الشيخ دعموش: مكافحة الارهاب تتطلب سياسات واضحة وخطوات جادة وفاعلة. – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الشيخ دعموش: مكافحة الارهاب تتطلب سياسات واضحة وخطوات جادة وفاعلة.

الشيخ دعموش: مكافحة الارهاب تتطلب سياسات واضحة وخطوات جادة وفاعلة.
الشيخ علي دعموش يلقي خطبة الجمعة

لفت سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: الى أن الارهاب الذي ضرب مجدداً في قلب أوروبا, في بروكسل, هو نفسه الارهاب الذي يضرب في سوريا والعراق ولبنان وليبيا وتونس واليمن, ويستهدف المدنيين الآمنين الذين لا ذنب لهم , لأن الإرهاب واحد.. وهو يتصف بنفس الوحشية والاجرام والقسوة والضراوة . هذه الوحشية المستنسخة عن الوحشية الاسرائيلية التي تُمارس بحق الفلسطينيين منذ مجازر دير ياسين وكفر قاسم إلى مجزرة غزة وقتل الاطفال في شوارع الضفة.

وقال: كما في كل التفجيرات السابقة فإن هذا الارهاب المتوحش والمتمادي في سفكه للدماء وفي استهدافه لكل المجموعات البشرية من دون تمييز ومن دون استثناء بات يتطلب اليوم سياسات واضحة وخطوات جادة وفاعلة لمكافحته ومواجهته ومواجهة داعميه ومموليه ومسانديه بشكل واضح وصريح وبلا مواربة .واعتبر: أن بعض الدول لا تزال تراعي وتساند دول وأنظمة داعمة للإرهاب وللمجموعات الارهابية نتيجة مصالح سياسية واقتصادية. مؤكداً: أن السياسات التي اعتمدتها أوروبا تجاه الازمة السورية وانخراط العديد من الدول الاوروبية في الحرب على سوريا إعلامياً وسياسياً وميدانياً ، والتسهيلات التي قدمتها الأجهزة الأمنية الأوروبية للجماعات الارهابية للانتقال الى سوريا لقتال السوريين، هذه السياسات تدفع ثمنها أوروبا اليوم من دماء ابنائها ومن دماء شعوبها , وهي التي تؤدي الى استفحال الإرهاب وتغلغله حتى في الدول الأوروبية.

وختم بالقول: الإرهاب يحتاج إلى مواجهة شجاعة وجدية وتعاون إقليمي ودولي كامل وسياسة واضحة وشفافة، تتوقف بموجبها الدول والهيئات عن دعمها للإرهاب وتمويله، أما السكوت عن الارهاب والدول الداعمة له فهو خطيئة كبيرة لن تؤدي إلا إلى المزيد من الموت والقتل والدمار.

نص الخطبة

يقول الله سبحانه وتعالى: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُون232 /البقرة. للانسان الحق في اتخاذ القرارات الشخصية التي تتعلق بحياته وأوضاعه بحرية تامة بعيداً عن الضغوط والإجبار والإكراه أو التهميش, انطلاقاً من حريته الفردية وحقه في رسم مستقبله وتحقيق مصالحه وتقرير مصيره.

وحق اتخاذ القرارات الشخصية هو جزء من شخصية الإنسان الفرد سواء كان ذكراً أو أنثى. فالشاب عندم يبلغ مرحلة النضج والرشد يرى نفسه قادراً على اتخاذ القرار المتعلق بحياته ومستقبله, وكذلك الفتاة عندما تكون بالغة رشيدة واعية فانها ترى في نفسها القدرة التامة على اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتها ومستقبلها، ولذلك الشاب كما الفتاة يرفض التهميش ويرفض أن يتخذ أحد بالنيابة عنه قراراً يتعلق به وبحياته خصوصاً في موضوع الزواج. الفتاة تعتبر أن من حقها اختيار الزوج والشريك الذي تراه مناسباً لحياتها.

إن أخطر ما يمكن أن يحطم حياة البنت هو اتخاذ الأب أو الجد أو الأخ أو العائلة قرار تزويجها بالنيابة عنها، وبمعزل عن رأيها!. فحين تشعر الفتاة أنها مهمشة على هذا الصعيد، وأن الرأي هو للأب أو الأم أو الأخ، أو العم أو الخال أو أحد الأقارب أحياناً!، هذه الفتاة التي ترى نفسها مهمشة في اتخاذ القرار المرتبط بها وبمستقبلها وحياتها، قد تتحطم نفسياً وقد تتكوّن لديها عُقداً نفسية، وقد تنفر من أسرتها وعائلتها ومن المجتمع, وربما تنفر من الدين نفسه خصوصاً عندما يُفرض عليها العريس التي لا ترغب به بإسم الدين, أو يتم رفض العريس الذي تحبه وترغب به بحجة أن الأب غير موافق وموافقته شرط يشترطه الدين. صحيح أنه لا بد في زواج الفتاة البكر البالغة الرشيدة – من الناحية الشرعية- من استئذان الأب وإجازة الأب، إلا أن ذلك لا يعني تهميش رأي البنت وعدم أخذه بعين الاعتبار, فرأيها أساس لأن الحياة حياتها. كذلك لا يعني اشتراط إذن الأب أن يفرض الأب او أحد افراد العائلة على البنت العريس الذي يختارونه هم والذي يناسبهم هم. ينبغي على الآباء والأمهات أن يأخذوا بعين الاعتبار رأي بناتهم،وأن لا يشعروهن بالتهميش او بالإكراه والجبر والفرض.
ولعل أسوأ ما يمكن أن يحصل هو أن يرفض الأب زواج إبنته للضغط على زوجته عندما يكون الأب على خلاف مع زوجته أو مطلق لزوجته، فيحاول ابتزاز مطلقته برفض العريس المتقدم لإبنتها.. وهذا أمر محرم وفيه ظلم كبير للفتاة.

بعض الآباء، يرفض تزويج بناته الموظفات طمعاً في رواتبهن الشهرية، فيتعمد الأب وضع العراقيل والعقبات أمام زواج بناته لانه يستفيد من رواتبهن! وهذا السلوك أيضاً محرم وغير جائز وهو جريمة بحق البنت، وللحاكم الشرعي في مثل هذه الحالات إسقاط ولاية أمثال هذا الأب إذا كان متعنتاً لأسباب غير مبررة.ومن هنا من حق البنت أن تخشى تفويت فرصة الزواج، بسبب تعنت الأب واستبداده وتحكمه بمستقبلها .
إشتراط إذن الأب في زواج البكر لم يشرعه الله ليستبّدَّ الأب ويتعنت بقراراته ويتحكم بزواج بناته .

ولاية الأب والجد على البنت البكر البالغة الرشيد في قرار زواجها ، إنما ينطلق من مراعاة مصلحة البنت، فالبنت وإن كانت راشدة وناضجة وواعية إلا أنه لا تجربة لها في الحياة الزوجية، وهي غير مخالطة للرجال ومعرفتها بهم وبصفاتهم وأخلاقهم وسلوكهم محدودة، وقد لا تُغلّب عقلها في موضوع الزواج بل تُغلّب عاطفتها وتنساق مع مشاعرها وأحاسيسها وعواطفها، وبالتالي فقد لا يكون قرارها في اختيار الزوج مناسباً، فتتورط في حياة زوجية سيئة لا يمكنها الخلاص منها بسهولة، باعتبار أن قرارالانفصال والطلاق بيد الزوج.

لذلك أُعيطت الولاية للأب باعتبار أن الأب أقدر على معرفة مصلحة البنت, كونه أخبر بالحياة ولديه تجارب في الحياة تُمكّنه من إرشاد إبنته ونصحها وتوجيهها بالشكل المناسب, هذا من جهة.
ومن جهة أخرى, لو حصل بين البنت وبين زوجها أي خلاف في حياتهما الزوجية فإن البنت تلجأ عادة الى أبيها والى أهلها ليقفوا معها والى جانبها، فإذا كان الزواج من الأساس على خلاف رأيهم أو لم يكن بإذن من الأب ، فستحرم البنت من دعمهم ومساعدتهم عندما تحتاج الى ذلك, هذه هي فلسفة وخلفية اشتراط إذن الأب في زواج البكر, ولهذه الحيثيات التي تصب في مصلحة البنت كان للأب ولاية على البنت ودور في قرار زواجها، وإلى ذلك يشير الحديث الوارد عن الإمام الصادق (ع) قال: إذا أراد أبوها أن يزوجها(أي البنت) هو أنظر لها. أي هو أصوب نظراً لتحقيق مصلحتها، لخبرته الاجتماعية، وحرصه على مستقبل ابنته، ولموضوعيته في اتخاذ القرار دون الوقوع تحت سيطرة الأحاسيس والعواطف. تبقى ولاية الأب على البنت قائمة ومطلوبة طالما هو يراعي مصلحتها, ولكنها تسقط عندما يبدأ الأب العمل على خلاف مصلحة ابنته وعندما يرفض تزويجها من دون مبرر معقول.

تسقط ولاية الاب شرعاً في حالتين:
1- لو أساء الأب استخدام صلاحيته في قرار زواج إبنته البكر الرشيدة، فلو رفض الأب مثلاً الموافقة على تزويج ابنته من رجل كفوء ترغب فيه من دون مبرر مقبول، كما يحصل عادة من قبل بعض الآباء، فيرفض العريس المتقدم الذي يملك كفاءة دينية وأخلاقية وإجتماعية لأنه ليس على مزاجه، او لأنه من العائلة الفلانية, أو لأنه من المنطقة الفلانية, أو لتصفية حسابات مع البنت أو أمها، وخاصة حينما يكون هناك طلاق بين الأب والأم، أو ما أشبه ذلك من الأسباب التي لا تبرر إعاقة زواج البنت مع رغبتها. ففي مثل هذه الحالة تسقط ولاية الأب ويسقط اعتبار إذنه، وتصبح الفتاة مستقلة في قرارها.

2- في حالة العضل:وهو أن يمنع الأب زواج ابنته من دون مبرر مقبول ولا سبب معقول.

وإنما يتحقق العضل المسقط لولاية الولي وإذنه إذا توفر أمران: كفاءة الخاطب، ورغبة البنت فيه،فلو امتنع الولي بعد ذلك فيصدق عليه حينئذ أنه عاضل لها، فتسقط ولايته وإذنه.
ولذلك بعض الفقهاء يقول: (إن ولاية الأب ثابتة لها لا عليها) أي لمصلحتها لا لإضرارها والحاق الأذى بها, فاذا عمل الأب على خلاف مصلحتها وأراد الإضرار بإبنته تسقط حينئذ ولايته.
نعم هذا لا يعني ان لا نتفهم تشدد بعض الآباء في تزويج بناتهم لأن تشدد بعض الآباء يعود لخشيتهم على بناتهم وخوفهم عليهن من فشل الزواج مستقبلا، فيضع الأب اعتبارات عديدة من قبيل وضع الشاب الخاطب وعائلته وحالته المادية وهل لديه منزل أو لا؟ وهل لديه وظيفة أولا؟ وما شابه ذلك ، هذا التشدد مفهوم طالما يصب في مصلحة البنت, لكن ينبغي إبداء مرونة أكبر في هذا المجال، لأن الظروف اليوم تغيرت عن السابق فالبنت اليوم غير البنت بالأمس، فقد باتت البنات أكثر اطلاعا وأكثر معرفة وأكثر وعياً بخلاف الفتيات في الزمن السابق، ولذلك فمن حق البنات في هذا الزمن أن يكون لهن رأيهن في ما يتعلق بمستقبلهن، وخصوصاً في أمر الزواج. وقد أصبحت أخطار التشدد في الموافقة على زواج البنت تشكل تحدياً للأمن الاجتماعي، فرفض العريس بات يؤدي في بعض الحالات الى الفساد والانتحار، أو الهروب من المنزل، أو قيام علاقات غير مشروعة, وهذه مخاطر تؤدي الى أن يفقد المجتمع الأمن والاٍستقرار الإجتماعي.

العالم اليوم بحاجة الى الأمن الاجتماعي وبحاجة ايضاً الى الاستقرار والسلم والأمن الميداني الذي يأمن من خلاله الناس على أرواحهم وحياتهم وممتلكاتهم .. خصوصاً بعدما بات الأمن والاستقرار مهزوزاً في نقاط عديدة من هذا العالم بفعل الارهاب والجماعات والعصابات الارهابية التي باتت تنتشر في كل مكان وتضرب في كل مكان وتهدد الجميع بلا استثناء .الارهاب الذي ضرب مجدداً قبل أيام في قلب أوروبا في بروكسل, العاصمة السياسية للاتحاد الاوروبي ومقر الحلف الاطلسي، هو نفسه الارهاب الذي يضرب في سوريا والعراق ولبنان وليبيا وتونس واليمن, ويستهدف المدنيين الآمنين الذين لا ذنب لهم . الإرهاب واحد.. وهو يتصف بنفس الوحشية والاجرام والقسوة والضراوة, هذه الوحشية المستنسخة عن الوحشية الاسرائيلية التي تُمارس بحق الفلسطينيين منذ مجازر دير ياسين وكفر قاسم إلى مجزرة غزة وقتل الاطفال في شوارع الضفة.

وكما في كل التفجيرات السابقة فإن هذا الارهاب المتوحش والمتمادي في سفكه للدماء وفي استهدافه لكل المجموعات البشرية من دون تمييز ومن دون استثناء, بات يتطلب اليوم سياسات واضحة وخطوات جادة وفاعلة لمكافحته ومواجهته ومواجهة داعميه ومموليه ومسانديه بشكل واضح وصريح وبلا مواربة .مع الأسف هناك بعض الدول لا تزال تراعي وتساند دول وأنظمة داعمة للإرهاب وللمجموعات الارهابية نتيجة مصالح سياسية واقتصادية.

السياسات التي اعتمدتها أوروبا تجاه الازمة السورية وانخراط العديد من الدول الاوروبية في الحرب على سوريا إعلامياً وسياسياً وميدانياً ، والتسهيلات التي قدمتها الأجهزة الأمنية الأوروبية للجماعات الارهابية للانتقال الى سوريا لقتال السوريين، هذه السياسات تدفع ثمنها أوروبا اليوم من دماء ابنائها ومن دماء شعوبها , وهي التي تؤدي الى استفحال الإرهاب وتغلغله حتى في الدول الأوروبية, هذه السياسات الخاطئة وضعت أوروبا في مرمى نيران الارهابيين التكفيريين لأنهم غضوا النظر عن العناصر الارهابية التي كانت تتنقل بحرية من أوروبا الى سوريا ومن سوريا الى اوروبا .

لذلك اليوم اذا أرادوا أن يضعوا حداً لهذا الارهاب المتنقل في العالم عليهم أن يواجهوا هذا الارهاب بشكل جدي وفاعل, وأن يواجهوا الدول المساندة للارهاب, والدول التي تساند الارهاب اصبحت اليوم معروفة.. وهم الذين يسلحونها ويعطونها الاسلحة الفتاكة لقتل الشعب اليمني وغيره. من الذي يعطي النظام السعودي السلاح لقتل الشعب اليمني؟ هذا السلاح الذي يأخذه النظام السعودي من اوروبا وأمريكا جزء منه يقتل به الشعب اليمني وجزء يذهب للارهابيين الذين يفجرون في كل مكان ويفجرون في اوروبا وبركسل.

ولذلك الدول الأوروبية يجب أن تبادر لاتخاذ مواقف حاسمة وقاطعة تجاه الأنظمة الداعمة للإرهاب وفي مقدمهم النظام السعودي, وأن تمتنع عن توريد السلاح الى هذا النظام, كما فعلت هولندا الذي صوت برلمانها على عدم جواز تصدير السلاح الى النظام السعودي.. والدول الاوربية مطالبة أن تنحو منحى هولندا في ذلك. الإرهاب يحتاج إلى مواجهة شجاعة وجدية وتعاون إقليمي ودولي كامل وسياسة واضحة وشفافة، تتوقف بموجبها الدول والهيئات عن دعمها للإرهاب وتمويله، أما السكوت عن الارهاب والدول الداعمة له فهو خطيئة كبيرة لن تؤدي إلا إلى المزيد من الموت والقتل والدمار.

المصدر: خاص

رأيكم يهمنا

شاركوا معنا في إستبيان دورة برامج شهر رمضان المبارك