لاقى القرار الصادر عن البرلمان الاوروبي حول إبقاء النازحين السوريين في لبنان، موجة لبنانية رافضة من مختلف المكونات، حيث جرى التأكيد ان المسألة تخص لبنان فقط ولا يمكن لأحد تقرير هذا الامر عنه، أيا كان.
والحقيقة ان من يريد خدمة النازحين فيمكنه ذلك عبر استضافتهم إن لم يكن يريد عودتهم الى بلادهم باعتباره الحل الانسب لهم أولا وللجميع ثانيا، اما طرح مسائل كالتي أعلنها البرلمان الاوروبي فهو بالحد الادنى سيوصف انه تدخل بشؤون دولة ذات سيادة وفي مسألة سيادية لا يمكن التفريط بها تحت أي مسمى او عنوان، خاصة ان لا صلاحية لهذا البرلمان قانونيا وعمليا بفرض شيء على لبنان بهذا المضمار.
لكن السؤال المطروح اليوم أليس من ساهم بالوصول الى ما نحن عليه هو محاولات البعض في الداخل بالاستثمار بملف النازحين السوريين لا سيما خلال فترة الحرب الكونية التي شنت على سوريا؟ أليس في لبنان بعض القوى التي عملت على استقبال هؤلاء بكثافة لتغطية دعمها للجماعات المسلحة السورية وهذا ما سعت إليه بعض الدول عبر أفرقاء حلفاء لها بالداخل اللبناني؟
إلا ان أخطاء البعض لا تبرر للخارج التمادي في تدخلاته غير القانونية، ومحاولات طرح مسائل سياسية من قبيل التوطين المبطّن للنازحين وتمرير مشاريع مشبوهة لا يقبل بها أي فريق لبناني، فلبنان ليس فقط لا يحتمل طرح مشروع التوطين بل ان هذا الكيان غير قادر على تحمل ضغوطات ملف النازحين، وبالتالي يجب البحث عن حلول لهذا الملف بشكل سريع بدل الهروب الى الامام بما يؤدي الى تراكم المشاكل، خاصة من قبل الأنظمة الغربية وبينها الكثير من الانظمة الاوروبية التي لعبت دورا سلبيا فاضحا في التآمر على سوريا، بالتضامن والتكافل مع الادارة الاميركية (ومن خلفها العدو الاسرائيلي) والعديد من الانظمة العربية والخليجية، وبالتالي يجب على هؤلاء تحمل مسؤولياتهم في هذا المضمار والاعتراف بارتكابتهم التي تدفع ثمنها سوريا وشعبها ودول الجوار وعلى رأسهم لبنان الذي يستضيف النازحين السوريين على أرضه.
وهنا يُطرح السؤال البديهي نفسه: لماذا لا تفتح اوروبا حدودها لاستقبال كل النازحين لا سيما المتواجدين في لبنان؟ فمن يريد المزايدة على لبنان عليه تحمل مسؤولياته وفتح باب السفر إليه من قبل أي سوري لا يرغب بالعودة الى وطنه الذي باتت غالبية مناطقه مستقرة وآمنة.
وبالسياق، حذر الوزير السابق وديع الخازن “من طريقة معالجة مسألة اللجوء السوري ووجوده على الأراضي اللبنانية بعد ما صدر عن البرلمان الأوروبي من عودة نغمة التوطين من الزاوية الفلسطينية أصلا، والسورية تحت ستار حل أزمتهم على حساب لبنان وسائر دول الجوار التي لجأوا إليها”. ولفت الى ان “التوطين هو قنبلة موقوتة ويمثل أعلى ناقوس خطر من نوعه مع وجود نية إسرائيلية لتوطين الفلسطينيين والنازحين السوريين في أراضي الشتات”.
وقال الخازن في حديث لموقع المنار “في حمأة ما يجري من تطورات خطيرة الملامح ولا تُنبئ بالخير، مع التصعيد الإسرائيلي، إنطلاقا من الخرق السافر لأجواء لبنان ومياهه وأراضيه تحت هذا الضجيج الحربي لتكشف عن حقيقة ما قد يُؤدّي إليه الموقف الأخير للبرلمان الأوروبي من غرق زائد للبنان في الديون”. وتابع “مما يوحي أنها مُقدمة لحل أزمة اللاجئين والنازحين على حساب لبنان ديموغرافيا وسياديا في صيغته التي تُنافي طبيعة التركيبة الصهيونية العنصرية وفي تجاوز فاضح لقرارات الشرعية الدولية وكل الخطوط الجغرافية والتاريخية تمهيدا لختم مصير عودة اللاجئين إلى ديارهم بالشمع الأحمر”.
يبقى ان على اللبنانيين كما يجمعون على موقفهم الرافض لاي توطين على ارضهم، الخروج بموقف وطني واحد جامع من ملف الناحين السوريين وعدم إدخال هذا الموضوع في بازارات السياسة والمصالح الضيقة والبحث دائما عن مصلحة لبنان للتخفيف عنه فهو يمر بمرحلة ضاغطة على مختلف الصعد غير خافية على أحد.
المصدر: موقع المنار