كلمة سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في احتفال يوم القدس العالمي في الضاحية الجنوبية 23-6-2017
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين وعلى جميع أنبياء الله والمرسلين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته، وأرحب بكم وأشكر لكم هذا الحضور المبارك في هذه المناسبة وفي هذا اليوم العظيم.
مقدمة تمهيدية لا بد منها للتذكير بخلفية هذا اليوم، يوم القدس. بعد انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران بقيادة الإمام الخميني قدس سره، وببركة التضحيات الجِسام للشعب الإيراني العزيز وقيام نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، أعلن الإمام الخميني أو اختار الإمام الخميني آخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك وأعلنه يوماً عالمياً للقدس، ليس يوماً إيرانياً للقدس ولا يوماً عربياً للقدس وإنما أعلنه يوماً عالمياً للقدس.
طبعاً الإختيار انطلق من حكمة واضحة في شهر الله، في الشهر الذي أيامه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات ويوم الجمعة أفضل أيامه بطبيعة الحال والعشر الأواخر أفضل الأيام والليالي، فآخر يوم جمعة من شهر رمضان مبارك أفضل يوم اختاره الإمام ليكون يوماً عالمياً لأعظم وأقدس قضية يتحمل مسؤوليتها اليوم الإنسانية كلها، والأمة جمعاء وليس فقط الشعب الفلسطيني.
ومنذ ذلك الإعلان يُحيى هذا اليوم بالإحتفالات والمهرجانات والمظاهرات والمسيرات والمؤتمرات والندوات ومختلف الأنشطة الإعلامية والشعبية والسياسية من أجل ايصال رسالة واضحة في كل عام وهو الذي سنصل إليه في نهاية الكلمة إن شاء الله.
بعد وفاة الإمام الخميني قدّس سره، سماحة الإمام السيد الخامنئي – السيد القائد – أيضاً أكد على هذا الخط وعلى هذا اليوم، على هذا الإحياء وعلى هذه المسؤولية، ولذلك منذ ما بعد عام 1979 ميلادية سنة انتصار الثورة الإسلامية في إيران إلى اليوم، هذا اليوم – يوم القدس – يتم إحياؤه والحمد لله ينمو ويتسع وينتشر وينتقل من بلد إلى بلد ويمتد من قارة إلى قارة ولا يُقتصر إحياؤه على بلد معين أو فئة محددة، وهذا ما نتطلع إليه، وسيأتي اليوم الذي سيشهد فيه الناس أن يوم القدس سيكون الزمان الذي يخرج فيه الناس جميعاً، شعوبنا في العالم العربي والإسلامي للتعبير عن إيمانهم والتزامهم عندما تزول العقبات وتسقط الحواجز إن شاء الله.
أيها الأخوة والأخوات: يأتي يوم القدس في هذا العام متزامناً مع الذكرى الخمسين للحادثة المؤسفة والمحزنة وهي احتلال الصهاينة للقدس، وكانوا بالأمس يحتفلون بسيطرتهم وهيمنتهم على القدس.
حسناً، أنا أريد أن أتحدث عن المناسبة بالصميم ولذلك سأكتفي في الكثير من العناوين بالإشارات السريعة، لأننا كلنا نعيش الأوضاع والأحداث وكلنا نواكب، وإنما يكفي أن أجمع هذه الأحداث وهذه الوقائع ونأخذ منها في نهاية المطاف الاستنتاج والتحليل المناسب ونأخذ منها أيضاً الموقف المناسب.
ما يجري في منطقتنا منذ سنوات بالحد الأدنى، يعني ست سبع سنوات لليوم منطقتنا دخلت في مرحلة مختلفة تماماً، هذا مفصل تاريخي مختلف ومتميز وقاسٍ وصعب ودامٍ ومحزن ومؤلم وفيه الكثير من المخاطر، وفيه الكثير من التحديات والتهديدات، وفي المقابل فيه الكثير من الإرادات والتضحيات والصمود والإنجازات، لا يوجد شك بأن ما يجري أو ما جرى وما يجري الآن في منطقتنا، حتى لا نعود إلى بداية الأحداث ونأخذ وقتاً طويلاً، فقط للتذكير، نحن نعتقد بأن الحراك الشعبي الذي حصل في أكثر من بلد عربي كان حراكاً شعبياً أصيلاً صادقاً مخلصاً وطنياً، ولم يكن بفعل مؤامرة أو مخططات من هنا أو هناك، ولكن للأسف الشديد بسبب غياب الأطر المتينة والقيادات الحكيمة والتعاون اللازم والانسجام الوطني في كل بلد ولأسباب عديدة من جهة وبسبب قدرة الولايات المتحدة الأميركية وأداواتها الإقليمية في المنطقة تم محاولة استيعاب هذا الحراك الشعبي وأخذ المنطقة باتجاه ما أخذت إليه الآن لخدمة مجموعة أهداف، من جملة هذه الأهداف إعادة انتاج هيمنة وسيطرة قوى الاستكبار على بلادنا وخيراتنا ومقدّراتنا ونفطنا وغازنا وأموالنا وديناراتنا ودراهمنا.
ولكن من جملة ومن أهم هذه الأهداف هو هذا الذي أريد أن أحكي فيه الآن، هو إنهاء القضية الفلسطينية ودفع الأمور باتجاه تسوية معينة في المنطقة بين الكيان الصهويني والدول العربية والإسلامية على حساب الشعب الفلسطيني وحقوق الشعب الفلسطيني ومصالح الشعب الفلسطيني، فلنسجل هذا ونقول إن أحد أهم الأهداف المركزية للأحداث الكبرى والحروب التي تجري في منطقتنا من سوريا إلى العراق إلى اليمن إلى ليبيا إلى بقية المناطق هو الوصول، يعني تهيئة كل المناخات السياسية والرسمية والشعبية والوجدانية والعاطفية والواقعية والعملية لتسوية لمصلحة العدو الإسرائيلي وبشروط العدو الإسرائيلي وعلى حساب الشعب الفلسطيني. هذا من أهم الأهداف الذي طبعاً عمل محور المقاومة من دول وحركات وشعوب خلال كل السنوات الماضية وما زال يعمل لإفشال هذا الهدف المركزي الكبير لما يجري في منطقتنا. طبعاً هذا الهدف هو قديم ولكن لكل مرحلة وفي كل ظرف له خططه وأدواته ووسائله ومعاركه أدبياته وأساليبه وهو ما كنا نواجهه خلال السنوات المضاية وما زلنا نواجه الآن.
حسناً، نسير فيهم مثلاً مثلاً أو نقطة نقطة:
أولاً: ما يتعرض له الشعب الفلسطيني داخل فلسطين وخارج فلسطين من ضغوط وصعوبات هائلة وخصوصاً في داخل فلسطين، حصار، تجويع، الآن وصلنا إلى قطع الكهرباء وتعطيل المستشفيات، اعتقالات وسجون، قتل على الشبهة – أي شاب أو شابة فلسطينة يمكن إذا وضع يده بجيبه أو على خصره أو على جزدانه يقتلونه بتهمة أنه يحاول القيام بعملية – تقطيع أوصال الضفة الغربية، الاستيطان من جديد وبقوة، التهويد لفلسطين وخصوصاً القدس، الظروف المعيشية الصعبة، هدم المنازل، تجريف الأراضي وانسداد الأفق السياسي أمام الفلسطينيين وأيضاً عندما يتطلع الشعب الفلسطيني إلى ما يجري حوله في المنطقة وفي العالم، هذا يشكل بالنسبة له ضغطاً نفسياً هائلاً وكبيراً، ويتم استغلاله من قبل الإسرائيليين في الداخل وفي كل مناسبة، لأن الموضوع المركزي بتحقيق هذا الهدف مثل ما سأقول في النهاية، لكن سأقوله الآن من أجل أن نماشيه، هو تيئيس الشعب الفلسطيني وتيئيس القيادات الفلسطينية لتقبل بالفتات، لتقبل بأي شيء، أنه لا يوجد شيء، لا يوجد خيار، لا يوجد حل، لا يوجد أفق، لا يوجد أمل، انظروا ماذا يجري في المنطقة وماذا يجري في العالم. لفتني قبل أسابيع كان هناك مظاهرة في مدينة الخليل على ما أظن، واحد إسرائيلي يحكي عربي يحمل ميكروفون ويخاطب الفلسطينيين المجتمعين في الطرف الآخر، يقول لهم أين العرب؟ تركوكم، باعوكم، تخلوا عنكم، هذا جزء من الحرب النفسية القائمة.
ثانياً: إيران، كداعم أساسي لفلطسين، يعني بدأنا من فلسطين، الآن سنذهب إلى محور المقاومة الذي يقف إلى جانب فلسطين. إيران كداعم أساسي لفلسطين ولحركات المقاومة في المنطقة، عقوبات اقتصادية، ضغوط سياسية، مؤامرات من أجل عزل إيران فشلت في الماضي والآن مجدداً هناك محاولة جديدة بعد قمة الرياض التي كان عناونها في خطابي ترامب وسلمان عزل إيران وتحويل إيران إلى عدو بدل إسرائيل واستنزاف إيران في حروب المنطقة ونقل الحرب إلى داخل إيران بواسطة الجماعات التكفيرية، ولي العهد السعودي الجديد عندما كان ولي ولي العهد هدد بنقل الحرب إلى إيران، المقصود استخدام الجماعات التكفيرية الإرهابية الوهابية في استهداف إيران، وإلا أنا أقول لكم، لأنه في هذه الأيام هناك بعض التحليلات التي تتكلم عن احتمال قيام حرب سعودية إيرانية أقول لكم إن النظام السعودي أضعف وأعجز وأجبن من أن يبدأ أو يشن حرباً على الجمهوية الإسلامية في إيران.
إذاً إيران عملوا وما زالوا يعملون على محاولة التضييق عليها وعزلها ومحاربتها واستنزافها ونقل الحرب إليها، وهي موقع أساسي وقوي وداعم كبير في محور المقاومة.
ثالثاً، سوريا، سوريا دولة مركزية في محور المقاومة ومن ميزاتها أنها خط أمامي، هي جبهة لها حدود مع العدو ولها أرض محتلة، وهي داعم أساسي لحركات المقاومة في لبنان وفي فلسطين، كانت وما زالت بالرغم من كل الجراح، وهي عقبة كبيرة أمام أي تسوية عربية شاملة. كما كانت في الماضي هي الآن، لا يستطيعون من دون سوريا أن يحققوا صلحاً عربياً كاملاً مع إسرائيل. هي عقبة كبيرة أمام أي تسوية عربية على حساب المصالح العربية وخصوصاً الفلسطينية، عملوا خلال السنوات الماضية وما زالوا من أجل اسقاط نظامها السياسي، تدمير جيشها ومقدراتها واستبدال ذلك بوضع ضعيف وقيادات هشة نراها بالمناسبات وبالمؤتمرات وكم تتزلف للإسرائيليين وللأميركان وتابعة لأميركا وتابعة للدول الإقليمية، شيء مع السعودية وشيء مع تركيا وشيء مع قطر وشيء مع الإمارات وخاضعة، واستخدام الجماعات التكفيرية لتحقيق ذلك، هم لم يأتوا بداعش وبالنصرة من أجل أن تحكم داعش والنصرة سوريا، كان هناك تقاطع بين الأميركان والدول الإقليمية مع داعش والنصرة، داعش والنصرة جاءت إلى سوريا لتحكم سوريا وأميركا والسعودية وغيرهما جاءوا بداعش والنصرة لإسقاط النظام ولتدمير الجيش السوري ولتحطيم سوريا، وبعد ذلك القضاء على داعش والنصرة، وتسليم سوريا لقيادات على شاكلة ما يسمى بين هلالين (الاعتدال العربي) الهزيل، الضعيف، الخاضع، الخانع.
حسناً، هذا ثالثاً، رابعاً، حركات المقاومة في لبنان وفلسطين، تهديد دائم بالحرب خلال هذه السنوات، اغتيالات للقيادات، تشويه للسمعة، اتهام بالإرهاب. يعني أليس من الهوان أنه أمام خمسين رئيس دولة عربية وإسلامية يقف ترامب ليتهم حركتي مقاومتين في لبنان وفي فلسطين بالإرهاب والعالم كلها ساكتة، صح هم لم يوافقوا على بيانه، لكن هذا السكوت المذل، استهداف البيئة الحاضنة لحركات المقاومة، تجفيف مصادر الدعم، العمل على تجفيف مصادر الدعم لحركات المقاومة، مطاردة حركات المقاومة في كل أنحاء العالم على أمل أن هذه الحركات تضعف وتذوي وتنهار داخلياً.
خامساً، ما زلنا نتكلم عن ماذا فعلوا هم، أو ما كانوا يعملون وماذا يريدون أن يعملوا خلال هذه السنوات، وهذا كله يؤكد أن الاستهداف يوصل إلى فلسطين والموضوع الأساسي هو موضوع فلسطين ولا ننفي الأهداف الأخرى، الهيمنة والسيطرة والنفط والغاز والقرار والسيادة، كله لا أستثنيه، لكن أنا آخذ أحد الأهداف المركزية لما يجري في منطقتنا من أجل أن نعرف نحن في أي معركة نقاتل الآن، عندما يسقط لنا شهداء في سوريا أو في العراق مثلاً نحن كحزب الله عندما يسقط لنا جرحى وحتى عندما يقع بعض مجاهدينا في الأسر وهذه أمور طبيعية في الحرب، في أي معركة، في أي حرب، في أي مواجهة نحن نقدم هذه التضحيات.
سادساً: العراق، العراق بعد أن أظهر إرادة سياسية واضحة من خلال الانتخابات المتعددة والحكومات المتعاقبة، أظهر إرادة سياسية واضحة أنه لن يكون جزءاً من العملية السياسية الأميركية العربية لتصفية فلسطين، وبعد أن ظهر واضحاً في العراق أيضاً وجود تيارات شعبية وجهادية قوية، وجود ثقافة مقاومة وروح مقاومة ونف مقاومة واستعداد عالٍ لمساندة حركات المقاومة في مواجهة إسرائيل، ولأسباب أخرى أيضاً، أرسلوا داعش على العراق وإلى العراق، لا تنسوا أيها الأخوة والأخوات ولا يجوز أن ينسى أحد أن داعش هي صناعة أميركية وبتمويل سعودي وخليجي وتسهيلات تركية.
لاحقاً اختلفوا مع بعضهم “بحث ثاني”، نتحدث أين صنع، نتحدث عن بلد المنشأ، وهذا لست أنا من أقوله. هذا قاله الرئيس الأمريكي الحالي ترامب، استمر في حملته الانتخابية وطوال سنة بكل خطاب يقول إن أوباما وكلنتون وإدارة أوباما هي التي صنعت داعش وهي التي أوجدت داعش والسعودية وغير السعودية موّلت داعش بقرار أمريكي، وتركيا قدمت التسهيلات لداعش بقرار أمريكي.
أفلتوا داعش على العراق والشعب العراقي على أمل أن تطيح داعش بالحكومة العراقية وبالنظام العراقي الجديد وبالشعب العراقي وبإرادة الشعب العراقي، ولاحقاً إما أن يذهب بالعراق إلى التقسيم وإما أن يأتي الأمريكيون ليستعيدوا العراق من داعش، وفي هذه المرة لينصّبوا حكاماً على العراق بعيداً عن أي عملية انتخابات أو دور حقيقي للشعب العراقي.
إذاً، هنا العراق أيضا كان مستهدفا لأنه لم يرضا أن يكون جزءا من العملية السياسية التي يراد لها أن تحقق هذا الهدف المركزي.
سادساً: اليمن هناك أسباب عديدة للحرب على اليمن والهيمنة على اليمن، والسيطرة على اليمن، واستتباع اليمن، وهذا تحدثنا عنه طويلاً.
لكن أيها الإخوة والأخوات، من أهم الأسباب الحقيقية للحرب على اليمن ـ لأنه كانت باستطاعتهم استيعاب الموقف السياسي وكل ما قالته الأطراف الحالية وفي مقدمها أنصار الله أنه نحن لا نريد السيطرة على اليمن ولا السلطة في اليمن ولا الحكم على اليمن نحن نريد حكومة جامعة، حكومة وحدة وطنية، مشاركة الجميع ـ لكن السعودية ومن خلف السعودية أمريكا هي لا تقبل بوجود تيارات يمنية شعبية إسلامية وطنية قومية متجذرة عميقة وموقفها حاسم وثابت في موضوع الصراع مع العدو الإسرائيلي، وأين؟ في اليمن. لا نتحدث عن جنوب إفريقيا، نتحدث عن اليمن الذي على البحر الأحمر، اليمن الذي هو على باب المندب، اليمن الذي يمثّل موقعاً إستراتيجياً كبيراً وخطيراً جداً، فيما يعني المصالح الأمريكية والمصالح الإسرائيلية في المنطقة.
ولذلك تُشنّ هذه الحرب على اليمن وعلى شعب اليمن، لأنه شعب يقف إلى جانب فلسطين، وهنا على إخواننا الفلسطينيين أن يميّزوا قليلا ويدرسوا بدقة ولا يؤخذوا يمنة ويسرة، هذه حقيقة الحرب على اليمن، واليوم ما شهدناه في صنعاء وسأعود له بالجزء الثاني، اليمن إذاً مستهدفة بالحرب لاستئصال القوى والتيارات والقيادات التي تؤمن بهذا الصراع، ولا يمكن أن تكون جزءاً من عملية بيع فلسطين والتخلي عن القدس لإسرائيل، لا من أجل عرش ولا من أجل سلطان ولا من أجل ترامب ولا من أجل أحد في هذا العالم، فاستهدفت بالحرب وما زالت تقاتل.
سابعاً: إنهاك كل الدول العربية والإسلامية في المنطقة بعدما قام الحراك الشعبي، وبدل الاستجابة للحراك الشعبي، نتحاور معه ونحقق مطالبه، أخذوا كل هذه البلدان على التأزم وعلى الصراع.. ليبيا: حرب أهلية، البحرين: قمع شديد ومحاصرة لقائد، القائد الحكيم، لهذا الشعب المظلوم، سجون واعتقالات، في داخل المملكة العربية السعودية وما يجري في المنطقة الشرقية وفي بلدة العوامية بالتحديد، في أكثر من بلد عربي وإسلامي، في الصومال في كذا.
مزيد من التأزم، مزيد من المواجهات، مزيد من المصائب والصعوبات، حتى ماذا؟ حتى نصل لمرحلة، وهنا علاقته مع فلسطين، أن كل الناس تتعب، كل الشعوب تتعب، كل الحكومات تتعب، والناس تنشغل بأنفسها وأولوياتها، طعامها وشرابها، معتقليها وسجونها، ذهابها وإيابها، تأشيرة الدخول لها، عملها، فرص عملها المياء، الكهرباء، وبالتالي فلسطين تخرج من دائرة الاهتمام، أو آخر الخط يا أخي تعبنا ومللنا، ولا يوجد أمل ولا يوجد أفق، فيا حكومتنا العربية والإسلامية تريدون بيع فلسطين بيعوها حتى تأتوا لنا بقرشين ثلاثة أو حتى لا تبقى أمريكا تلعب “بخلقتنا” أو أو أو أو.
هذا سابعاً، في نهاية المطاف المستهدف المركزي من كل ما يجري في المنطقة هو الشعب الفلسطيني وتيئيس الشعب الفلسطيني، لأنه إذا يئس الشعب الفلسطيني واستسلم وسلّم ووقّع ومضى وتخلى عن أرضه، عن حقوقه وعن مقدساته، كل الحركة في هذه الأمة هي مفترض أنها حركة مساندة لهذا الشعب. ولذلك الضغط الأساسي والمركزي هو على الشعب الفلسطيني بالتحديد.
في الأيام القليلة الماضية كان هناك مؤتمر هيرتزيليا، المؤتمر السنوي الذي يجتمع فيه قادة سياسيون، وأمنيون، وعسكرييون، من داخل الكيان ومن خارجه ويتحدثون بالقضايا الاستراتيجية.
أمس وأول أمس، في الأيام القليلة الماضية أنا شاهدت خلاصات إجتماع القيادات السياسية والعسكرية والأمنية الإسرائيلية: أنه بالموضوع الفلسطيني لا يتحدث أحد معنا، لا يتحدث معنا أحد.
فلسطين هي غزة، هذه غزة أعطيناكم أياها وانسحبنا منها ـ هم انسحبوا منها رغماً عنهم ـ باقي ما تبقى لا يتحدث أحد معنا.
القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، حائط مبكى فوق الأرض وتحت الأرض وحد الأرض هذا منتهي. يقولون ممنوع أن يرجع لاجئ واحد، حتى ليبرمن يقول ربع لاجئ ممنوع أن يعود. “ما فيه لاجئين”.
الحدود مع الأردن لنا، هناك جزء من الضفة لنا، يرفعون السقف ويقولون إن ما قدمه إيهود أولمرت هذا أقصى ما كان يمكن أن يُقدم ولا يوجد أحد جاهز لتقديمه. ما قدّمه أولمرت لا يوجد حكومة إسرائيلية حاضرة أن تقدم هذه التنازلات.
لأنهم يعتبرون الوضع في المنطقة وضع تبدل. الأهم من هذا والجديد والخطير والخطير جداً وهنا مسؤوليتنا جميعاً ومسؤولية العلماء والنخب والمثقفين والأحزاب السياسية والشعوب العربية والإسلامية أن تتحمل المسؤولية.
ما تحدث به الإسرائيليون في هيرتزيليا هو الآن يحدث ويُعد له بالمنطقة، ما هو؟
الإسرائيليون تحدثوا، أكثر من مسؤول، وبينهم ليبرمان وزير الحرب الإسرائيلي، أن الحديث بالسابق أن نبرم تسوية مع الفلسطينيين بعدها تقام علاقات مع الدول العربية، علاقات اقتصادية ودبلوماسية ويحصل تطبيع.
يقول هذا النظام انتهى، هذه الآلية والطريقة والمنهجية انتهت.
اليوم ما تطالب به إسرائيل وليس مقبولاً أي كلام آخر وهي تمارس، ذلك أنه أولاً تقام علاقات دبلوماسية واقتصادية، علاقات كاملة مع الدول العربية، وتطبيع مع الدول العربية ولاحقاً يأتون هم والدول العربية التي طبعوا معه،ا يجلسون مع الفلسطينيين ويرون كيف ستعقد تسوية معهم.
ما هو بقية الفتات الذي يقدمونه للفلسطينيين؟ هذا طبعا تطور كبير جداً لمن يواكب الصراع القائم في المنطقة. المفاوض الفلسطيني، وليس المقاومة الفلسطينية، المفاوض الفلسطيني آخر ما كان لديه أن العلاقات مع الدول العربية والتطبيع مع الدول العربية مقابل أن العرب يمنحوا إسرائيل اعتراف وعلاقات كاملة وتطبيع إسرائيل تأتي وتمنح شيئاً للفلطسينيين.
الآن الإسرائيلي يقول أريد كل شيء مسبقا ولاحقا نرى نحن مع الفلسطينيين “ما الذي يطلع معنا”.
هذا تطور خطير جداً ولذلك الإسرائيلي الآن يرفض أي مفاوضات مع الفلسطينيين، أي مفاوضات، لأنه يعلق أمالاً كبيرة جداً على أن الوضع العربي اليوم، والدول العربية والتي كانت في السابق تتحشى الاتصال بإسرائيل أو الحديث مع الإسرائيليين أو التفاهم معهم الآن هذا الوضع العربي جاهز. إن كنتُ (كإسرائيلي) قادراً على الأخذ بالمجان بدون أن أقدم للفلسطينيين شيئاً فلماذا أقدم للفلسطينيين شيئا من جيبي ومن حسابي كإسرائيلي هذه المعادلة. التي يعمل عليها الإسرائيلي.
هذا مشروعهم وهذه خططهم وهذه حروبهم وهذه معاركهم وهذه أدواتهم هذه وسائلهم.
ننتقل للجزء الثاني. في المقلب الآخر طبعاً هنا يوجد محوران ويجب أن يفهم العالم أن هناك محورين. هناك محور أمريكا وإسرائيل ومعها مجموعة من الدول العربية والإسلامية تعمل لهذا الهدف، وهناك محور ثانٍ هو محور المقاومة الذي يواجه ويدافع عن القضية الفلسطينية وعن حقوق الفلسطينية وعن استقلال وسيادة دول وشعوب هذه المنطقة.
الآن بالوسط هناك ناس يقفون على الحياد، هذا شأنهم بالدنيا والآخرة. كل شيء له بعدان.
هناك ناس يقفون على التل ليروا لاحقا هل يميلون إلى اليمين أو اليسار، هناك شريحة ضخمة تقف على الحياد لكن هناك محوران يتواجهان الآن في المنطقة.
المحور الثاني، الجزء الثاني، المحور المواجه، ربما الأمريكي وهذه الدول وكل هؤلاء كانوا يفترضون أن هذا المحور أنه أمام حجم الهجوم الهائل، أمام الحرب الكونية وبأبشع الأدوات والوسائل والأدبيات والعناوين والممارسات، من الطبيعي أن ينهار هذا المحوربسرعة. هكذا كانوا يتوقعون.
أول انجاز تحقق في هذا المحور، من فلسطين إلى لبنان إلى سورية إلى العراق إلى إيران إلى اليمن إلى البحرين إلى بقية الأماكن، هو الصمود، عدم الانهيار، عدم الاستسلام، عدم الخضوع، عدم إخلاء الساحة، عدم التخلي عن المسؤولية، وهذا كان ثمنه تضحيات جسيمة، سنة واثنتين وثلاث وأربع وخمس وست، والآن نحن في السنة السابعة.
هنا حتى عندما أذهب للتفصيل، صمود سورية، صمود العراق، صمود المجاهدين والشعب اليمني، صمود إيران صمود صمود صمود، هذا بالتأكيد فاجأ مراكز القرار في العالم وهي التي تدير كل هذه المعركة. هذا أهم أمر حصل منذ البداية.
بالنهاية اليوم في هذا المحور أيضا هو يقف ويواجه ويتحدى ويُسقط هذه الأهداف ويدافع ويحافظ على القضية المركزية وعلى مصالح هذه الدول وهذه الشعوب من أن تذهب إلى دائرة الهيمنة من جديد.
سأسير بهم باختصار:
إيران، لأنني أود أن أختم بفلسطين، إيران لم تُعزل كما تحدثنا بداية أنهم يريدون عزلها، إيران لم تعزل وصمدت أمام العقوبات وازدادت قوة واعتماداً على نفسها وطوّرت صناعاتها في أكثر من مجال ومنه المجال العسكري والنووي وأصبحت أقوى حضوراً في الأقليم وأشد تأثيراً في معادلات المنطقة. واليوم الذين يريدون أن يحاربوا إيران بالإرهاب وهم فعلوا ذلك في بدايات الثورة من خلال منافقي خلق وأمثالهم، إيران لن تتسامح مع الإرهاب، سواء كان من داعش أو من الجماعات التكفيرية أو منافقي خلق، وسترد بقوة وفعلت ذلك. ومعركة الإرهاب مع إيران هي معركة خاسرة وفاشلة ولن تؤدي إلى أي نتيجة، بل بالعكس ستكون لها نتائج عكسية. النتائج العكسية للإرهاب في داخل إيران في طهران مثلا إذا كان هناك أحد في إيران ما زال يناقش بجدوى حضور إيران في سورية فقد وقف النقاش، إذا كان هناك أحد يناقش بالسياسة الخارجية لموقف إيران في الدفاع عن حركات المقاومة ومواجهة المحور الآخر لا يعود هناك نقاش، لا بل على العكس، إيران سوف تصبح أشد حضوراً واقوى فعلاً، وعبّرت عن ذلك من خلال القصف الصاروخي النوعي لاهداف داعش في محافظة دير الزور قبل أيام، وتجاوزت كل الخطوط الحمراء، ولا يهمّها ما يقوله الأميركيون ولا غير الأميركيين، وبين هلالين وأصابت أهدافها بدقة، هذه معلومات وليس كلام اعلام، فقتلت ودمّرت وأصابت.
حسناً، إذاً إيران بالعكس، المفترض أن هذه الحرب تأخذها إلى العزلة وإلى الانطواء والانكفاء والتخلي عن المسؤولية، الانسحاب من الساحات، ترك فلسطين، ترك حركات القاومة. كلا، وأنا أقول لكم: إيران سوف تبقى داعمة لفلسطين وللقضية الفلسطينية وسوف تبقى داعمة لحركات المقاومة في المنطقة مهما كانت الظروف التي تعيشها، والضغوط التي تواجهها، وهؤلاء يخطئون، الأميركيون والذين معهم في المنطقة يخطئون في فهم حقيقة الموقف الإيراني من القضية الفلسطينية، هو ليس موقف مصالح، وليس موقف سياسة، هو موقف عقائدي، ولأنهم ليس لديهم شيء اسمه موقف عقائدي لا يستطيعون أن يستوعبوا ما يعني الموقف العقائدي، موقف الجمهورية الإسلامية في إيران، القيادة الإيرانية المسؤولين الإيرانيين، الشعب الايراني، من القضية الفلسطينية، هو موقف ديني، موقف عقائدي، له علاقة بالقرءان، والنبي، وبشهر رمضان، وبليالي القدر وبالدعاء وبالصلاة وبالصوم، وعندما لا يتخلى الشعب الايراني عن دينه وقرآنه ونبيه وصلاته وصومه لا يمكن أن يتخلى عن فلسطين، هذا أول فهم خاطئ، والفهم الخاطىء الثاني، في مواجهة التحدي مع ايران انهم يخطئون في فهم سماحة القائد، سماحة السيد علي الخامنئي (دام ظله الشريف)، يخطئون في فهم الشعب الايراني، يخطئون في فهم نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، ولذلك لم يجنوا إلا الخيبة والفشل منذ ما يقارب الأربعين سنة، لانهم يخطئون في فهم هذا العدو الذي يواجهونه، هذا الشعب وهذا القائد وهؤلاء المسؤولين، كل إيران تتحد عندما تمس بسيادتها وبكرامتها وبمصيرها وبأمنها، وعندما تشعر أن الآخرين يتأمرون عليها.
حسنا هذه هي ايران. إذاً نحن جماعة هذا المحور يجب أن نكون مطمئنين وعلى يقين وواثقين بالمطلق أن في هذا المحور قوة إقليمية كبيرة عظمى هي ثابتة وراسخة في هذا المحور وفي هذا الطريق وفي هذا المسير وفي هذا الهدف، وكل أحد يحاول أن يشكك وأن ينال من معنويات شعوب المنطقة أو حركات المقاومة في المنطقة، (بالقول) غداً تبيعكم ايران وغداً إيران تشتريكم، وغداً تحاصركم إيران، هذا كله قطع وولى، هذا ليس له مكان في أي محاسبات ينبغي أن نجريها ونحن في أرض المحاسبة.
اثنان: سورية، بفضل الصمود والثبات والمقاومة والتضامن، بفعل الدم بالمعركة، تجاوزت سورية خطر إسقاط النظام، لأن البديل الذي كان سيحل محل النظام رأيتم ما هو، اذا البديل سيكون داعش أو البديل نصرة أو البديل هؤلاء جماعة الأوتيلات والسفارات والمخابرات، كارثة قومية وكارثة وطنية على الشعب السوري، هذا الخطر استمر تجاوزه اذا التطور الميداني استمر، هكذا ستتجاوز سورية إن شاء الله خطر التقسيم، محاولات عزلها جغرافيا بدأت تسقط بعد وصول القوات السورية والحليفة إلى الحدود السورية العراقية بعد معارك البادية والانتصارات العظيمة التي تحققت هناك وتحرير ما يقارب 30 ألف كيلومتر يعني بحجم لبنان على ثلاث مرات، خلال أسابيع وسورية هي في قلب المعركة، هي ثابتة في موقعها السياسي المركزي في محور المقاومة، إذاً هنا أيضا لدينا ثبات وصمود وفي انتصار.
ثالثاً: في العراق، وبفعل تضحيات العراقيين وصمودهم وثباتهم، اليوم نحن نشهد الانتصارات العظيمة في هذا العام، خصوصاً في هذا العام، والانتصارات الحاسمة في هذا العام. أنا لا أستطيع أن أتحدث عن أيام أو أسابيع، العراقيون هم أدرى بذلك، ولكن المسألة في الموصل مسألة وقت، وبقية داعش في العراق إلى زوال، إذا كانوا لا يزالون موجودين قليلاً في الأنبار أو في مكان ما في صلاح الدين أو في مكان ما في كركوك، فلا مستقبل ولا بقاء لداعش في العراق. هذه داعش التي أتَوا بها لإخضاع العراقيين وإذلال العراقيين، وليتراجع العراقيون عن خطهم السياسي وعن التزامهم وإيمانهم من أجل أن يخضعوهم للإرادة الأميركية والإقليمية التابعة لأميركا. هذا أيضا فقط في العراق، وأكثر من ذلك أصبح هناك في العراق تجربة جهادية رائعة ووعي كبير وإيمان راسخ واستعداد هائل وإحساس قوي بأنهم جزء من هذه المعركة الموجودة على مستوى المنطقة، وهذا خبر سيء لإسرائيل، أعود له في الاخير.
خامساً في اليمن، هذا الصمود الاسطوري ما يقارب ثلاثة أعوام، الان في النهاية في العراق في سورية، نحن نتكلم عن إمكانات وعن جيش مكتمل، لا يوجد حصار عملياً، يوجد طيران وحدود بحرية إلخ.. ولكن في اليمن حصار مطبق من البحر والبر والجو ودولة إمكانياتها بالأساس إمكانات متواضعة، لم يكن مسموح لها أن تكون دولة قوية، وشعب يعاني الكثير من الأزمات المعيشية والحياتية، ومع ذلك قريب الثلاث سنوات هذا الشعب يقاتل مجموعة جيوش في آن واحد، و”اسرائيل” تشارك في هذا القتال، تشارك في القصف الجوي في اليمن، نحن لدينا معلومات أكيدة، معلوماتنا نحن، لم يعطِنا إياها أحد، أن سلاح الجو الإسرائيلي كان بالسابق يقدم معلومات، أما الآن فيشارك في قصف أهداف في اليمن، تحت عنوان التحالف العربي، لكن لا يتم الإعلان عن ذلك. حسناً، هذا شعب لم ينهار ولم يضعف ولم يتخلَّ، يكفي اليوم وكان من الممكن لهذا الشعب مثل ما كانوا يخططون هم انه عندما العرب يتآمرون على الشعب اليمني، أغلب العرب، أغلب الدول العربة ويجد هذا الشعب نفسه مظلوماً حتى من الشعوب العربية والاسلامية، وحتى اسمحوا لي اليوم أريد أن اكون شفافاً زيادة عن اللزوم، عندما يجد أنه إذا خرج صوت من فلسطين فهو صوت خجول أو موسمي يدافع عن اليمنيين وعن الشعب اليمني في مواجهة العدوان السعودي الاميركي، ولكن لأقول لكم إن أهدافهم فشلت، ليس هناك من داع لأتكلم كثيرا، الآن صدفت بانكم تأتون إلى المجمع، ولكن أنا أشاهد على التلفاز، اتمنى في الليل بأن تروا المظاهرة والمسيرة الشعبية في مدينة صنعاء، لا أريد أن أقول ملايين، سأقول مئات الآلاف في العالم العربي، الآن بأن يتظاهر الملايين في إيران يوم الجمعة، هذه ايران، دولة آمنة قوية مستقرة أمورها مرتبة، إلخ… ولكن في اليمن، في مدينة صنعاء، مئات الآلاف، رجال، نساء، صغار، كبار، تحت الشمس، وممكن في أي لحظة يتعرضون لقصف جوي، وترتكب فيهم مجازر، وصائمون، من أجل ماذا؟ من أجل فلسطين ومن أجل القدس، وتأكيداً لهذه البيعة، لا يوجد داعي لأتكلم أكثر عن اليمن، يكفي أن تشاهدوا هذه المسيرة، لتحكموا، انه يساوي فشل الهدف المركزي السعودي الاسرائيلي في المنطقة، الذي يريد أن يبعد الشعب اليمني عن فلسطين، هذا الشعب اليمني اليوم كان يقول بالرغم من كل المظلومية والظلم والتآمر والكوليرا والجوع والمرض والحصار والغربة: نحن، هذا الشعب اليمني العظيم، لن نتخلى عن فلسطين ولا عن القدس ولا عن بيت المقدس، هذه هي رسالتهم اليوم، هذا فشل لآل سعود، الذين شنوا هذه الحرب لمصلحة أميركا وإسرائيل، هذا فشل ذريع وهائل، وأكثر من ذلك أيضاً أصبح للمقاومة اليوم، مثلما كنت أتكلم عن العراق، أصبح للمقاومة اليوم قوة شعبية وسياسية ووطنية وإسلامية وقوة عسكرية وجهادية حقيقية ومجرّبة وممتحنة وصلبة في اليمن، هي جزء من هذا المحور، ونحن نفتخر أن يكونوا جزءاً من هذا المحور، أن ننتمي إليهم ونفتخر أن ينتموا إلينا، هذه هي الحقيقة.
سادساً: ثبات وصمود حركات المقاومة في لبنان وفي فلسطين، لا العالم هربت ولا انسحبت، ولم تسلم سلاحها، ولا فجرت صواريخها ولم ترميها بالبحر، ولم ترميها على المزبلة ولم تساوم عليها ولا غيّرت أدبياتها ولا تحالفاتها ولا مواقفها رغم كل ما تكلمنا عنه قبل قليل: تهديد وتهويل واتهام بالارهاب، واعتقالات واغتيالات وسجون وحصار وتجفيف مصادر مال، وقوانين عقوبات ولوائح ارهاب الخ.. هذا أيضا مهم، لكن الأهم هو أن نضيء أيضاً على إنجاز حقيقي للمقاومة في لبنان وفي فلسطين خلال كل هذه السنوات الماضية، هذه المقاومة التي تعمل على بقائها وجهوزيتها وعلى استعدادها النفسي والمعنوي والمادي والعسكري والامني، نفس الاسرئيلي في هرتزيليا الذي ينظر الى الدول التي هو سماها، الدول العربية السنية المعتدلة، وهنا في الحقيقة مسؤولية السنّة أن يردوا على هذا الكلام أكثر من مسؤوليتنا نحن، لكن بنفس الوقت، ليبرمان هذا المتطرف المتعصب ماذا يقول، عندما يتكلم عن مشكلة انه لماذا لم تقم اسرائيل إلى اليوم تسويات في المنطقة، يعدّد مجموعة أسباب، سأقرأ لكم “سطر ونصف”، واحد من الأسباب التي يقولها، أعتقد، وهنا اسمعوا جيداً، لأن هذا الكلام حقه دماء، هذا انجاز، هذا انتصار، هذا اعتراف من العدو للذي لا يزال هنا، يقول ليبرمان في هذا الخطاب في مؤتمر هرتزيليا، أعتقد بأن إحدى مشاكلنا هي أننا منذ سنة 1967 لم ننتصر في أي معركة، هذا ليبرمان، في الواقع المعركة الحقيقية والمرة الأخيرة التي انتصرنا بها كانت حرب الأيام الستة، ولم يكن لأي أحد شك في الذي انتصر ومن خسر، انه في ال67 لم يكن لأحد شك بأن إسرائيل هي من انتصرت والعرب هم من خسروا، غياب الانتصارات أمر يؤدي إلى قلة ثقة الطرف الآخر.
حسناً، هم الآن يعترفون، ولذلك بعد ال 73 كان المطلوب تحييد مصر، والآن كان المطلوب تدمير سورية، والعمل على حركات المقاومة لأن اسرائيل بحاجة الى نصر، لتصل إلى تسوية هي بحاجة الى نصر. الآن طبعاً هناك بعض الزاحفين والمتهالكين على العروش يريدون أن يقدموا نصراً سياسياً لإسرائيل من دون قتال مجاناً، أيضاً نعود إليه لاحقاً.
المسألة الأخرى التي أيضاً تُسجل للمقاومة في لبنان وفي فلسطين، وأتمنى أن يتم الانتباه لهذا الكلام لأن في لبنان عادة يتابعون، بين مدة وأخرى يخرج مسؤول اسرائيلي ويطلق تصريحات، هذا الذي يريد أن يعيد لبنان عشرين عاماً إلى الخلف، هذا خمسين عاماً، ذلك مئتي عام، “كل شوَي” يأتي ناس، والسفراء أيضاً، بعض السفراء الأجانب يهوّلون على المسؤولين اللبنانيين أنه يوجد حرب وغيره وما القصة والصيف الساخن والصيف غير الساخن.
طبعا أنا سأقرأ هاذين النصين ولكن نحن لا نثق بالإسرائيليين، لا يعني أن نطمئن، ولكن لأنقل لكم المزاج بهذا المؤتمر، ماذا يتحدث الجماعة، نص من وزير الحرب الإسرائيلي ونص من رئيس أركان جيش العدو، يعني هذان أكثر اثنين من الناس المعنيين بالحرب بالإضافة الى نتانياهو، يقول ليبرمان ـ من أجل أن يطمئن بعض اللبنانيين الخائفين قليلاً ـ يقول: دائماً يسألونني ما الذي سيحصل في غزة، هل نحن مرة أخرى امام حرب؟ ماذا سيحصل مع حزب الله؟ ماذا سيحصل في سوريا؟ وأنا مرة اخرى اكرر المقولة التي أكررها دائماً ـ هذا مين؟ هذا ليبرمان الذي كان يهدد ويتوعد وإلى آخره ـ ليست لدينا أي نية بالمبادرة إلى أي عملية عسكرية لا في الصيف ولا في الخريف لا في الشمال ـ يعني عندنا ـ ولا في الجنوب ـ يعني عند إخواننا في غزة ـ هدفنا هو الحؤول دون الحرب وباستطاعتك أن تحول دون نشوب حرب من خلال خلق ردع حقيقي صادق مطروح على جدول البحث، من خلال الردع تمنع الحرب.
هنا من الذي يتحدث؟ وزير حرب العدو، وطبعا تحدث عن العديد من الأمور بشفافية في الخطاب الخاص به، لماذا؟ لماذا لا يريد حرباً لا مع غزة ولا مع لبنان؟ لأن هذه الحرب مكلفة أيها الإخوة والأخوات، هنا يجب أن نفهم قيمة الإنجاز في غزة وقيمة الإنجاز في لبنان، إنجاز المقاومة، إنجاز المعادلة الذهبية: الجيش والشعب والمقاومة، إنجاز الانسجام الوطني ولو بشكل عام، ولكن بشكل أساسي المقاومة التي تملك قدرة أن تجعل الحرب مع إسرائيل مكلفة جداً على اسرائيل وهو ما الذي يقوله قبل قليل؟ يريد نصراً وهو يعلم أن الحرب على غزة ليس لديه فيها نصر وأن الحرب على لبنان ليس لديه فيها نصر، يدمّر، يقتل، يستبيح، لا أحد يناقش بوحشية العدو وقدراته ولكن لا يستطيع أن يحقق نصراً، لأنه يوجد إرادة، يوجد مقاومون، ويوجد أبطال ويوجد بيئة حاضنة، ويوجد أناس ويوجد عوائل شهداء ويوجد قيادات سياسية ويوجد علماء ويوجد قوى ويوجد الكثير من غيرها من الأمور.
إذاً المقاومة ما زالت تصنع الإنجاز على مدار الساعة، نفس هذه الحالة، حالة الردع للعدو، الحالة التي يعرف فيها العدو انه ليس له باب ولا شبّاك ولا منفذ ليشن حرباً ينتصر فيها على لبنان او ليشن حرباً وينتصر فيها على غزة. هذا هو الذي يردعه، وهذا دليل قوة المقاومة في لبنان وقوة المقاومة في غزة، والاعتبار الاساسي الذي يقيمه العدو للمقاومة في معركتها.
رئيس أركان جيش العدو أيضاً يقول بعد أن يذكر أن إسرائيل تستطيع أن تدمر وتفعل وتستبيح وغيره.. وفي الختام يقول: ورغم الواقع الذي وصفناه ورغبتنا في إبعاد منظمة حزب الله من جنوب الليطاني كما هو مطلوب في القرار 1701 لدينا مصلحة بأن يستمر هذا الهدوء لأعوام طويلة إلى الأمام، هذا ليس وزير خارجية، ليس ديبلوماسياً، هذا قائد الجيش الذي عمله أن يهدد ويتوعد ويرعب ويخوّف، هو ماذا يقول؟ يقول نحن مصلحتنا “أن نقعد عاقلين” ونريد هدوءاً لأعوام طويلة، طالما من خلال الردع قادرون أن نحقق هذا الهدوء.
لماذا هذا الكلام؟ لماذا إسرائيل اليوم تحسب هذا الحساب للمقاومة؟
سابعاً: شعوب الأمة، وبالرغم من كل الجراح انظروا اليوم إلى شعب البحرين يتظاهر ويُطلق عليه الرصاص. أيها الشعب الفلسطيني أعود وأخاطب إخواننا الفلسطينين: إخوانكم في البحرين يتظاهرون من أجلكم من أجل قضيتكم، من أجل مقدساتكم، من أجل حقوقكم، ويطلق نظام آل خليفة النار على رؤوسهم وصدورهم ويعتقلهم ويعذّبهم ويسجنهم ويضربهم، ولكن هذا الشعب البحريني الوفي أيضاً هو يخرج اليوم ليقول إن فلسطين بالنسبة لنا هي دين وعقيدة وإخوة وأهل وأمة.
نفس الشيء عندما نذهب إلى نيجيريا، شيخهم وقائدهم في السجون وبمؤامرة سعودية، وقتل منهم الآلاف واعتقل منهم الآلاف، ويخرجون اليوم بمئات الآلاف وبعشرات الآلاف، وبالعديد من المدن من أجل فلسطين ومن أجل القدس. وهكذا العراق، سوريا، باكستان، أفغانستان، تونس، تركيا، موريتانيا، في العواصم الغربية، في لندن وفي غير لندن، ماذا يعني هذا الامر؟ يعني أن الأمة وبالرغم من استهدافها وإلهائها وإشغالها وتمزيقها وتحريضها طائفياً ومذهبياً وعرقياً وقطرياً وحزبياً وغيرها، ولكن ما زالت القدس وفلسطين حاضرة وستزداد حضوراً.
أحببت أن أمضي في هذا المشهد في هذه الطريقة لأقول كلا.. في المحور الآخر.. هذا الهدف المركزي الذي اسمه إنهاء القضية الفلسطينية إخراج فلسطين والقضية الفلسطينية من المعادلة، هذا لم يتحقق، فشلوا في تحقيقه. بل أكثر من ذلك، محور المقاومة يزداد حضوراً وفعالية وقوة، هذا الشيء الذي نريد أن نصل إليه بالنهاية، كنت أريد أن أترك القليل لأتكلم به عن لبنان، لكن الواضح أننا سنأخذ في هذا الموضوع أيضاً القليل من الوقت.
في المحصلة، في رسالة يوم القدس من خلال كل هذه الوقائع التي شهدناها من ميادين القتال إلى ميادين السياسة إلى ميادين المظاهرات الشعبية والاحتفالات والمهرجانات، اليوم يجب أن نأخذ النتائج التالية ونحدد المسؤوليات التالية:
أولاً: على الشعب الفلسطيني وعلى كل المؤمنين في هذه القضية في العالمين العربي والاسلامي أن لا ييأسوا، بالرغم من كل الصعوبات التي تكلمنا عنها في الجزء الأول، لأن هذا الذي يحقق هدف هذا العدو.. أن لا ييأسوا، أن لا يملّوا، أن لا يتعبوا، أن يصبروا أن يصمدوا أن يواصلوا لأننا أمامنا هناك الكثير من الآمال والكثير من الإنجازات والكثير من الآفاق المفتوحة، وبالتالي لا يجوز لنا أن نيأس ولا أن نتخلى ولا أن نتعب ولا أن نستسلم في نهاية المطاف وأن يتمسكوا بالحق الذي هم عليه.
ثانياً: أن يعرف الجميع، الصديق والعدو، الصديق يحتاج إلى طمأنة لأنه يوجد حرب نفسية ليلاً نهاراً على هذا الصديق، على بيئتنا، على أناسنا، على كل جمهور المقاومة في العالمين العربي والإسلامي، وأن يعرف العدو أيضاً الذي يتآمر أن يعرف كم تبلغ حساباته وكم يبلغ ميزانه،
أن يعلم الجميع أن محور المقاومة قوي جداً وأثبت أنه قوي جداً، لم يسقط، لم ينهار، لم يتداعَ، استوعب الموقف واستعاد زمام المبادرة في أكثر من ميدان وبلد وساحة.
اليوم محور المقاومة لم يخلِ الساحة ولن يخلي الساحة في يوم من الأيام، اليوم محور المقاومة يشعر بأن هناك إضافات حقيقية أضيفت إليه لم تكن قبل سنوات، قبل ستة أعوام وسبعة أعوام وعشرة أعوام.
كنا إيران وسوريا ومقاومة في لبنان ومقاومة في فلسطين ونقطة على أول السطر. الباقي شعوب تتعاطف معنا.
أما اليوم هناك إضافتان نوعيتان كبيرتان في محور المقاومة، حقيقيتان قويتان أصيلتان مؤثرتان فاعلتان في المنطقة وفي مصير المنطقة، التطور في العراق والتطور في اليمن، هذا لم يكن في السابق.
اليوم إذاً يجب أن يعرف الجميع أن محور المقاومة أقوى، ويجب أن يعرف العدو الإسرائيلي أنه إذا شن حرباً على سوريا أو على لبنان فليس من المعلوم أن يبقى القتال لبنانياً إسرائيلياً أو سورياً إسرائيلياً
هذا لا يعني إنني أقول إن هناك دولاً قد تدخل بشكل مباشر، ولكن قد تفتح الأجواء لعشرات الآلاف بل مئات الآلاف من المجاهدين والمقاتلين من كل أنحاء العالم العربي والإسلامي ليكونوا شركاء في هذه المعركة، من العراق ومن اليمن ومن إيران ومن أفغانستان ومن باكستان. من يقول إنه إذا قرر العدو أن يعتدي أو أن يشن حرباً أن الحرب ستكون مثل عام 2006 وما شاكل؟ كلا اليوم محور المقاومة يتعاطى أنه معني بمصير واحد.
ثالثاً: يجب أن يعرف الجميع أيضاً أن الأوضاع في المنطقة لن تبقى هكذا وأن مخططات الأعداء فشل بعضها وسيفشل الباقي، وفشلوا في تحقيق أهم الأهداف السياسية، سواء عسكرياً أو إعلامياً أو سياسياً وأن الذي صمدوا وواجهوا بالدم والشهداء والتضحيات في كل هذه الميادين سيواصلون العمل لتغيير هذه الأوضاع في المنطقة.
رابعاً: إن الوجوه والدول والأنظمة باتت مكشوفة بالكامل، هنا رابعاً أريد أن أقول ما هذا الذي مكتوب خلفي، “إن شرف القدس يأبى” هذه الجملة قالها سماحة الإمام القائد السيد موسى الصدر (أعاده الله بخير وأخويه ورفيقيه) بالسبعينات في مؤتمر كبير جداً كان في الأونيسكو على ما أذكر وبحضور القيادات الفلسطينية وأحزاب وطنية وغيرهم، وقال مخاطباً ـ حتى لا نقطع شيئاً من كلامه ـ خذ علماً يا أبا عمار أن شرف القدس يأبى أن تتحرر هذه القدس إلا على أيدي المؤمنين. ممكن الآن إذا كان هناك شخص منا في هذا الزمن يقف ويقول هذه الكلمة فليس لها أي ثمن، ربما في لبنان أو في العراق أو في سوريا أو في اليمن، يمكن الآن أن يخطب في صنعاء ويقول أو في بغداد أو في طهران ولكن حينما قالها الإمام السيد موسى الصدر في الأونيسكو كان في غربة.
بكل الأحوال اليوم الوجوه أصبحت عارية، هناك اناس يقولون لك سقطت الأقنعة، أنا أقول الوجوه أصبحت عارية. لعبة النفاق انتهت، تحت الطاولة وفوق الطاولة مع اسرائيل انتهى. هذا المقصود. انظروا، البعض يعتبر أن ما يجري اليوم بين إسرائيل وبعض الدول العربية هو دليل هزيمة وأنا أقول إنه مؤشر خير ونصر لماذا؟ عندما يخرج المنافقون من صفوفكم يعني أنكم تقتربون من الانتصار، عندما يميز الخبيث من الطيب في معركة هدفها أعظم ما هو طيب وخير في هذا العالم فهذا يعني الاقتراب من الانتصار، ان شرف القدس يأبى ان تتحرر على أيدي المنافقين والخبثاء والعملاء والبائعين والمتخاذلين والمتساقطين والخائنين. القدس تتحرر على أيدي المؤمنين بالله وبرسالات السماء وبالأنبياء وبالمقدسات، والمؤمنين بشعوبهم، بحقوق شعوبهم، المخلصين الأوفياء المضحين، وهذا هو ما نقترب منه الآن. هذا الذي يجري ليس مؤشرا سيئاً، هذا مؤشر جيد.
وانتهت اللعبة، لعبة النفاق فوق الطاولة وتحت الطاولة ، دعوا الامور كلها تسير، أيها الإخوة والأخوات وأيها الشعب الفلسطيني، لا تأسَوا لا تحزنوا، لا تأسفوا، بالعكس هذا الفرز هو مؤشر ممتاز جداً وينقل المعركة إلى مرحلة جديدة ومتقدمة وأقرب إلى النصر..
خامساً: أياً تكن التطورات، على أمريكا وإسرائيل والأنظمة التي تعمل معهما أن يعرفوا جيداً أن الشعب الفلسطيني وأن شعوب أمتنا لن تعترف بإسرائيل ولن تقبل بإسرائيل ولن تطبّع مع إسرائيل، هذا الشعب المصري، هذا الشعب الاردني.. الحكام يمكن أن يطبّعوا، بعض النخب السياسية والثقافية والاعلامية نتيجة خوائها وضعفها وهوانها يمكن أن تطبّع، أما هذه الشعوب فلا يمكن أن تطبّع مع إسرائيل.
“شو ما صار” حروب اهلية وعرقية وطائفية وفتنة مذهبية وغربة وأخطار و”اللي بدكن اياه” .. لا يمكن وهذا حكم حقيقي، أنا لا أبالغ ولا أعطي آمالاً، الوقائع تؤيد هذا، وبالتالي إسرائيل هذه سوف تبقى غريبة عن هذه المنطقة ومفروضة على هذه المنطقة ودولة احتلال ودولة إرهاب وسيأتي الزمان الذي سيقتلع فيه هذا الارهاب وهذا الاحتلال من أرض فلسطين . هم يقاتلون القدر ولكن قدر هذه الأمة وقدر هذه المنطقة هو هذا.
سادساً: على الأنظمة المتآمرة على محور المقاومة أن تعلم أنها لن تنتصر في هذه المعركة وليذهبوا “ويعملوا يلي بدّن اياه” (كيد كيدك وناصب جهدك واسعَ سعيك) فلا يمكن أن يربحوا هذه المعركة. “لو بدهن يربحوا” ولو يريدون أن يحسموا “لو بدهن ينتصروا” قبل ثلاث سنوات قبل ست سنوات، قطعوا وخلصت. بهذا المعنى مرّت وخلصت، لكن للأمام وبكل شيء تعملونه نعم سوف يكون هناك إضافة من الدماء ومن الشهداء وهناك دمار أكثر، ولكن لن تستطيعوا أن تحققوا هذه الاهداف اللئيمة والمشؤومة التي تسعون إليها.
أيضا بنفس الشفافية التي وعدتكم بها يجب أن أقول في المشهد السياسي الإقليمي والعربي والاسلامي الحالي، الذي يشكل رأس حربة في مواجهة محور المقاومة ويتآمر عليه إعلامياً وثقافياً وأمنياً وسياسياً وعسكرياً ومادياً ويعمل في الليل وفي النهار، إن الذي يقوم الآن بتقديم الأثمان للعدو دون أن يتكلف بأي عبء، إن الذي يفتح الأبواب الآن في العالم العربي والإسلامي لإسرائيل من أجل علاقات وتطبيع اقتصاد وتنسيق هو النظام السعودي. لماذا الاختباء وراء أصبعنا، لماذا.
اليوم السعودية بما تملك من موقع اقليمي، من موقع متقدم في العالم الاسلامي والعربي، بعدما ضعف الكل وتمزقوا وتشتتوا وتجوعوا، بما تمثل من موقع وبما تملك من مال وبما تملك من نفوذ وباسم الحرمين الشريفين وباسم الدين هي تفعل هذا كله. أليست هي هذه الحقيقة؟
ولذلك الأمة والعلماء والأحزاب والقوى والناس، وهنا لا أطلق خطاباً لبنانياً، بل على مستوى العالم العربي والاسلامي، يجب أن يعرفوا بهذه الحقيقة وأن يعترفوا بهذه الحقيقة وأن يواجهوا هذه الحقيقة، ويجب أن يعرفوا أن هذا النظام هو مدان في هذه الامة، لا نصفق له ونمسح له الجوخ ونقول له أحسنت، لأنه ذاهب ليبيع فلسطين والمنطقة كلها لترامب ليس فقط 450 مليار، هو ذهب ليبيع المنطقة كلها وكل شيء لترامب والأمريكان. والمحزن أكثر أن هذا النظام قال إنه يريد أن ينشئ مركزاً فكرياً لمحاربة الإرهاب. أن أقترح عليهم أنه لا يوجد ضرورة أن تدفعوا الأموال وتعملوا مراكز ودراسات. هما “كلمتين وردّ غطاهم” غيّروا المناهج التربوية في السعودية التي تعلّم الوهابية وأوقفوا تصدير الوهابية إلى العالم والعالم بألف خير، غير هذا كله يضحك على بعضه، الاتفاقات الأمنية والسياسية والاقتصادية، كل هذا حكي فاضي، المنشأ هذا الفكر، اليوم لما في العراق وفي سوريا تقاتل ويظهر في وجهك مئات الإنتحاريين، أليس حراما؟ مئات الإنتحاريين، هؤلاء يقاتلون من أجل المال؟ لا، هؤلاء يقاتلون من أجل دنيا؟ لا، لا بأس لنشهد بهذه الحقيقة، هؤلاء يقدمون على عمليات انتحارية لأنه هناك شخص أقنعهم، (معبّي لهم راسهم) أنه إذا فجرت نفسك في المسلم والمسيحي وفي السوق وفي الجامع وفي الكنيسة وفي المظاهرة وفي الضيعة وأين ما كان وفي العسكري وفي المدني، إذا فجرت حالك إنت طالع تفطر مع النبي، طالع تتغدى مع النبي، جزاؤك هو الجنة، وهو سيتفاجأ لما يكون من الأخسرين أعمالاً. إذاً الموضوع قبل الأمن والعسكر والتحالفات والحرب على الإرهاب والكلام الفارغ، أول شيء هذا الفكر، هذا الفكر من أين أتى؟ من السعودية، من المدارس الوهابية، من هيئة كبار العلماء، وبالتالي الحرب على الإرهاب يجب أن يبدأ من هنا والباقي كله تضييع وقت وجهود وتضحيات، المؤسف أنها هي مصدر الفكر الإرهابي وهي تمول الإرهاب وهي اليوم تأتي تريد أن تحاسب رفقاتها وجيرانها بتهم دعم الإرهاب وتمويل الإرهاب، هذه طبعاً فضيحة، هذا شيء يعني لا يوجد لا خجل ولا حياء ولا شيء مخبأ، لم يعودوا مستحيين من شيء الجماعة على الآخر.
بكل الأحوال، نحن اليوم في يوم القدس أنا أقول على الأمة الإسلامية على كل الشعوب الإسلامية أن تطالب هذا النظام السعودي بوقف الحرب على اليمن، بوقف التدخل في الشؤون الداخلية في البحرين وغيرها وفي سوريا وفي العراق وفي إيران، ليست إيران التي تتدخل في شؤونكم، أن يطالب هذا النظام السعودي بوقف تصدير الفكر الوهابي الإرهابي إلى العالم وأن يطالب هذا النظام السعودي بعدم فتح الأبواب أمام إسرائيل لتدخل إلى العالم العربي بعد أن عجزت عن ذلك لعشرات السنين، هذه المطالبة هذه مسؤولية هذا ليس عملاٍ مستحباً، هذا اليوم من أوجب الواجبات وجزء من المعركة.
اليوم مسؤوليتنا في يوم القدس هي هذه، ونحن أيضاً في حزب الله، في المقاومة الإسلامية في لبنان مع كل إخواننا وأخواتنا وأناسنا وأحبائنا وعوائل شهدائنا وجرحانا، اليوم أيضاً نجدد إيماننا بالقدس، إيماننا بالقضية الفلسطينية، التزامنا بطريق المقاومة، التزامنا بمحور المقاومة، التزامنا بهذه المعركة التي تعني مصير فلسطين ومصير الأمة، وفي هذا السياق نحن نقدم التضحيات في كل يوم، شهداء وجرحى وأحياناً يسقط لنا الأسرى، نقدم هذه التضحيات لأننا نؤمن بأننا في هذه المعركة نحمي أمن لبنان في مواجهة إسرائيل وفي مواجهة الجماعات التكفيرية، لأننا في هذه المعركة نصون منطقتنا ومقدساتنا ولأننا في هذه المعركة ندفع عن بلادنا وعن منطقتنا ما هو أسوأ وأبشع، هذا نموذج الداعش الذي فجر أمس مسجد من أهم وأعظم مساجد الموصل والأسوأ من هكذا أنه يتترس بأهل الموصل وعندما يتسنى لأحدهم أن يغادر يطلق على ظهره الرصاص، لم نشهد في التاريخ وحشية كتلك الوحشية التي تمثلها داعش اليوم التي أطلقتها علينا وعلى شعوبنا أميركا والسعودية، لم نشهد.
نحن في هذه المعركة سنواصل، سنكون حيث يجب أن نكون، وأنا أقول لكم من خلال كل الوقائع والمعطيات نحن نمشي بالدماء وبالشهداء وبالصبر وبالتضحيات وبالصمود نمشي إلى النصر المحتوم، إلى النصر الموعود، إلى النصر الآتي إن شاء الله، كل عام وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: العلاقات الاعلامية في حزب الله