الحكومة». وهو اكد أمام المعنيين أنه «لم يعُد قادراً على تحمّل باسيل والتعايش معه وأن شرطه الوحيد للبقاء داخل الحكومة إجراء تعديل يطال بالدرجة الأولى وزير الخارجية قبلَ أي وزير آخر».

وفيما كان النائب السابق وليد جنبلاط موافقاً على طرح الحريري، وويؤيده الرئيس نبيه بري في حال ساعد حصراً على تهدئة الشارع، كان موقف حزب الله واضحاً وجازماً أن «لا تعديل ولا تغيير الا ضمن سلة شاملة وضمن ظروف خاصة»، وهاجس الحزب، هنا، ليس منع كسر باسيل او التيار الوطني الحر، بل منع الخصوم المحليين والخارجيين من الفوز ولو بنقطة، لان الحزب عبر عن خشيته من ان طلب الاستقالة يهدف الى التمهيد لجولة ضغوط اضافية تكون على شكل مطالبات باستقالة الرئيس عون ثم حل المجلس النيابي وترك البلاد امام الفراغ.

وحين حاول الحريري ابتزاز القوى السياسية بالإستقالة سمع كلاماً واضحاً «بأنك حين كنت مع باسيل على انسجام تام في إدارة أمور البلاد كانت الأمور ماشية، والآن حين لم تعُد راضياً عنه تريد خراب البلد. هذه الإستقالة تعني الدخول في الفراغ المجهول، وانت بذلك تخرب كل شيء». وعلمت «الأخبار» أن لقاءً عُقِد ليل أول من أمس بين الحريري (في منزله) والمعاون السياسي للامين العام لحزب الله، الحاج حسين الخليل، الذي تمنى على رئيس الحكومة عدم الإستقالة منعاً للفراغ. لكن الحريري أصر على تعديل وزاري يُخرج باسيل ووزراء آخرين من الحكومة، أو الاستقالة. وبعد طرح عدة خيارات، أكّد الحريري لضيفه انه سيستقيل. كذلك حاول الرئيس بري أكثر من مرة ثني الحريري عن قراره، لكن رئيس الحكومة «بقي مُصراً على إصراره» كما قال بري أمام زواره أمس معتبراً أن «المرحلة حساسة جداً وتتطلب تعقلاً وحواراً بين جميع المعنيين للخروج من الأزمة».

وتنظر الأوساط السياسية الى خطوة الحريري بوصفها «انقلاباً وتماهياً مع الضغوطات الخارجية التي تعرض لها»، وأكدت الأوساط أن «الاستقالة جاءت بعد ضغوطات أميركية وفرنسية عليه، علماً أن المسؤولين الفرنسيين الذي تواصلوا مع عدد من الشخصيات اللبنانية أكدوا أنهم نصحوه بعدم الإستقالة». وأضافت الأوساط أنه منذ اليوم الأول للتحركات الشعبية كان الحريري يلتزم بكل ما هو مطلوب منه حرفياً، إن على صعيد منع انعقاد جلسة للحكومة، أو في الشارع بعدم اتخاذ اي قرار يلزم الجيش والقوى الأمنية بفتح الطرقات ومحاسبة الذين يسبّبون الفوضى بحجة عدم وضع الجيش في مواجهة المتظاهرين». واعتبرت أن «الحريري كان يلعب من تحت الطاولة من تحديد مهلة 72 ساعة لشركائه في الحكومة، ثم اصرار مقربين منه على إعطاء ثمن سياسي للمتظاهرين، وصولا الى سعيه الى تغيير حكومي وفق تصوره، بالاضافة الى أوامر عمليات كانت تأتي للأجهزة الأمنية بعدم فتح الطرقات أو الضغط على المُحتجين».

بقي ان النتيجة الاولى لهذه الخطوة، طرح السؤال في وجه الجميع: ماذا سيحدث في الشارع، وهل ستذهب البلاد الى مواجهة كبرى، وهل هناك إمكانية لتشكيل حكومة جديدة؟ وزاد من القلق انضمام مجموعات من انصار المستقبل الى التحركات في الشارع والاقدام على قطع طرقات في بيروت لساعات بعد إصدار تيار المستقبل بياناً يطلب فيه الحريري من مناصريه الخروج من الشارع. وتقول المصادر أن «خطأ الحريري هو اقتناعه بأن لا بديل عنه، وأن من سمّوه سابقاً سيكلفونه من جديد، علماً أنه لم يأخذ أي ضمانة في هذا الصدد، وهو خير العارفين بأن موقف أركان التسوية منه قبل الإستقالة هو غيره ما بعدها. مع ذلك ظلّ يكابر وعلى قناعة هو والقوات اللبنانية وبعض التيارات والاحزاب التي ركبت موجة الحراك بأن الإستقالة ستفتح باباً للحلّ والحوار».

الحريري قال في خطابه «إنني وصلتُ إلى طريق مسدود»، مناشداً «اللبنانيين تقديم مصلحة لبنان وحماية السلم الأهلي». لكن كلامه عن أن «مسؤوليتنا اليوم كيف ننهض بالاقتصاد، وتوجد فرصة جدية لا يجب أن تضيع»، لا يتناسب مع يومياته بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية، التي لم تتغير حسب عارفيه، إذ إنه لم يتصرف كما لو انه على راس ورشة عمل لوضع الورقة الاصلاحية موضع التنفيذ.

اليوم تدخل البلاد في باب الخطوات الدستورية التي ستلي الإستقالة ومنها تحديد موعد الإستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية لتكليف رئيس جديد للحكومة. وقد انعقدت ليل امس، سلسلة اجتماعات لحزب الله وحركة امل والتيار الوطني الحر، وبقيت القنوات ناشطة بين الرئيسين عون وبري والسيد حسن نصرالله والوزير السابق سليمان فرنجية من اجل الاتفاق على تصور للمرحلة المقبلة.

جنبلاط وجعجع يرحّبان
سارع النائب السابق وليد جنبلاط إلى الترحيب بالاستقالة، مغرّداً «منذ اللحظة الأولى دعوت إلى الحوار وعندما رفضتُ الاستقالة (وزراءه) سادَ موقف من التململ والانزعاج في صفوف الحزب الاشتراكي. وتحمّلتُ الكثير. لكن في هذه اللحظة المصيرية وبعد إعلان الشيخ سعد الحريري استقالة الحكومة بعدما حاول جاهداً الوصول الى تسوية وحاولنا معه، فإنني أدعو مجدداً إلى الحوار والهدوء».

أما رئيس حزب القوات سمير جعجع، فعلّق بالقول: «حسناً فعل الرئيس سعد الحريري بتقديم استقالته واستقالة الحكومة تجاوباً مع المطلب الشعبي العارم بذلك».
اللواء
«صدمة الإستقالة» تطوي صفحة التسوية السوداء.. ومخاوف دولية على الإستقرار
إنفراجات في الشارع: ضَيَاع في بعبدا وسلام الأوفر حظاً

اللواءصحيفة اللواء كتبت تقول “عشية دخول انتفاضة الشعب اللبناني اسبوعها الثالث، تبدّل المشهد: عنف مستهجن عند جسر الرينغ، استقالة مدوّية للرئيس سعد الحريري، من دون سابق تفاهم أو تُصوّر مع الرئيس ميشال عون، الذي تسلم النص، وسط ذهول في بعبدا.

إذ اعتبر مصدر وزاري في «تكتل لبنان القوي: اننا دخلنا إلى التسوية الكبرى معاً، فخرج وحيداً، وفي اصعب الأوقات..»، من دون ان يتوقف المصدر عند ملابسات الخطوة، التي اعرب الرئيس الحريري عن «ارتياحه لكون خطوة الاستقالة جاءت استجابة لما يريده الشعب»، واعرب المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان انها تشكّل «صدمة إيجابية لكل المسؤولين واللبنانيين من أجل التفاهم على حلول إنقاذية تخرج البلاد من المأزق والأزمات التي يُعاني منها المواطنون».

الخطوة تمت ضمن سياق دستوري من دون تنسيق مسبق مع بعبدا، ومن دون الإدلاء بأي تصريح للصحافيين، في قصر بعبدا، وجاء فيها:
بعد التحية،
عملا بالأصول الدستورية ونظرا للتحديات الداخلية التي تواجه البلاد ولقناعتي بضرورة إحداث صدمة إيجابية وتأليف حكومة جديدة تكون قادرة على مواجهة التحديات والدفاع عن المصالح العليا للبنانيين، أتقدم باستقالة حكومتي متمنيا لفخامتكم التوفيق.
وتفضلوا، فخامة الرئيس، بقبول فائق الاحترام.

ولاحظ الرؤساء: نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، بعد اجتماع في منزل السنيورة في بلس ان الرئيس الحريري تحلى «عندما قدم استقالته بإرث والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبحكمته، وبشجاعته، وكذلك بحكم مسؤولياته الوطنية».

وربطت وزيرة الداخلية في الحكومة المستقيلة ريّا الحسن بين ما حصل على «جسر الرينغ» من تضارب بين مجموعات ارادت فتح الطريق ومجموعات محتجة طالبت بالاستمرار بقطعها.. فغردت «الاستقالة كانت ضرورية لمنع الانزلاق نحو الاقتتال الأهلي الذي شهدنا خطره اليوم في وسط بيروت».

وخلافاً، لما تحدث عنه فريق بعبدا عبر نوابه أو «مصادره» من ان الرئيس الحريري لم ينسق الخطوة معهم، علمت «اللواء» ان الاجتماعات لم تتوقف بين رئيس الحريري وفريق القصر، إضافة إلى الوزير علي حسن خليل، والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل، والتي كان آخرها الليلة الماضية أو ما قبل الماضية، والتي ترتب عليها ابلاغهم الموقف، قبل الوصول إلى طريق مسدود.

سقوط التسوية
وفي تقدير مصادر سياسية، ان النتيجة الأولى والسريعة لقرار الحريري بالاستقالة، كانت في سقوط التسوية السياسية التي جاءت بالرئيس عون إلى رئاسة الجمهورية، بخروج الحريري من رئاسة الحكومة، لكن هذه النتيجة تبقى ملتبسة أو مرتهنة لاحتمالات عودته الى رئاسة الحكومة، علماً ان لا ضمانة مؤكدة لهذه العودة، الا إذا أراد الحريري العودة، باعتبار انه يرأس أكبر كتلة نيابية إسلامية في المجلس النيابي، وبامكانه فرض نفسه في الاستشارات النيابية الملزمة، لكن أجواء بعبدا لا توحي انها متمسكة بعودة الحريري أو حريصة على استمرار علاقتها به، بل بالعكس، كشفت عن استيائها لأن خروج الحريري من هذه التسوية جاء في اصعب الأوقات اقتصادياً ومالياً واجتماعياً.

وعلقت مصادر متابعة أو مواكبة لاجواء بعبدا لـ«اللواء» على استقالة الحريري بقولها: «دخلنا معاً إلى التسوية الكبرى، فخرج وحيداً»، لكنها استدركت بالقول: «ان سمت الأكثرية النيابية الحريري عاد إذا رغب، وإذا لم تسمه ولم يرغب، فإن كل الخيارات مفتوحة ومتاحة» في إشارة قوية تؤكد ان لدى بعبدا بدائل يبدو انها جاهزة، وان كانت اعتبرت بأن الحريري لم ينسق معها في مسألة الاستقالة.

وفي السياق، يتم التداول باسماء عدّة مرشحين من الوسط السياسي، في حال لم يرغب الحريري بالعودة إلى رئاسة الحكومة، أو لم تكن الظروف مناسبة لعودته. وعلمت «اللواء» ان الرئيس تمام سلام هو الأوفر حظاً، للحلول مكان الرئيس الحريري، إذا ما أصرّ على البقاء خارج الحكومة، وتردد بقوة اسم نائب بيروت فؤاد مخزومي..

وعلم ان الرئيس ميشال عون بعدما تسلم الاستقالة الخطية من الرئيس الحريري، أجرى سلسلة مشاورات في ما خص المرحلة المقبلة، فيما بدا لافتاً للانتباه ان قصر بعبدا اكتفى بنشر كتاب الاستقالة، من دون صدور بيان رسمي في هذا الشأن، لكن معلومات خاصة بـ«اللواء» أفادت ان البيان سيصدر اليوم على مهل، علماً ان لا قوانين دستورية تلزم رئيس الجمهورية في ما خص قبول الاستقالة أو تحديد مواعيد الاستشارات النيابية.

وبرز ضياع في موقف بعبدا، تأسيساً على رفض الرئيس عون سابقاً تأسيساً على رفض الرئيس سابقاً استقالة الحريري من الخارج، من دون الانتباه إلى اختلاف الظروف والمعطى. ونقلت قناة «الجزيرة» عن وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي قوله ان استقالة الحريري نافذة واصبحنا حكومة تصريف أعمال. وأكّد انه «لم ننسق الاستقالة مع الحريري وهو لم ينسقها معنا، وفي ذلك كل الدلالات».

كذلك، بدا لافتاً للانتباه، ان نواب وقيادات «التيار الوطني الحر»، عزفوا جميعاً على وتر واحد، وهو انهم فوجئوا باستقالة الحريري، على الرغم من مرور 12 يوماً على انتفاضة 17 تشرين ومطالبة المتظاهرين بسقوط الحكومة والنظام وتشكيل حكومة انتقالية جديدة تحضر لانتخابات نيابية مبكرة، ومن غير المعقول ان لا يكون رئيس الحكومة تحدث مع أحد بموضوع استقالة الحكومة، أو حتى التعديل الوزاري. في أعقاب، رسالة الرئيس عون إلى اللبنانيين والتي دعا فيها إلى إعادة النظر بالوضع الحكومي، ما يعني اما تغيير الحكومة أو تبديلها أو تطعيمها.

وفي هذا السياق، قال وزير الدفاع الياس بوصعب في دردشة معه، ان احدا لم يتحدث معنا في خيارات تعديل أو تغيير حكومي، لكنه أشار إلى ان خيار وجود الوزير جبران باسيل في الحكومة أم لا يعود «للتيار الوطني الحر» في الاستشارات النيابية وهو الذي يُقرّر من يمثله في الحكومة.

وقال ان تقديم الحريري استقالته خطوة دستورية وما سيتبعها سيكون أيضاً من ضمن الأطر الدستورية، مشيرا إلى ان المفاجأة كانت بعدم تنسيقه مسبقاً بهذه الاستقالة معنا، لأنها خطوة تقود إلى المجهول، وكان يمكن التنسيق بخطوة ما بعد الاستقالة. وكشف بو صعب ان الرئيس نبيه برّي ابلغنا عندما زرناه مع تكتل «لبنان القوي» ان الرئيس الحريري بصدد الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء خلال اليومين المقبلين. وقال: «ليس صحيحاً انه حكى معنا في الموضوع ولا هو اخذ منا موقفاً لا ايجابياً ولا سلبياً» .

رواية «بيت الوسط»
في المقابل، نفت أوساط «بيت الوسط» ان يكون موضوع الحكومة لم يطرح خلال الأسبوعين الماضيين، معيدة إلى الأذهان ترحيب الرئيس الحريري بموقف الرئيس عون عندما دعا إلى إعادة النظر بالوضع الحكومي، باعتباره يلبي مطالب الشعب المحتشد في الساحات.

وكشفت انه كان هناك اتفاق مبدئي بين الرئيسين عون والحريري، على ان لا يكون هناك إعلان عن استقالة الحكومة قبل توافق جدي على شكل ومضمون الحكومة الجديدة، مشيرة إلى ان كل الاتصالات التي جرت خلال الأيام العشرة الأخيرة، تركزت على الخيارات المطروحة أو المتاحة، في هذا الشأن، بالتزامن مع اتفاق على إبقاء الحراك الشعبي في الساحات العامة، في إطاره السلمي وعدم التعرّض له من قبل القوى الأمنية والجيش، بل بالعكس تكليفه بحماية المتظاهرين.

وقالت هذه الأوساط ان الرئيس الحريري، عندما انفجرت مسألة قطع الطرق بالنسبة للحل السياسي لا الأمني لمعالجة هذه المسألة، رغم انها كانت موضع خلاف مع مرجعيات أخرى، لا سيما مع «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» وحركة «امل» التي كانت تضغط لأن يتدخل الجيش لفتح الطرق بالقوة، خصوصاً في كل ارتفاع مستوى الضغط الاقتصادي والمالي والتمويني، إلى جانب ان هذه الأطراف لم توافق معه على تشكيل حكومة حيادية تكنوقراط أو مختلطة مصغرة.

وتضيف المصادر، ان الحريري اتخذ قراره بالاستقالة منذ ليل أمس الأوّل، عندما تبلغ ان قراراً حزبياً اُتخذ بالتصدي لمسألة استمرار المتظاهرين في قطع الطرق، ولا سيما عند جسر «الرينغ»، فاستدعى وزير المال علي حسن خليل وطلب منه إبلاغ الرئيس برّي بأنه سيستقيل اليوم، لأنه لا يقبل إراقة نقطة دم واحدة، سواء من المتظاهرين أو من القوى الأمنية، وانه يرفض تحول الانتفاضة الشعبية إلى مواجهة مفتوحة بين شارعين.

فتح الطرقات
وبحسب المعلومات، فإن ما حصل عند جسر «الرينغ» أمس وفي ساحتي الشهداء ورياض الصلح، عززت قناعة الرئيس الحريري، بأن تحدث استقالته صدمة إيجابية تفتح حلولاً إيجابية، وهو ما ترجم بقرار «هيئة تنسيق الثورة» فتح كامل الطرقات كبادرة حسن نية واحتفاء بما تمّ إنجازه وتسهيلاً لتأمين الحاجات الحيوية والاساسية للمجتمع، وإعلان الحراك في صور تعليق اعتصامه مع الإبقاء على جهوزيته.

واعتبرت الهيئة في بيان ان «ثورة الشعب اللبناني ووقوفه 13 يوماً في الساحات لتحقيق مطالبه، رغم حملات الترهيب والتخوين قد اثمرت تحقيق المطلب الأوّل وهو استقالة الحكومة، الأمر الذي يفتح الباب امام تحقيق باقي المطالب بدءاً بتشكيل حكومة إنقاذ وطني قادرة على إخراج البلاد من ازمتها، واجراء انتخابات نيابية مبكرة».

لكن معلومات أخرى قالت ان ما جرى عند جسر «الرينغ» والساحتين من هجوم على المتظاهرين، كان بمثابة ردّ ضمني على قرار الحريري بالاستقالة، في حين رجحت مصادر أخرى ان يكون قرار الاستقالة اتخذ بشكل نهائي بعد الذي جرى، حيث اندفع شبان من الخندق الغميق يبدو انهم من انصار حركة «امل» وعملوا على إبعاد المحتجين الذي قطعوا الطريق، وحصل اشتباك بين الطرفين ادى الى سقوط جرحى فتراجع المحتجون باتجاه الاشرفية، فيما عملت قوات من الجيش والامن الداخلي على الفصل بين الجهتين. واكمل الشبان عملهم بتخريب خيم المعتصمين في ساحتي رياض الصلح والشهداء، لكن المعتصمين عادوا ليلا الى الساحتين واعادوا نصب الخيم حتى تحقيق باقي المطالب.

دعم «مستقبلي»
وكان الرئيس الحريري أعلن عبر الإعلام، عصر أمس، استقالته من رئاسة الحكومة، وزار القصر الجمهوري وسلمها الى الرئيس عون، في ما بدا انها استقالة تمت دون تشاور مسبق بين الرئيسين، بحسب بعبدا.

وغصّ «بيت الوسط» بالشخصيات السياسية وغير السياسية دعما لموقف رئيس الحكومة بالاستقالة.كما زاره مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، الذي رأى أن الاستقالة تشكل صدمة إيجابية، فيما سجلت خطوة لافتة بين الحريري والرئيس تمام سلام. وفي أول حديث للاعلاميين، بعد تقديم إستقالته، قال الحريري: «إن شاء الله نخرج من هذا المأزق، وانا مرتاح أنني قدمت شيئاً للشعب اللبناني.

وشهدت مناطق بيروت وعكار والناعمة وبعض قرى البقاع الغربي وسواها، قطع طرقات واحتجاجات من قبل مناصري «تيار المستقبل» بعد الاستقالة، لكن بيان تيار «المستقبل» تمنى على جميع المناصرين الامتناع عن اي تحرك اعتراضي في الشوارع والساحات والتعاون مع الجيش والقوى الامنية لتسهيل تنقل المواطنين.

وفي اول تعليق سريع له على استقالة الحريري، قال رئيس المجلس النيابي نبيه بري للـ«ان بي ان»: ما يجري يتطلب تهدئة فورية وحواراً بين المكونات اللبنانية، وما يحصل ليس موضوعا طائفيا وهو غير مذهبي على الاطلاق.

ومن جهته، اوضح وزير الشباب والرياضة محمد فنيش «ان من حق الرئيس الحريري اتّخاذ قرار بالاستقالة، لكن عليه تحمّل مسؤوليته»، وسأل «ما هي الخطوة المقبلة؟ فهل هذا يُساعد على انهاء الوضع القائم في الشارع ويبدأ الجيش والقوى الامنية بفتح الطرقات؟ وهل المجموعات المنتشرة هنا وهناك ستتم محاسبتها»؟. وقال: «أنه لا يعتبر ان استقالة الرئيس الحريري ستُخرج البلد من الازمة وتفتح الباب امام الحلول، بل ستزيد الامور تعقيداً وتأزّماً.

اما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فقد رأى ان الحريري استقال عندما وصل إلى أفق مسدود، ولم يستطع ان يصل إلى تسوية واستقال نتيجة ما جرى في الشارع، مشيراً إلى انه لا يعرف ظروف رئيس الحكومة لكنني معه إذا قرّر العودة لرئاسة الحكومة .

مخاوف دولية
وعلى صعيد ردود الفعل الدولية، دعا الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرس جميع القوى السياسية في لبنان إلى الهدوء مطالباً قوات الأمن بحماية المتظاهرين السلميين والمحافظة على أمن البلاد، فيما دعا المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ايان كوبيتش الى تشكيل حكومة بسرعة ضمن المعايير الدستورية وتستجيب لطموح النّاس وتكون قادرة على كسب ثقتهم.

واعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان في كلمة له امام الجمعية الوطنية الفرنسية ان إعلان الحريري استقالته يُفاقم الأزمة. لافتاً إلى ان لبنان يمر بأزمة خطيرة جداً منذ 15 يوماً مع تظاهرات شعبية حاشدة وحوادث وتوترات. ورأى ان شرط الاستقرار هو الرغبة في الاصغاء إلى صوت الشعب ومطالبه.

وبدوره اعتبر وزير الخارجية الالماني هايكو ماس ان استقالة الحريري جاءت استجابة للتظاهرات، معرباً عن أمله بأن لا تتسبب الاستقالة بتقويض الاستقرار في لبنان.

مالياً، شهد إصدارا 2021 و2022 أشد تراجعاتهما اليومية على الإطلاق، إذ هويا ستة سنتات، وفقا لبيانات تريدويب. وقفزت عوائد بعض السندات لتصل في حالة إصدار 2020 إلى 38 بالمئة، مما يشير إلى أن تكاليف الاقتراض قد أصبحت باهظة على نحو معطل للبلد المثقل بالديون.

المصدر: صحف

البث المباشر