خليل موسى موسى – دمشق
حيثما يصل الجيش السوري والحلفاء، تشهد المناطق تهاوياً متسارع وانهياراً كبيراً لحصون ما كان كياناً تكفيرياً وأمسى من الماضي الأليم إلى غير عودة، ومع هذه الانهيارات تتبدد مخططات كان يراد لها أن تضع المنطقة قيد التقسيم بإشراف غربي أمريكي.
على ضوء فشل خططهم، وتمكن الجيش السوري من استعادة مساحات واسعة من أراضيه في المنطقة الشرقية والتي كانت بالنسبة للغرب البوابة الأوسع لتنفيذ مخطط التقسيم، بات أمام الولايات المتحدة الامريكية خيار جديد وهو آخر المحاولات اليائسة، دعم أطراف جديدة بدلاً عن صنيعة واشنطن السوداء تنظيم “داعش” الإرهابي.
وعلى ضوء المتغيرات المتسارعة في دير الزور والمنطقة الشرقية، استضاف موقع قناة المنار، الدكتور عبد القادر عزوز المستشار في الحكومة السورية ، للحديث بشكل أدق عن المرحلة الحالية وما يمكن البناء عليه.
بداية حديث المستشار تنطلق من أنه “من غير شك أن محور المقاومة اليوم قد أفشل سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة والتي كانت تهدف لإقامة توازن الضعفاء”، وتكرست هذه المعادلة بانتصار المحور المقاوم على تنظيم داعش رأس الإرهاب في المنطقة.
التعاطي السوري مع الأحداث..
في موازاة العمل العسكري لمحور المقاومة، يقول المستشار عزوز، أن دبلوماسية محور المقاومة من الدولة السورية، بالتعامل وفق مبدأ الحكمة والشجاعة، فتعاطت مع كثير من الملفات، وفق نهج ديبلوماسية الاقناع، ما جعل أمريكا أكثر إرباكاً في طبيعة مخططها في المنطقة.
ومن الامثلة التي أتى بها عزوز، “أستانا وما جاءت به في جملة من جولاتها بمخرجات مهمة تتعلق بمناطق تخفيف التصعيد”، وهذه المناطق ادت الى وجود ارتياح نسبي في إطار المدن الكبرى وتأمين الضواحي، وجعلت عمليات الجيش السوري ومحور المقاومة تتم تحت إطار دولي وإقليمي في مواجهة داعش وجبهة النصرة، وكانت شكلاً من أشكال استثمار الأزمة الداخلية العميقة في تركيا، وهذا ما أربك الأمريكي لجهة إعلانه عن دعمه التنظيمات الإرهابية، فبالتالي بقي داعماً لها ولكنه لا يستطيع الإعلان عن ذلك، فأدواته واحتياطيه بدأت تنفد واحدة تلو الأخرى، خاصة مع حجم ما وجه لهذا التنظيم من ضربات حقيقية، ومحاولة تطويقه واحتوائه ومن ثم القضاء عليه على يد محور المقاومة، وليس من خلال ما نفذته اميركا في منبج والرقة والموصل، خلال إخراج بنيته المركزية وجعله في سباق مناورة في صحراء ورمال متحركة.
بدائل الولايات المتحدة في المنطقة لتنفيذ مخططاتها بدأت، ولكن..
هذا النهج كله لمحور المقاومة جعل الولايات المتحدة الأمريكية في حيرة من أمرها لما يتعلق بآلية إنفاذ مخططاتها، حيث نوه المستشار السوري أن الكل يعلم بأن يد أميركا في الميدان قاصرة لجهة الاحتياطي منذ أيام دعمها لما يسمى الجيش الحر وغيرها، كلها لم تثبت نجاعتها في تغيير الوقائع الميدانية، فكان لا بد من إعادة ترتيب أداولتها من جديد، بالتالي، وجدنا مثلاً، مخلب انفصالي جديد من خلال كردستان العراق ولكن محور المقاومة أحبط هذا المشروع من خلال استعادة مدينة كركوك.
ويتابع المستشار عزوز أن الولايات المتحدة الأمريكية اليوم تبيع للعالم نصراً افتراضيا على الإرهاب في مدينة الرقة، حيث قامت بسياسة مزدوجة، إذ رحّلت قادة التنظيم تحت أعين المجتمع الدولي، وبنفس الوقت مارست إفراطا في استخدام الكثافة النارية بحيث أنها استهدفت المدنيين الأبرياء واستهدفت كامل البنى التحتية، وكأنها تريد طمس كامل معالم وشواهد تورط الولايات المتحدة الأمريكية مع هذه التنظيم .
طمأنينة سياسية لدى الدولة السورية..
يقول الدكتور عبد القادر عزوز أنه لا خوف على الإطلاق من أي مخططات امريكية لأن السياسة برأيه هي فن الممكن، والسياسة حسابات الأرباح والخسائر، وهكذا بات معلوماً، أن أميركا تدرك أن أي مغامرة عسكرية مجنونة تكاليفها مضمونة من حيث ارتفاع فاتورتها، ونتائجها غير مضمونة، فبالتالي واشنطن تعتمد على إدارة هذه الحرب من خلال أدوات محلية وإقليمية، وهذه كلها تتهافت الواحدة تلو الأخرى، على غرار الحكمة التاريخية “فيداك أوكتاك و فوك نفخ” أي أن أميركا من أوصلت نفسها إلى هذا الحال في مواجهة محور المقاومة.
فالدولة السورية ليس لديها أي تخوف على الإطلاق من أي مشروع تقسيمي، وتدرك أن أبناءها ليس لديهم هذا المفهوم، لأن دعاوى التقسيم لا تكون إلا من خلال الخصائص المجتمعية للبلد، واليوم جميع أبناء سورية يريدون ان تعود سورية كما كانت.
هذه كلها عناوين طبيعة المرحلة القادمة التي ذكرها المستشار الحكومي السوري عبد القادر عزوز، نافياً أيّ أسباب للخوف من أي محاولة من محاولات التقسيم، ولكن قد تواجه سورية حالات احتلال وفرض أمر واقع، مؤكداً “الاحتلال لا يمكن أن يدوم فالأرض دائماً ما تدافع عن أصحابها، كالاحتلال الامريكي أو التركي أو احتلال ميليشيات إرهابية”.
وختم عزوز حديثه بتعليق سريع عن الخلافات الخليجية والتعليقات التي صدرت من البعض فاضحة أسماء متورطين بالدم السوري والحرب على سورية، بأنهم لو أنهم نجحوا في مخططاتهم وحربهم ضد سورية، لما وصلوا إلى ما وصلوا إليه من خلافات كبيرة بينهم.
إلى هذا كله، وفي هذه الأثناء ما يزال الجيش السوري يتقدم مع الحلفاء الداعمين ويسيطرون على زمام السياسة الميدان، ويطهرون الأرض من محتليها الإرهابيين، جاعلين المخططات الغربية عبارة عن لعبة خاسرة لمن أراد تحدي أصحاب الحق في المحور، ومحوّلين الأدوات الإرهابية إلى دمى تتساقط في ساحات القتال لتكلف أصحابها ومشغليها خسائر تبلغ أضعاف ما كانت تطمح لكسبه.
المصدر: موقع المنار